المحامي
مأمون الطباع
-
دمشق -
***************************************************
لماذا نكتب ؟
نكتبُ لنمزق ما كتبناه قبل أن يمزقه
غيرنا..
نكتب ُ , ليرصد النحويون أخطاءنا ... و
ليعلن العروضيون الفراهيديون أشعارنا...
نكتب , ليعترض الناسخون على إهمالنا
للفواصل و النقاط..
نكتب , لنشغل مساحة فارغة في صحيفة
يتركها رئيس التحرير حتى آخر لحظة بانتظار خبر وفاة مسؤولٍ أو وجيه , أو صورة وزير
يقص شريطاً إعلاناً بافتتاح مشروع لم يكتمل ...
نكتب إلى قارىء يسعى لتأمين خبز أطفاله
, و ليس في جيبه فائضٌ لشراء جريدة أو مجلة ...
نكتب لمتعبٍ ينتظر المساء ليتجول في
أقنية التلفاز , لينعم بغنج هيفاء وهبة و
خفة دم نانسي عجرم .... لا ليضاعف همومه بقراءة ما نكتب...
نكتب لمسؤولٍ ليس لديه وقت للقراءة ,
وحتى الوقت الفائض لديه فإنه مخصص للمتمجدين بإنجازاته و حكمته.
نكتب لمسؤول فاسدٍ و مفسد يصرف الفائض
من وقته في محاسبة من قدم لهم خدمات بفضل شطارته و حنكته دون أن ينكشف و ينكشفوا
معه ..
نكتب لمسؤولٍ نزيه ينتظر المساء ليتحلق
على طاولة مع أصدقائه و يصرف الوقت الفائض في لعب الطرنيب و الليخا و الباصرة , ثم
في التهام زبادي التسقية بسمنة و بزيت على حساب المغلوب ... شاكراً الله على نعمته
, منتظراً آذان الصبح ليسبق الإمام إلى الصلاة , ثم ينام حتى صلاة الظهر ليتفرغ
بعد ذلك لمعالجة هموم الوطن و المواطنين.
نكتب لفئران لا تجد غذاءً في مجارير
الفقراء فتلتهم الصحف التي تنشر لنا.
نكتب .. لتمسح الأمهات نوافذ بيوتها
بالصحف التي تنشر لنا , فتلعننا و تلعنها , لأن نوافذها تزداد اتساخاً بسبب الحبر
السىء الذي اختارته لجنة المناقصات.
نكتب و لا نريد إزعاج الرقيب الساكن في
خلايانا ..
نكتب و لا نريد إحراج رئيس التحرير
الحريص على منصبه و كرسيه ..
نكتب لقارىء لا يرى و لا يسمع...
نكتب على الحيطان أفضل مما يُكتب في
الصحف..
نكتب بدموعنا .. بآهاتنا ... بما تبقى
لدينا من إحساس.
نكتب لقارىءٍ لم تلده أمه بعد
المحامي
مأمون الطباع
- دمشق-
|