«قدّمنا حالة متخيلة
وفرجة فانتازية في «حارة الضبع». كان ذلك في مسلسل «باب الحارة» فصدّقها
الجمهور، وتبنّاها عدد كبير منه، وصار يعتبرها مضرب مثل للرجولة والشهامة!
وعندما قدّمنا حقيقةً وواقعاً تاريخياً من شارع شيكاغو في عمل يحمل هذا
الاسم، رفضه بعض الناس بذريعة خدشه للحياء العام، رغم أن الشارع موجود
وشخصياته كانت تعيش فعلياً في هذه المدينة! هذا الأمر يستحٌق التوقّف عنده
مليّاً». هذا ما يقوله النجم السوري جمال قبّش لنا عند سؤاله عن الاشتباك
مع الرقيب المجتمعي في مسلسل لعب إحدى شخصياته الرئيسية وهو «شارع شيكاغو»
(كتابة وإخراج محمد عبد العزيز). الحديث يحتاج فعلاً لتأمل نقدي بدون
محاولات القفز من فوقه على عجل، باعتبار أن من يقوله ليس مجرّد ممثل، بل هو
باحث وأستاذ جامعي يحمل شهادة دكتوراه في الفنون المسرحية من فرنسا. أما
المنتج الفني لـ «شارع شيكاغو» فراس الجاجة، فيقول لنا: «كان الهدف من هذا
العمل، إنجاز صدمة إيجابية للدراما السورية، ورمي حجر كبير في بئر رغم أنها
تفور منذ زمن طويل، لكن لم يكن ينتج عنها فن يوازي لهيب الحدث الذي يسيّج
المنطقة! ومنذ تقديم هذا العمل وحتى اليوم، لم نسمع عن مسلسل سوري خالص حقق
ربع ما تمكّنا من الوصول إليه من جدل وإشكال! لذا كان علينا المبادرة
مجدداً بروح خلاقة، والبحث عن جديد يمنحنا شرف المحاولة مرة ثانية، لكسر
السقف الذي سبق أن تخطيناه بارتفاع جديد. هذه المرّة سنكون أمام تجربة
مختلفة ننهل فيها من تاريخ دمشق الحقيقي بأسلوب رصين، يتقّد جوهره من
مقترحه الحكائي، و لا يوفّر فرصة البحث عن أكبر شريحة ممكنة من الجمهور
بطريقة النحو باتجاه عالم الجريمة والغموص والدراما البوليسية» يشرح المنتج
السوري، ويضيف: «إن حقق عداء رياضي رقماً قياسياً في مسابقة الجري 100 متر
مثلاً ومرّ وقت لم يستطع عدّاء منافس كسره، فعليه أن يتفوق على نفسه ويحقق
رقماً جديداً يضاف إلى سجلّه الرياضي، وهو ما نحاول فعله بعد تجربة
«شيكاغو» ومع الشريك ذاته أي محمد عبد العزيز كاتباً ومخرجاً لمسلسل سيكون
بعنوان «ليالي دمشق» وستتناوب على بطولته كوكبة من نجوم الدراما السورية
الذين يصنفّون بأنهم نخبة الصفّ الأوّل».
وفق
المنتج، فإنّ المسلسل الثلاثيني ما زال في طور الكتابة، لكنّه لن ينتظر
اكتمال النص حتى النهاية، لينطلق التصوير، على اعتبار أن عوالمه واضحة
ومتفق عليها مع صاحب «الرابعة بتوقيت الفردوس». لذا ستدور الكاميرا في
الشام خلال الأيّام القليلة المقبلة، وسيقوم على قصص هي خلاصة بحث طويل في
السجلاّت الجنائية السورية، وثّقت وسيتم تصنيعها حكائياً بالقدر الوافي من
التصعيد الدرامي، وستعالج كلّ حلقة أو بضع حلقات بأبطال ثابتين وضيوف
مستمرين، حكاية جريمة غامضة ومشوقة، وكيف تمّ كشفها من خلال شخصية محقق
سوري اشتهر في خمسينيات القرن الماضي هو عبد العزيز الخوجة. إذ تتكئ البنية
الدرامية للسلسلة التي يشتغل عليها على مذكرات الرجل الشخصية، إضافة إلى
بحث عميق في السجلات الجنائية، إلى جانب هامش متخيّل يمنح عمقاً درامياً،
وقيمة مضافة للحدث التشويقي! فالمرحلة التاريخية السورية آنذاك كانت مترفة
بالغنى والتفاصيل، والتقلبّات السياسية العاصفة، فإنه من الطبيعي أن يكون
الفعل السياسي اللاهب عبارة عن خلفية منطقية وجذابة للحدث البوليسي الأصيل.
وبهذا يكسب المسلسل مسحة جاذبية تكسر رتابة التاريخي، وسيغوص في حياة
السهر والخمارات وليل دمشق الصاخب في تلك الحقبة الزمنية التي شوّهتها
الدراما الشامية التقليدية وقدّمتها بصورة متخلفة. وفي السياق ذاته سيوظف
أرشيف وثائقي يملكه منتج العمل لخدمة الحكاية من خلال تقنية مزج بين
الوثائق المصورة، والحدث التمثيلي، وهو ربما يعطي بعداً تحقيقياً
وتوثيقياً، إلى جانب غاية الترفيه القصوى التي يبحث عنها «ليالي دمشق» عساه
يكون دفقة أمل جديدة في دراما سورية محلية خالصة تعود إلى الواجهة!