سيرياستيبس :
إشكاليات عديدة تتعلّق بعمل جمعيات التعاون السكني في محافظة طرطوس
اليوم تحول دون استكمال أعمال تلك الجمعيات، وتسليم المكتتبين فيها لشققهم
السكنية، التي سجّل بعضهم عليها منذ سنوات وعقود طويلة، ما يتطلّب القيام
بدور فعّال، وتنشيط عمل مديرية التعاون السكني، لحسم الخلافات المستعصية
بين أعضاء تلك الجمعيات، التي تحول دون استكمال العديد من المشاريع، في حين
بات دور مديرية التعاون السكني مقتصراً على حضور اجتماعات هيئة
المستفيدين، والهيئة العامة في الجمعيات دون أي تدخل يُذكر، والسؤال الذي
يُطرح هنا أنه وبعد حلّ اتحاد التعاون السكني، هل بإمكان مديرية التعاون
البديلة في محافظة طرطوس كمثال أن تنقذ هذا القطاع مما لحق به خلال عقود من
الزمن من تخبط بعمل الجمعيات، والفساد والتقصير بالعمل المرتبط ببعضها،
وهل لديها الإمكانيات لتحقيق ذلك؟.
قضايا إشكالية
اليوم هنالك من يرى أن المشكلات تفاقمت، واستفحلت في معظم الجمعيات
كنتيجة لضعف الدور الرقابي عليها، وبرمجة قراراتها حسب مصالح رؤساء وأعضاء
مجالسها، وكمثال على الإشكاليات المتعلقة بعمل الجمعيات في المحافظة ما وصل
إلينا حول جمعية رواد الشام السياحية التي نفّذت منذ فترة مضت مشروع
شاليهات سياحية في منطقة “الحميدية” بطرطوس، فعلى الرغم من مضي فترة طويلة
على تأسيس الجمعية (أكثر من عشر سنوات)، مازالت الخلافات بين أعضائها تحول
دون تسليم المقاسم بشكل مرضٍ ومقبول للأعضاء لاستكمال المشروع، وهناك
اعتراض من المكتتبين وصل للصحيفة حول آلية الإفراز نتج عنه بطء في عملية
التسليم.
ومتابعة لهذه الإشكالية تمّ سؤال بعض المكتتبين في الجمعية، حيث أكدوا
أنهم طالبوا إدارة الجمعية مراراً بالإسراع في عملية تسليم سندات الملكية
لأصحابها، والعمل على تنظيف الشاطئ، وتنفيذ إنارة للشوارع، كما طالبوا
بانتخاب لجنة شاغلين، ونقل ملكية الأسطح من الجمعية إلى الشاغلين، وتصفية
الكلفة النهائية لكل مقسم، وخاصة في ظل الالتزام بدفع المستحقات والمبالغ
المالية المطلوبة، لكن كل هذه الطلبات لم تُنفذ!!.
من المستفيد؟
التأخير في عملية التسليم بدا أنه جاء على خلفية خطة لتنفيذ مقاسم
جديدة تمّ الترويج لها مؤخراً من قبل إدارة الجمعية عن طريق بيع الأسطح في
المشروع، وإضافة طابق جديد مقابل ما قيل إنه خدمات إضافية سيتمّ تنفيذها في
المجمع، مثل الإنارة والتحسينات التي تطال الشاطئ، وهي خدمات وعد بها
المستفيدون من المشروع سابقاً، لكنها لم تُنفذ، فكان الطرح أن يتمّ بيع
الأسطح مقابل تقديم تلك الخدمات، لكن إشكالية الطابق الإضافي تلقى معارضة
معظم الأعضاء، وهو ما بدا في اجتماع الهيئة العامة، وتعطيل اجتماع هيئة
المستفيدين، ويستند الطرف المعارض لبيع الأسطح إلى أسباب عدة، منها ضيق
الوجائب والمساحات المخصّصة، فهو مطلب يصبّ في مصلحة إدارة الجمعية بزيادة
العمولات والسمسرة، والأجدى من الإدارة -بحسب معظم المكتتبين- هو تحسين
الخدمات وتخديم المجمع بالنظافة والكهرباء وغيرها قبل التفكير بزيادة
الاستثمار في مقاسمها، فبعد أن تخصّص الأعضاء بالمقاسم منذ عشر سنوات لم
تنفذ الجمعية الواجب المعروف، وهو ما وعدت به كإنارة المجمع وتسوية الأرصفة
والشارع بشكل لائق، وإزالة الأعشاب والشجيرات الضارة التي تخلخل تماسك
الشارع، والأرصفة التي تمتلئ بالحشرات والزواحف الضارة، كذلك يسأل بعض
المكتتبين حول عدم إزالة الصخور التي طالبوا بها مراراً لمسافة ٥ أمتار فقط
لدخول الشاغلين إلى البحر دون تعرضهم للانزلاق والكسور رغم وعود الإدارة
بإنجاز ذلك كله منذ عشر سنوات، ألم يكن من الأجدى قيام الإدارة بواجبها ثم
التفكير بأبواب رزق أخرى. وببساطة لا يوجد مساحة بين الأبنية كافية لتخديم
البناء المشغول الآن، فكيف إذا تمّ زيادة طابق آخر بعد أن تمّ على ما يبدو
تغرير عدة جهات بجدوى هذه الزيادة بحسب المكتتبين.
