سيرياستيبس
راما العلاف :
يعاني الاقتصاد السوري من حالة ركود تضخمي بإجماع معظم خبراء الاقتصاد والذي ينعكس بدوره على كل مفاصل المشاريع والأنشطة الاقتصادية والتجارية، وسوق العقارات يشهد كغيره ركوداً واضحاً في ظل التسعير لمعايير عدة منها المنطقي وغيره، في ظل غياب تام لشركات أو جهات مختصة بالتجارة العقارية أسوة بدول أخرى، إضافة لغياب شركات التطوير والتمويل العقاري التي كثر الحديث عنها لكنها لم تبصر النور بعد رغم الحاجة الماسة للنهوض بقطاع العقارات للمساهمة في حل أزمة السكن التي زادتها الحرب سوءاً ومؤخراً الزلزال.
الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي رأى : أن حجم العمل اليومي لتجارة العقارات في سورية لا يشجع على تحمل تكاليف مادية كبيرة لافتتاح شركات أو مؤسسات متخصصة بتجارة العقارات في ظل حالة الركود التي يشهدها السوق وهو أمر تحجم عنه الناس بسبب التكاليف المرتفعة لجهة السجل التجاري والضرائب والمقر ورواتب العاملين والنفقات الخ.. في ظل عدم وضوح الأرباح والأتعاب.
وأضاف: إن وجود شركات أو مؤسسات كبيرة متخصصة في أي دولة بالعالم بدأ في مؤسسات فردية صغيرة ارتبط توسعها بزيادة نشاطها وتوسعه وقدرتها على تغطية التكاليف المباشرة للنشاط.
ولفت إلى أن تجارة العقارات في سورية مشابهة للدول الأخرى ولا تختلف عنها كثيراً وهي تعتمد على العرض والطلب وأسعار السوق، مشيراً إلى أن هيئة الإشراف على التمويل العقاري تمنح تراخيص للأفراد للعمل في مجال التقييم العقاري وأيضاً فيما يخص الوساطة العقارية فهي تمارس من أفراد ومكاتب عقارية أغلبها مرخص أيضاً ولديها سجل تجاري وموقع على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تقوم عبره بتسويق العقارات ما ساهم بتسهيل العمل في هذا المجال كثيراً.
وفيما يخص عدم وجود شركات تطوير وتمويل عقاري في سورية أوضح الجلالي أن إحداث هذه الشركات والهيئات تزامن مع بداية الحرب على سورية لذلك لم تتطور بسبب الحاجة لمبالغ مالية كبيرة ودعم المصارف والمؤسسات التمويلية التي لم تتوفر بشكل متزامن مع مؤسسات التطوير، مشيراً إلى وجود مشاريع تطوير عقاري في سورية إلا أنه يسودها الطابع الفردي أكثر من كونها شركات أو مؤسسات.
وأكد الجلالي أنه حتى تاريخه لم يتم منح أي منطقة عقارية ليتم تطويرها بالكامل إذ إن هذه المشاريع عادة تتم عبر استثمارات خارجية حيث يأتي مطور عقاري خارجي يستثمر منطقة ما، في الوقت الذي تشهد سورية فيه عزوف المستثمرين الخارجيين بسبب عدم توافق وجهات النظر بين السلطات المحلية والمطور العقاري.
ورأى الجلالي أن الأمر بحاجة إلى ذهنية منفتحة ومراعاة أن المطور العقاري الخارجي يجب أن يربح في النهاية أيضاً لا أن يتم تحقيق غاية السلطات المحلية فقط كالبلديات والمحافظة.
من جانبه رأى عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق : أن تجارة العقارات في سورية تأخذ شكلاً مشوهاً كما شكل الاقتصاد السوري الذي تشوبه بعض التشوهات أيضاً وذلك لعدم تطويرها بالشكل الأمثل على مدى تاريخ طويل، مؤكداً ضرورة وجود جهة مرخصة تمارس تجارة العقارات في سورية أسوة بدول العالم بحيث تحمي كلا الطرفين وفق شروط تعاقد بعيدة عن التعاطف والثقة والمعارف بوجود مختصين ومحامين يتم توكيلهم من طرفي البيع لإتمام الإجراءات بسلاسة وتنظيم ما يخفف النزاعات المستقبلية ويحفظ الحقوق ويضمن تسجيلها والسداد والدفع أيضاً وينظم المهنة، وفي الوقت ذاته يترتب تكاليف ونفقات إضافية محددة وفق معايير معينة تضمن ضبطها عند أدنى حد.
ولفت إلى أن آلية المتاجرة الحالية تعتمد على المعارف والأصدقاء والمكاتب العقارية التي تمارس نشاطها بشعبية رغم أنها غير مؤطرة بأطر قانونية واضحة ولا تعتمد على أسس علمية منظمة إنما على العلاقات والمعارف والثقة وهي موجودة على أرض الواقع في حال شئنا أم أبينا ولكن لا يمكن اعتبارها تجارة عقارية.
وأشار إلى أن تجارة العقارات في الغرب تتم وفق أسس ووثائق وشركات مختصة ولا تخضع الأمور للعواطف والثقة كما الحال في سورية، ولفت إلى أن وجود جهات أو شركات تجارة عقارية في سورية يتعلق بطرفي معادلة هما الشركات المتخصصة والزبون المقتنع بها والراغب بالتعامل معها، مشدداً على ضرورة تطوير وتغيير العقلية السائدة حالياً حول ثقافة البيع والشراء في سورية.
وأكد الحلاق أن ارتفاع أسعار العقارات في سورية في ظل تراجع الدخل خلق معضلة صعبة الحل موضحاً أن المواطن سابقاً كان يدخر من دخله شهرياً لمدة ٣ سنوات لشراء عقار صغير وبإمكانه الاكتتاب في مشاريع الجمعيات التعاونية السكنية وامتلاك عقار أيضاً ولكن في الوقت الحالي فإنه يحتاج لادخار راتبه لمئات السنين لشراء عقار.
وأشار إلى أن قطاع العقارات عالمياً متقلب حيث يرتفع بشكل كبير فجأة وينخفض بشكل كبير أيضاً تبعاً لخصوصية الاقتصاد القائم، بالتالي فإن تحسن الاقتصاد السوري حتماً سينعكس على قطاع العقارات ما يشجع على الاستثمار والتجارة.