يمكنني أن أذهب لأقص شعري وعندما لا يعجبني ما صنعت يدا الحلاق أستطيع أن أشتكي، كما لي الحق أن أضع ثيابي عند المكوجي وعندما تحترق أو ُتلدع أتصل بقسم الشكاوي لتعويضي، حتى عندما يأخذ مني سائق التكسي 20 ليرة زيادة أو حتى أقل من 20، كإضافة إلى المبلغ الموجود على العداد، بكل بساطة سآخذ رقم السيارة وأبلغ عنه وسيتبهدل شر بهدلة، أما إذا اشتريت كتباً وثبت عدم صحتها أو دقة ترجمتها خلال قراءتي لها، فإن ما حدث من استهانة لعقلي لن يذهب سدى بل يمكنني أن أوصل صوتي وسيتم تطيب خاطري.. كم تبدو الحياة مريحة وفيها الكثير من التعويض في ظل (قانون حماية المستهلك)، الذي يحمنيي ويحمي جميع المستهلكين من جشع التجار ونهب المحتكرين وسوء معاملة المطاعم وسائقي التكسي، فهو يشمل فقرتين مهمتين للغاية: منع الغش والتدليس..التموين والتسعير، إذاً أنا شخص مؤمن على كل حركاتي وسكناتي برسم القانون. والجملة الدائمة التي ُتقال (أن العيب ليس في القانون إنما العيب في التطبيق)، فهذه المرة ليست دقيقة حسب ما يرى القائمون على تطبيق القانون، فعماد الأصيل مدير مديرية حماية المستهلك لديه كم هائل من الضبوط العدلية والعينات المسحوبة والشكاوي المقدمة، وكذلك لديه مكافأة معنوية لكل مفتش يتمكن من سحب عينات من السوق ويثبت أنها غير مطابقة للمواصفات ولكل مفتش يتمكن من ضبط مخالفة نوعية مثل عسل مغشوش أو لحم غنم مفروم مع لحم حمير أو ما شابه من المخالفات التي تندرج تحت اسم المخالفات النوعية. إذاً أين تكمن المشكلة؟ أولاً: في آلية عمل دوريات التفتيش نفسها من حيث قلة عددها نسبة إلى عدد المناطق وفي اعتماد الكثيرين من الباعة والتجار وأصحاب المطاعم والورشات على تقديم الرشوة للمفتشين ليغضوا النظر، والسياسة المتبعة منذ عهد قديم ولم تتغير حتى الآن، ثم إن الكشف عن المخالفة وإغلاق محل مخالف لا تكفي لعدم قيام المعني بالغش أو التدليس مرة أخرى، فالعقوبة وحدها لا تغير سلوك عمره سنوات. ثانياً: في قلة ثقتنا بالحصول على حقوقنا، وبطء الحصول عليها بعد تقديم الشكوى، هذا إذا تم إثبات أننا أصحاب حق بالدرجة الأولى، وأخيراً في عجزنا جميعاً عن قلع شجرة الفساد من جذورها والاكتفاء فقط بتقليمها. الخبر
|