كل المؤشرات تؤكد، أن الساحة الصناعية السورية، ما تزال
مفتقرة لنوازع التخطيط السليم، ولدراسات الجدوى الاقتصادية الجادة، التي
من شأنها أن توصلنا إلى القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة والمجدية وذات
الفعالية المؤكدة. والأنكى من ذلك فعلاً أن هناك فروعاً صناعية "مدروسة خالصة"
حيث يقوم الواقع نفسه بدراستها بشكل أتوماتيكي، وكأكبر خبير دراس في هذا
المجال، ولكن ... مع هذا، فإننا ندع مثل هذه الدراسات للواقع تمر من
أمامنا هكذا ببساطة، ونحن نُشيح الطرف عنها بعدم اكتراثٍ ولا مبالاة، وكأن
شيئاً لم يكن! من دراسات الجدوى هذه، التي أنجزها الواقع بقوة، تأتي دراسة سلسلة جاهزة، لإقامة مصنعٍ، لا بل مصانع عديدةٍ وكثيرة لإنتاج البيرة. نعم... فقد أثبتت سورية براعتها في إنتاج هذا المشروب من
خلال شركتي البيرة في دمشق وحلب- بردى، والشرق- حيث لم تتمكن هاتان
الشركتان من الاكتفاء بتنفيذ خطتيهما الإنتاجية واصطرتا- أمام الطلب
الشديد- على العمل خلال أيام العطل الرسمية، وتجاوزتا بذلك فعلاً خطتيهما
الإنتاجية، وتمكنتا من تسويق كامل الإنتاج. كل هذا... والسوق السورية مليئة بالعديد من أنواع وأصناف
البيرة المستوردة، إن كان من لبنان أم من الأردن أمن من مصر، وغيرها،
فاتفاقية التجارة الحرة العربية لم تدع عائقاً أمام دخول أيّ مُنتج عربي
إلى الاسواق السورية، ومع هذا بقيت بيرة بردى والشرق، هي الأكثر رغبة
والأكثر طلباً، وهي الأطيب والألذ فعلاً، ما يعني أن الإدارة الصناعية في
سورية، هي قادرة، ودون أية دراسةٍ مسبقة، على أن تُبادر فوراً إلى إقامة
مثل هذه المصانع الناجحة، لتملاً أسواقنا بمنتجاتنا، وتكتسح أسواقاً
خارجية كثيرة، فجودة التصنيع هنا لا تستطيع أن تجاريها جودة أخرى. لا بل ولسوف أذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، وأطالب الإدارة
الصناعية بإحداث مؤسسةٍ جديدة مستقلة، ودعونا نسميها اسماً من فحواها، كأن
نقول: المؤسسة العامة للخمور، أو المؤسسة العامة للمشروبات الروحية، أو
شيء من هذا القبيل، وتنضم إليها جميع شركات المشروبات الروحية العامة
القادمة، والحالية والمتمثلة بشركتي الميماس والريان، وتتفننُ هذه المؤسسة
في زيادة التصنيع وفي براعة التسويق لتكتسح أسواقنا الداخلية وأسواق الدول
العربية منها والأجنبية. أقول هذا وأنا أنتشي في – باب توما- ولم أعد أدرك جيداً إن
كنتُ مخطئاً.. وأعلنها أنني أساهم الآن في تسويق منتجات هذه المؤسسة
المفترضة، وأرى من حولي العديدين الذين يساهمون مثلي... طوعاً ... بكثير
من السعادة!!
علي محمود جديد
|