لم تكن تدرك سوسن ابنة الثالثة والعشرين أن نهاية مشروع زواجها
“الطلاق البغيض” رغم زواجها من شاب عاشت معه قصة حب لخمس سنوات، وبعد أن
حصدا ثمرة زواجهما وأنجبا طفلا بعمر الشهرين حل الطلاق والسبب بخل الزوج
الشديد، لينتهي مشروع العمر وتكمل الأم تربية وليدها وحدها متحملة كل
ضغوطات وهموم الحياة، وحال سوسن ينسحب على المئات بل الآلاف ممن جارت عليهن
ظروف الحياة والحرب التي سجلت سنواتها أرقاما مخيفة في الطلاق وما أفرزته
من عقبات ومشكلات مجتمعية تحتاج لسنوات لتعود إلى سكتها الصحيحة ” هذا إن
عادت”..!
أبغض الحلال
الزواج مشاركة عاطفية ووجدانية قوامها المحبة والمودة والتفاهم بين
الزوجين، فإذا انعدمت تلك المشاركة العاطفية كان الفراق والطلاق الذي لا
يخلو من ضرر ومخاطر مؤثرة فهو “أبغض الحلال”، هذا ما أشار إليه المحامي
ياسر محرز، مبينا أن الطلاق هو حل رابطة الزواج الصحيح وإنهاء العلاقة بين
الزوجين في الحال والمال، ويقع الطلاق لغة أو إشارة أو كتابة، و للطلاق
نوعان، طلاق رجعي وهو الطلاق الذي يملك الرجل أن يعيد زوجته دون عقد جديد
ما دامت في العدة، وطلاق بائن وهو الطلاق الذي لا يملك الرجل إعادة مطلقته
إليه إلا بعقد جديد ومهر جديد. أحقية الطلاق
ولكن متى يحق للمرأة أن تطلب الطلاق؟ أوضح محرز: يجوز للمرأة أن تطلب
الطلاق إذا امتنع الزوج عن الإنفاق عليها والقيام بواجباته الزوجية، وللعلل
والعيوب والأمراض مثل إصابة الزوج بالعنة وعدم قدرته على المجامعة الجنسية
والجنون والغيبة عن منزل الزوجية وهنايحق للزوجة إقامة الدعوى بعد مرور
سنة على غيابه عن المنزل وكذلك الحكم على الزوج بالسجن لمدة ثلاث سنوات،
كما يحق للزوجة طلب التفريق للشقاق والضرر فقد يحصل شقاق بين الزوجين وقد
يضر أحدهما بالأخر.
وأضاف: يشترط بالنسبة للمطلق الزوج أن يكون متمتعا بالأهلية الكاملة
للطلاق، وبالنسبة للمطلقة الزوجة أن تكون زوجة حقيقية أو حكما، فالزوجة
الحقيقية هي التي لايزال رباط الزوجية قائما بعقد صحيح، أما الزوجة حكما هي
المعتدة من طلاق رجعي، ويجب أن يقع الطلاق بوضوح وصراحة، ويقع باللفظ
والكتابة ويقع من العاجز بإشارته المعلومة، والأصل بالطلاق أن يكون بيد
الزوج لكن القانون منحه حق توكيل وإنابة شخص في الطلاق وإتمام إجراءاته
القانونية،ويجوز للزوج تفويض زوجته طلاق نفسها منه، مشيرا إلى أن الطلاق لا
يقع من السكران ولا المدهوش ولا المكره. صعوبة تحمل الواقع المعاشي
تدخل الأهل يلعب دورا سلبيا باستمرار الحياة الزوجية وانعدام القيم
الأخلاقية للبعض والعيش حياة اللهو والمساكنة خارج بيت الزوجية، حسب محرز،
مبينا أن شبكة التواصل الاجتماعي والواتس أب والانترنت شجع مثل هذه
الممارسات غير الأخلاقية مما ينعكس سلبا على استقرار الحياة الزوجية وكثرة
حالات الزنى، كما أن الحرب الظالمة من الأسباب الرئيسة لازدياد حالات
الطلاق، فالكثير خسر أملاكه ومنزله وعمله في ظل غلاء المعيشة وصعوبات
الحياة حيث تمّ تسجيل نسب مخيفة ومرتفعه من حالات الطلاق، والكثير من
الأزواج لم يعد قادرا على تحمل الواقع الاقتصادي والمعاشي فيسعى للتنصل من
المسؤوليات الملقاة على عاتقه بالإقدام على الطلاق تهربا من تلك
المسؤوليات. ارتفاع حالات الطلاق