رد الجمعية
من جهته بيّن إبراهيم إبراهيم وهو رئيس جمعية رواد الشام عند التواصل
معه أن هناك بعض العقبات تحول اليوم دون عملية تسليم المقاسم للمكتتبين
والتصفية النهائية للمشروع وإصدار الكلف، حيث تمّ في اجتماع الهيئة العامة
للجمعية عرض كافة التقارير، وتمت الموافقة بأكثرية الحاضرين البالغ عددهم
ستين عضواً، وأثناء طرح الخطة لشراء عقارات جديدة للجمعية تمّ طرح موضوع
بناء طابق ثالث في الجمعية، وهو الأمر الذي نتج عنه بعض الإشكاليات، في حين
لم ينعقد اجتماع هيئة المستفيدين لعدم توفر النصاب القانوني، واليوم ننتظر
تسوية الفضلات مع الجوار قبل إصدار الكلفة النهائية وتشطيب المشروع
بالكامل، علماً أن المشروع تمّ تسليمه أصولاً من قبل المتعهد. كما بيّن
رئيس الجمعية أن هناك أعضاء يقومون بتعطيل الاجتماعات، وحتى حلّ هذه
الإشكاليات ينتظر معظم الأعضاء الذين تواصلنا معهم العمل على إنهاء
المشروع، وتنفيذ الخدمات التي وعدوا بها، خاصة وأن الكثير من أعضاء الجمعية
دون شقق ويضطرون للاستئجار في أماكن مجاورة للشاطئ مع بداية الموسم
السياحي، ويبدو أن وضع بعض العقبات والعراقيل، والحديث عن مشكلات مع الجوار
لم يتمّ حلها، مؤشر لإطالة أمد عملية التصفية النهائية بعد تعطيل عملية
بيع الأسطح، وهي النتيجة التي أقرّتها مديرية التعاون السكني بعد شكوى
مقدمة إليها من أعضاء الجمعية بتاريخ 29/ 4/ 2021، والتي تابعنا معها
الموضوع لاحقاً.
قرار مخالف
وبالتوجه إلى مديرية التعاون السكني لبيان رأي المهندس المشرف في
المديرية الذي يتابع اجتماعات الهيئة العامة وهيئة المستفيدين في الجمعية،
والحديث عن دور المديرية المتعلق بمتابعة عمل الجمعيات، والإشراف عليها
وحلّ مشكلاتها في المحافظة، أكد حسان حسام الدين مدير التعاون السكني في
طرطوس، بعد طرح هذه الإشكالية لديه، ومتابعة الموضوع مع المهندسة رباب
جبور، وهي المهندسة المشرفة على اجتماعات عمل الجمعية، أن هناك شكوى وردت
منذ فترة بخصوص بطء إجراءات التسليم والإفراز للأعضاء في جمعية رواد الشام
السياحية، حيث تمت متابعتها وفق قانون التعاون السكني، والمرسوم 99 للعام
2011، مضيفاً أن المطلوب دائماً تقديم شكاوى مرفقة بوثائق رسمية، وستتمّ
متابعتها وبشكل جديّ وفوري، وفقاً للنظام الداخلي الموحّد لجهاز قطاع
التعاون السكني، حيث نعمل على إلغاء كل قرار مخالف، وعدم اتخاذ أي خطوة دون
موافقة هيئة المستفيدين من أي مشروع تعاون سكني. وتابع حسام الدين: تمّ
إخطار الإدارة بأن إضافة الطابق الثالث لشاليهات المشروع السياحي دون
موافقة هيئة المستفيدين يعدّ مخالفة صريحة تستحق العقوبات المنصوص عليها
بالمادة 98 من النظام الداخلي الموحد لقطاع التعاون السكني ولاسيما البند
(ب) منه.
