سيرياستيبس : بينّ الخبير العقاري الدكتور عمار يوسف أن عقدة المنشار بالنسبة
لسوق الإيجارات تكمن في سعر الصرف المتقلب وغير المستقر والذي يؤثر سلباً
بشكل كبير في وضع أسعار واضحة وثابتة للإيجارات السكنية. وأضاف إن
الإيجارات التي سجلت مؤخراً في دمشق وريفها لم تحدث من قبل، حتى في أصعب
سنوات الأزمة لم نشهد هذا الارتفاع غير المسبوق، حتى أصبح إيجار غرفة
مستودع أو قبو يتجاوز 75 ألف ليرة سورية، كما توجد منازل على العظم تؤجر
بحوالى 40 ألف ليرة شهرياً، والمستفيدون من تأجيرها هم أصحاب العقارات
أنفسهم أو النواطير للأبنية السكنية التي فيها هذه البيوت، حيث إن الارتفاع
الجنوني للإيجارات أرغم العديد من العائلات لاستئجار بيوت على العظم «غير
مكسوة ويضعون أقمشة وستائر النايلون على الشبابيك والأبواب ليتمكنوا من
الإقامة فيها. وأشار إلى أن إيجار المنازل في الضواحي السكنية أصبح لا
يقل عن 100 ألف ليرة سورية كحد أدنى، ومنها منازل بإيجارات 200 ألف وأكثر
والبعض يطلب مبلغاً يصل إلى 500 ألف ليرة سورية للمنازل في الأحياء السكنية
الراقية بدمشق، مع سداد أجار سنة مقدماً بسبب تذبذب سعر الصرف، حيث إن
القطبة المخفية للاقتصاد السوري هي عدم قدرة المصرف المركزي على ضبط سعر
الصرف، وهو الأمر الذي انعكس سلباً على جميع نواحي الاقتصاد السوري سواء في
القطاع المعيشي أم التجاري أو الصناعي وغيرها. ولفت إلى أن نحو 40
بالمئة من الشعب يعيش على الحوالات الخارجية لتأمين تكاليف المعيشة وجزء
كبير من التكاليف يذهب للإيجارات، بينما البعض الآخر يعمل بأكثر من مهنة أو
نجد أن جميع أفراد العائلة يعملون لتأمين تكاليف الإيجارات والمصاريف
المعيشية الأخرى، كما أن هناك شراكة لعدد من العائلات بالسكن في منزل واحد
والمشاركة في تسديد الإيجار. وأوضح يوسف أن بدل الإيجار هو بدل المنفعة
الخدمية لصاحب العقار، بمعنى أن مبلغ الإيجار ماذا يعادل كخدمة لصاحب
العقار؟ ويجب المحافظة على قيمة الخدمة التي يقدمها مبلغ الإيجار، فعندما
تنخفض قيمة العملة ستنخفض قيمة الخدمة المقدمة من بدل الإيجار، ولذلك يتم
رفع مبلغ الإيجار ليعادل قيمة الخدمة المطلوبة، لأن صاحب العقار يؤمن
المدخول المادي لمعيشته من إيجار العقار، ولذلك كلما ارتفعت أسعار السلع
والخدمات التي يسددها صاحب العقار سيضطر لرفع قيمة الإيجار ليعادل هذا
الارتفاع في الأسعار. وكشف الخبير الاقتصادي أن الإيجارات التي تسدد
حالياً أرخص مما كانت عليه قبل الأزمة إذا ما قورنت بتغيرات سعر الصرف،
وكمثال فإن أجار منزل في ضاحية قدسيا بريف دمشق يعادل خمسة آلاف ليرة سورية
وحالياً أجاره نحو 200 ألف ليرة سورية، وقبل الأزمة فإن 5 آلاف ليرة سورية
كانت تعادل 100 دولار، وحالياً 200 ألف ليرة سورية تعادل 50 دولاراً، حيث
ارتفع سعر الصرف بحوالى 70 ضعفاً، وارتفعت أسعار السلع والخدمات بحوالى 100
ضعف في الارتفاع الأخير لسعر الصرف. وأشار يوسف إلى أن المبادرات التي
تطرح عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن أشخاص يتنازلون عن إيجارات عقاراتهم
لعدة أشهر لمساعدة العائلات المقيمة في هذه العقارات لم تتجاوز صفحات
التواصل الاجتماعي وعلى أرض الواقع لم نشهد أي حادثة مماثلة لهذه
المبادرات. وأكد يوسف أنه من غير الممكن للحكومة أن تلعب أي دور في ضبط
سوق الإيجارات ما دام هناك غلاء وتقلب في سعر الصرف، فلا يمكن تحديد أي
إيجارات على أصحاب العقارات ما لم يتم ضبط وتثبيت سعر الصرف الذي وحده قادر
على ضبط جميع الأسواق والخدمات. وأشار يوسف إلى أن بين 25 بالمئة و30
بالمئة من العقارات في سورية هي مؤجرة، مع ملاحظة مهمة بأنه بين 30 بالمئة
إلى 40 بالمئة من العقارات القابلة للسكن في سورية أصبحت خارج الخدمة
العقارية، إما خارج الخدمة كلياً أو جزئياً وإما لعدم وجود بنى تحتية لخدمة
هذه العقارات، بينما نتج خلال سنوات الأزمة نحو المليون وحدة سكنية
مخالفة. الموضوع تعدى حدود المبالغة والتهويل واللامنطق، فالمغالاة في
تأجيج أسعار العقارات سواء البيع للعقارات والمنازل أو حتى ايجارات الشقق
وصل إلى مستويات من الصعب تقبل أرقام قيمها وهذا التأجيج خلال المرحلة
الراهنة ناجم عن عدم وجود قنوات استثمارية بديلة للعقار بالتزامن مع وجود
مضاربين رفعوا أسعار العقارات خلال السنوات الماضية بطريقة جنونية، وبالرغم
من مكابرة هؤلاء المضاربين حتى اللحظة الراهنة إلا أن قدرتهم على
الاستمرار في المكابرة ولفترة طويلة لن تدوم حسب توقعات بعض المراقبين. الوطن
|