سيرياستيبس
ميس بركات
في زحمة الحديث عن كارثة الزلزال الذي أودى بحياة الآلاف من السوريين وشرّد الكثير من الأسر التي احتويت بمراكز الإيواء بعد أن فقدت منازلها بشكل كامل أو تعرضت للتصدّع بشكل جزئي، بات التفكير بالخروج من المنازل ذات الشقوق القديمة بسلامة أفضل من الإئتمان تحت سقف وجدران متصدعة، ليسكن الخوف والرعب جميع المواطنين القريبين والبعيدين من المناطق التي تعرضت للزلزال، إذ لم يعد رؤية الشقوق والتصدعات القديمة في منازل القرى وحتى المدن شيئاً عادياً يمكن تجاهله، لنشهد حالة انزياح سكاني في الأيام الأخيرة باتجاه العاصمة لاسيّما وأن الهزة الأرضية كشفت المستور وخبايا التلاعب والغش في الكثير من الأبنية التي كانت قائمة على ما يبدو “على كف عفريت” في الكثير من القرى الريفية والتي تم إشادتها على أيدي خبراء من “المعمرجية” وفي المدن التي لم تسلم أيضاً من الإنهيار في الكثير من الأبنية خاصّة القائمة بأيدي جمعيات خاصّة، إذ لم تسلم الكثير من الأحياء البعيدة عن مركز قوة الزلزال من الإنهيار رغم حداثة بناءها الأمر الذي أثبت فشل وغش وتلاعب القائمين عليها في المواد والأساسات اللازمة لحمايتها في مثل هذه الظروف.
سلامة أبنية الإسكان
ومرة أخرى تثبت الأبنية التابعة للمؤسسة العامة للإسكان سلامتها الإنشائية وبنائها وفق أسس صحيحة حسب ما أكده خلف حنوش رئيس الاتحاد المهني لنقابات عمال البناء والأخشاب ، لافتاً إلى أن عدم تعرض أي بناء تابع للمؤسسة للتصدع أو الهدم، لاسيّما وأن أكثر من 90% من البناء المهدم في حلب كان في مناطق مخالفات نتيجة فساد سابق ولاحق.
حنوش وخلال تلقيه لواجب العزاء بفقدانه عدد من أقاربه في الكارثة الأخيرة، أكد عدم ورود أي شكوى من الأبنية التابعة للمؤسسة العامة للإسكان أو المشرفة على بناءها الشركة العامة للدراسات الهندسية، مشيراً إلى إشادة المواطنين في خضم مصابهم الجلل إلى صحة وسلامة الإنشاءات التابعة للمؤسسة وضرورة عدم شراء منازل في المستقبل إلّا من الجمعيات الملتزمة بمعايير ومواصفات الإنشاء والتنفيذ أو الأبنية التابعة لمؤسسة الإسكان، واستنكر حنوش تشييد الكثير من الأبنية المخالفة خلال الفترة الأخيرة على عين الجهات المعنية بالمراقبة والردع، لافتاً إلى ضرورة إستكمال المؤسسة العامة للإسكان لمشاريع تشييد ضواحٍ سكنية متكاملة في كافة المحافظات بأنواع سكن (السكن الشبابي والعمالي ومساكن الادخار) في المرحلة القادمة.
ارتفاع الإيجارات
ولم ينف الخبير الاقتصادي عمار يوسف إقبالنا في المرحلة الراهنة على ارتفاع جديد بأسعار العقارات وأجار المنازل إذ ستصل نسبة الارتفاع إلى 30% لاسيّما وأننا نعيش اليوم في أزمة كبيرة بالنسبة لسكن المتضررين جراء الزلزال وخروج الكثير من الوحدات السكنية من الخدمة، إضافة إلى استغلال فئة من أصحاب العقارات لزيادة الطلب التي حصلت خلال الأيام الماضية لرفع أجار منازلهم، متسائلاً عن سبب تجاهل الجهات المعنية للأبنية المخالفة التي كانت ستخفف حجم الكوارث البشرية والمادية في حال تم منع قيامها من الأساس، وتحدث يوسف عن ضرورة البدء أولاً بتأمين مساكن للمهجرين بعيداً عن الحلول البديلة، بحيث تكون مراكز الإيواء مرحلة آنية لا كحل نهائي.
اعمار فردي
الخبير الاقتصادي أكد ارتفاع سعر العقارات وإيجار المنازل كل شهر نتيجة انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية والتي تبرر في الكثير من الأحيان لأصحاب العقارات رفع أجور منازلهم كونها تشكل مصدر دخل لهم، لافتاً إلى أن انخفاض سعر الصرف لم يرافقه انخفاض بأسعار السلع والعقارات كون المشكلة اليوم تكمن في انهيار القدرة الشرائية لليرة السورية بغض النظر عن سعر الصرف، فمن غير الممكن تحسين الوضع المعيشي دون تأمين حوامل للطاقة وتخفيض أسعارها، وفي حال عدم تدخل الدولة وتشييدها لمباني سليمة بسرعة لن يكون أمام المواطنين سوى الإعمار بشكل فردي.