دمشق-سيرياستيبس:
ليست المرة الأولى
التي تتم الإشارة فيها إلى ضرورة الإقلاع عن نظرية نسف كل ما أنجزه الخلف، والبدء من
جديد إما لاعتبارات متعلقة بعدم قناعة الإدارة الجديدة بما أنُجز سابقاً أو لرغبتها
بتقديم مشروع يحمل اسمها وبصماتها. وعلى اعتبار أن التغيير الوزاري في السنوات الأخيرة
بات متسارعا لدرجة أن عدد الوزراء الذين يصمدن في مناصبهم لسنوات طويلة أصبح قليلاً،
فإن كل الرؤى والاستراتيجيات المقدمة لن تجد في ظل هذه الحالة طريقها للتنفيذ وهذا
أحد أهم الأسباب التي جعلت عملية إصلاح القطاع العام تستهلك وقتا طويلا ودون أن تنجز
شيئا على أرض الواقع.
لكن ربما تكون الخطوة
الحكومية الأخيرة المتمثلة في انعقاد المجلس الأعلى للإصلاح القطاع العام الاقتصادي
والبدء بالصناعات النسيجية الأكثر جدية، فعلى الأقل هي خرجت من إطار اجتماعات العصف
الفكري لمحددات عملية الإصلاح بإطارها الشامل واتجهت نحو الجراحة الاختصاصية لكل قطاع
ومستوى النقاشات والنقد والحزم تشير إلى أن الاستمرار بهذه الطريقة يمكن أن تكون هناك
نتائج ايجابية خلال الفترة القادمة. لكن من الضروري الإشارة إلى بعض الملاحظات المسجلة
والتي من الضروري تجاوزها ومعالجتها للوصول إلى نتائج مرضية، إذ أن بعض جهات القطاع
العام الاقتصادي تطرح مشاكلها وهمومها وحلولها تماما كما كانت تفعل قبل الحرب، في حين
أن سنوات الحرب غيرت من عمل القطاع العام وجاهزية منشآته ومعامله وهي تطورات يفترض
أن تفرض حضورها ليس فقط في حساب الأرباح والخسائر وإنما في الحلول والمشروعات البديلة
التي يفضل أن تكون مفصلية في عمل القطاع العام ومستقبله من قبيل اتخاذ قرارات واضحة
وصريحة تتعلق ببعض أنشطة واستثمارات القطاع العام الخاسرة وغير المجدية، و الاتجاه
نحو تخفيف أو الحد من تدخل الوزراء في عمل المؤسسات والمنشآت الحكومية وتركها تعمل
تحت مظلة واسعة من الصلاحيات الممنوحة للإدارات، فحتى الآن لم يقترن أي فعل إصلاحي
بمنح الإدارات العامة مسؤوليات وسلطات تخولها إنجاح ذلك الفعل الإصلاحي شريطة منحها
لإدارات موثقة على مستوى الكفاءة والخبرة والنزاهة، وغير ذلك ستتحول الصلاحيات إلى
مشروع فساد جديد.
كما أنه من الضروري
تشجيع جهات القطاع العام على الاستفادة من الدراسات والأبحاث السابقة والتي أنفقت عليها
مئات الملايين من الليرات لتدفن أخيراً في أدراج المكاتب والطاولات وبعضها إن لم يكن
معظمها على درجة عالية من الموضوعية والمصداقية.
|