وأشار إلى تراجع معدل الزواج في سوريا وتحديداً خلال الأشهر العشر الأخيرة
من عمر الأزمة إلى أكثر من 40%، مقابل ارتفاع حالات الطلاق المسجلة ووصولها
عتبة الـ 45% ، وأشارت مصادر إلى أن أكثر من 75% من حالات الطلاق تمت
بالتراضي بين طرفي النزاع عن طريق إجراء التفريق الرضائي” المخالعة
الرضائية”وتثبيتها في المحاكم الشرعية، كما لوحظ أن أغلب حالات الطلاق
سببها التفريق لعلة الغياب، وحسب الإحصائيات الصادرة عن قصور العدل ووزارة
العدل فإن دمشق العاصمة سجلت ارتفاعا في نسب الطلاق في السنوات الأخيرة،
حيث بلغت نسبة دمشق العاصمة/6549 / حالة طلاق تحت مسمى بند تفريق لعلة
الغياب، ورفعت العديد من الزوجات دعاوى تفريق بسبب غياب أزواجهن دون أن
يعرفن مماتهن من حياتهن، لافتا إلى أنه ومن خلال التدقيق في حالات الطلاق
لوحظ نسبة كبيرة في طلاق القاصرات من أصحاب صغيراتالسن، علما أن القانون
السوري وقانون العقوبات في المادة/ 469/ منه عاقبت من يقدم على تزويج
القاصر بدون رضى وليها بالحبس من شهر لغاية ستة أشهر، وبالغرامة من خمسين
ألف ولغاية مئة ألف ليرة سورية. زواج القاصرات
ونوه محرز إلى ازدياد زواج القاصرات زمن الحرب، حيث تم كشف شيكات دولية
لتزويج واستغلال القاصرات جنسيا مستغلين الظروف المعاشية الصعبة وفقر
الأهل، مؤكدا أن للطلاق أثر واضح في تفكك الأسرة وتشرد الأبناء وضياعهم
وانغماسهم في مجتمع الرذيلة بسبب غياب رقابة الأهل وفقدانهم الحنان
والرعاية هذا عدا عن الحالة النفسية والميل للعزلة والاكتئاب الذي تظهر
أثاره السلبية مستقبلا. تعاون المجتمع
وفي إطار الحلول الممكنة وللحد من حالات الطلاق قدر الإمكان رأى محرز
بضرورة تشجيع سياسة التسامح والاحترام المتبادل للزوجين،وضرورة دراسة طباع
البعض قبل الإقدام على الزواج، مؤكدا على دور مؤسسات المجتمع في حل المشاكل
الزوجية والتشديد في عقاب من يقدم على تزويج القاصر، ملفتا إلى أن تحسين
الواقع المعاشي يلعب دورا هاما في الحد من حالات الطلاق. تماسك العائلة
هناك تناسب طردي بين ارتفاع حدة الحرب وارتفاع نسب الطلاق،برأي بانة
إبراهيم دكتورة في علم الاجتماع، وأهم أسبابه التفكك الأسري الناجم عن
الحرب، كما أن العامل الاقتصادي زمن الحرب يلعب دورا في إفراز المشاكل
الاجتماعية التي تعتبر محكا مهما الاختبار قوة تماسك العائلة.
تقليدية
وبينت د. إبراهيم أن المجتمع ما زال يوصم الطلاق بوصمة تقليدية سلبية، خاصة
أن المرأة من تابوهات هذا المجتمع، ولذلك يعمل على تقييدها عبر قيود
تقليدية وعرفية خوفا عليها وعلى جسدها من الاستغلال لذلك يتم تزويجها أو
التقييد من حريتها، وهذا العرف ما زالت المجتمعات العربية تدور في فلكه،
وغالبا ما يكون الطلاق نهايةتقابلها بداية جديدة، لكن الأمر مرتبط بقدرة
المرأة ومعرفتها لما تريد وكيف تحافظ على أسرتها، خاصة أن المرأة المطلقة
قد تشكل طعما اجتماعيا للكثير من أشكال الاستغلال الاجتماعي. وانطلاقا من أهمية استمرار الزواج، رأت أخصائية علم الاجتماع بضرورة
العمل على الأسرة من خلال شد أواصرها وتشكيل ورش تدريبية يلتحق بها الأزواج
ليستطيعوا أن يتعلموا فنون وأساليب التواصل والتفاهم والارتقاء بالأسرة. دارين حسن
|