من
المفارقات أن الكثير من السلع المحلية التي يعادل ثمنها جزء كبير من دخول
السوريين تعد الأرخص في الخارج، والمفارقة أيضاً أن المنتجين يضطرون
للتحايل على الدخل المنخفض بإنتاج نوعية سيئة تتناسب مع هذا الدخل، وإلا لن
تجد البضاعة من يشتريها إلا ما ندر.
أمين سر جمعية الأحذية والجلديات في حلب سامر ولاية أكد أن إنتاج الحذاء
السوري المصنع من الجلد هو الأرخص عالمياً رغم كل الظروف التي تمر فيها
البلاد، وأن المنتج المحلي ينافس المنتج التركي والأوروبي من حيث المواصفة،
والصيني من حيث السعر، وأكد أن بعض الورش تنتج حذاء جلد طبيعي بتكلفة هي
الأقل عالمياً لرخص اليد العاملة في سورية إذ لا يتجاوز سعر القطعة
المصنوعة من الجلد الطبيعي 10 دولارات وهذا التكلفة لم تعد موجودة في كل
دول العالم.
قتل الإبداع
وذكر أن المشكلة التي يعانون منها محلياً هي انخفاض الدخل الذي يدفعهم
لتصنيع نوعيات أقل جودة وتكلفة لتتناسب مع الدخل المنخفض، لأن القطع ذات
المواصفات العالية لا يجدون لها زبائن إلا ما ندر، وهذا ما يجعل الأنواع
الأكثر انتشاراً هي الأنواع المصنعة بمواصفة سيئة، وأن هذا الوضع يحول دون
البحث عن تطوير الإنتاج المحلي من الأحذية، خاصة بعد إغلاق الأسواق
التصديرية، حيث كانت سورية تصدر الأحذية إلى العراق وأوروبا، فقبل الأزمة
كانت نسبة التصدير إلى العراق تصل إلى 70% ، لكنها انخفضت الآن إلى 15% بعد
إغلاق الحدود بين البلدين، وتحول الزبون العراقي إلى المنتج التركي، ولكن
يعتقد ولاية أنه مع عودة معبر البوكمال للعمل يمكن للمنتج السوري أن يعود
إلى الأسواق العراقية بقوة لأنه يستطيع المنافسة كجودة وسعر، ويعتقد أن
يظهر فرق ملحوظ في طلب الأسواق العراقية على الحذاء السوري مع بداية فصل
الشتاء. وأكد ولاية أن حصة سورية من التصدير إلى الأسواق الأوربية كانت
تشكل 10%، وتصل إلى 20-25% للحذاء النسائي في الأسواق الروسية.
الكهرباء الغائبة
وأكد ولاية أن عدد ورش الأحذية تراجع في حلب التي تنتج 60% من إنتاج سورية
من 10 ألاف ورشة إلى 1500 ورشة فقط، وأن الأمور بدأت بالتحسن بعد تحرير
منطقتي صناعة الأحذية في حلب من الإرهابيين( الصالحين الهلوك)، حيث بدأ
الحرفيون بالعودة إلى ورشهم في تلك المناطق، بعدما هجروها واعتمدوا الأقبية
للعمل خلال الحرب، ولهذا يؤكد ولاية أن تخديم المناطق التي تحررت
بالكهرباء سيخفض من كلفة إنتاج الحذاء لأكثر من 500 ليرة، لأن تكاليف
الحرفي في الشهر من استخدام الأمبيرات لتوليد الطاقة يصل إلى أكثر من 150
ألف ليرة وهذا الرقم يتم توزيعه على المنتج.
تنتج الورشة في اليوم 10- 15 طقم أحذية، حسب ولاية، أي ما يعادل نحو 1300 طقم أحذية تنتجها حلب في اليوم.
وأكد أن متوسط كلفة إنتاج الحذاء في سورية تتراوح بين 15- 16 ألف ليرة،
وبعد إضافة حلقات الربح يصل للمستهلك بسعر لا يقل عن 22 ألف ليرة، وهذا حسب
نوعية المنتج فقد تزيد أو تنقص عن ذلك.
أسواق مغلقة
وعن أبرز الصوبات التي واجهت صناعة الحذاء خلال سنوات الحرب ذكر ولاية أن
تأمين المواد الأولية من أكثر الصعوبات التي واجهتهم في عملهم، سواء مادة
الجلد الطبيعي أو الصناعي، وكذلك الصباغات..الخ، يضاف إلى هذا صعوبة
التصدير التي جعلت كمية لإنتاج أكبر من الطلب بعدما قلص أغلب المواطنين
مخصصاتهم السنوية من 3-4 أحذية في العام إلى حذاء واحد وربما أقل.
تعتمد صناعة الأحذية في سورية على الورش، إذ أن عدد المعامل لا يتجاوز 2- 3
معامل، وأن الكثير من شيوخ الكار في صناعة الأحذية انتقلوا إلى دول مجاورة
خلال الحرب كمصر وتركيا، وهنالك الكثير من أصحاب الورش غير مهنته وترك
صناعة الأحذية بسبب تكاليف الإنتاج المرتفعة وصعوبة التسويق.
تناقص الخبرات
صاحب ورشة في دمشق أكد أن 80% من ورش دمشق التي تصنع الأحذية توقفت عن
العمل بعدما تناقص عدد الأيدي الماهرة وتراجع رأس المال الذي يمكًن صاحب
الورشة من العمل بعد ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في الصناعة لأكثر
من 30 ضعفاً خلال سنوات الحرب وهذا نتج عنه تآكل في رأس المال أصحاب
الحرفة.
ورأى صاحب الحرفة أن قرار منع تداول الدولار أثر على الحياة الاقتصادية
للبلد سواء الصناعية أو الزراعية، وأكد أنه لا يدعوا إلى إفلات الدولار
ولكن بالمقابل ليس منعه بهذا الشكل الذي تسبب بشلل اقتصادي. تحقيق يسرى ديب
|