دور رقابي
في المقابل تحدث مدير التعاون السكني عن دور المديرية الرقابي على عمل
الجمعيات المسجلة في المحافظة، والتي يصل عددها إلى 111 جمعية مسجلة
ومستمرة في العمل، حيث يتمّ مراقبة عملها من خلال وجود مهندسين مشرفين على
كل جمعية، ويتمّ استبدالهم كل فترة، وتكون مهمتهم تدقيق ما تقوم به مجالس
الإدارة والهيئات العامة للجمعيات، واللجان المنبثقة عنها من إشراف وتنفيذ
ودراسة للمشاريع التي تنفذها الجمعيات، إضافة لتدقيق الجوانب الحقوقية
والمالية للأعضاء والمنتسبين لهذه الجمعيات، وصولاً إلى الاكتتاب والتخصّص
بما يضمن عدم ضياع أي متخصّص وحقوقه، وحسن تنفيذ القوانين والأنظمة النافذة
التي تنظم عمل الجمعيات، وفي حال ورود قرارات مخالفة تقوم المديرية بإيقاف
هذه القرارات والتوجيه بتصحيحها، مؤكداً أنه يتمّ العمل من خلال توجيهات
الوزارة الحاسمة بضبط عمل هذا القطاع.
إنجاز متطور
وتحدث مدير التعاون عن إنجاز متطور حققته الوزارة من خلال معلومات
“داتا” كاملة مثبتة على الحاسوب قدّمتها المديريات المختلفة في المحافظات،
حيث تمّت أتمتة جميع المعلومات المتعلقة بهذه الداتا لتطوير آلية العمل،
فموروث العمل التعاوني لجمعيات التعاون السكني لأكثر من أربعين عاماً أدى
لتراكم بعض الشوائب، وما قامت به الوزارة هو خطوة على الطريق الصحيح من أجل
انطلاقة جديدة لوحظ بعدها تحسّن كبير في هذا القطاع وعمله، وفلترة نسبة
كبيرة من هذه الشوائب، فالخطوات التي قامت بها الوزارة خلال العامين
الماضيين رفعت من مستوى العمل التعاوني بشكل كبير، وزادت من نسب الإنجاز
مما انعكس إيجاباً على الأعضاء وحصولهم على مساكن بسعر الكلفة، وهو حلم كل
مواطن، ومن الأمثلة على ذلك جداول التسليم التي ترد من الجمعيات وبأعداد لا
بأس بها لمواطنين حصلوا على مساكن بأسعار الكلفة، والتي لا تقارن أبداً
بالأسعار الرائجة للعقارات.
تسليم مشاريع
شكاوى إضافية وصلت إلينا من بعض المكتتبين في جمعيات تعاونية سكنية
أخرى في المحافظة لم يحصلوا حتى الآن على منازلهم أو يخصّصوا بها، ولم يتمّ
تنفيذ أي من المشاريع التي وعدوا بها حتى الآن، تحدث عنها مدير التعاون
بالقول: إن معظم الجمعيات تعمل حالياً بشكل جيد، وتسلّم مشاريعها، حيث
تضاءلت الأخطاء بشكل كبير في عمل هذه الجمعيات، وأغلب المشكلات تتعلق بضعف
معرفة بعض مجالس الإدارة بالقوانين كونهم أتوا من قطاعات مختلفة في المجتمع
بعد انتخابهم أعضاء مجلس إدارة من قبل الهيئات العامة، وهذا يؤدي إلى حدوث
بعض الأخطاء تقوم المديرية بتصويبها، أو تحيلها للوزارة في حال لم تتمكّن
من ذلك. ويختم مدير التعاون: هناك متابعة من الوزارة للجمعيات التي لم تعمل
أبداً حيث تم حلّ عدد لا بأس به من هذه الجمعيات ودمجها مع جمعيات نشطة.
ختاماً..
يمكن القول إن المطلوب اليوم هو إيجاد آلية كفيلة بالنهوض بعمل قطاع
التعاون بالشكل الأمثل لحلّ الخلافات واستكمال المشاريع المتعثرة، وإن كانت
جمعية رواد الشام نموذجاً، فهناك أمثلة كثيرة تحول القضايا الخلافية بين
أعضائها دون استكمال العمل فيها، أو ربما تكون الخطورة أن يتحوّل الأمر كما
يرى معظم الناس إلى تخصيص الجهات الوصائية حسب التسلسل بأرقام اكتتاب في
تلك الجمعيات، لتذهب شكاوى المعترضين على أدائها أدراج الرياح، فالمطلوب
إذن تفعيل دور الوزارة الإشرافي والرقابي عبر أذرع ومديريات فعّالة ومحدّدة
الأدوار، ومعالجة القضايا والإشكاليات وفقاً للمصلحة العامة، وليس وفقاً
للأهواء والمصالح الشخصية، ما ينعكس إيجاباً على هذا القطاع ليأخذ دوره
مجدداً بشكل أكثر فاعلية في المرحلة القادمة..البعث – محمد محمود