متى يلمس المواطن أثر القرارات الأخيرة للحكومة؟ … الدبس: قرارات تدعم الصناعيين والمصدّرين
سيرياستيبس :
تباينت الآراء حول جملة القرارات التي أصدرتها الحكومة مؤخراً لمراجعة الواقع الاقتصادي في قطاعات الاستيراد والتصدير والسياسة المالية والنقدية وحركة الأسواق والسحب والإيداع في ظل المتغيرات التي تفرضها الحرب والعقوبات الاقتصادية بهدف تعزيز الاقتصاد الوطني، ولبيان قدرة تلك القرارات على إنعاش الاقتصاد .
رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس قال : أن قرارات الحكومة جاءت بناء على مطالب الصناعيين المتكررة ضمن الصيغة المتفق عليها مع الحكومة، مؤكداً أن هذه القرارات تصب في مصلحة الصناعيين وتطوير الصناعة والتصدير، والأهم إعفاء المستوردات وتمويلها على سعر جديد وخاصة بعد صدور المرسومين 3 و4 اللذين انعكس صدورهما على تنظيم العمل الصناعي وتنظيم السوق، إضافة إلى تخفيف الأعباء عن الصناعيين ليكونوا منافسين في المرحلة المقبلة.
وأشار الدبس إلى أن زيادة عجلة الإنتاج تساهم في تأمين المواد للمواطنين وتخفيض الأسعار والأهم التصدير الذي يساهم في جلب العملة الصعبة من الخارج وفي تخفيض سعر الدولار.
ونوّه الدبس بأن جملة هذه القرارات ستكون سندا للمصدرين في حال كان هناك اتفاق مع مصرف سورية المركزي من أجل أن يحصلوا على حوافز مالية وأولوية لشراء القطع من المركزي لتمويل مستورداتهم وتقديم إعفاءات لدعم هذه الصادرات.
بدوره، قال الصناعي عاطف طيفور: ننتظر منذ زمن دعم الصناعي حتى يتمكن من إعادة إقلاع منشآته، ومنذ سنتين ونحن نحارب لإيقاف دعم المستوردات لمحاصرة التاجر ومنع استيراد أي مادة تصنع محلياً.
وأشار إلى أن ما حدث مؤخراً بإلغاء الدعم عن المستوردات بهدف دعم الصناعة الوطنية هو مؤشر مهم، معتبراً أن الدعم القديم للصناعة عاد بقرارات جديدة، متسائلاً إن كان الاقتصاد من دعم التاجر كل هذه السنوات عبر المصرف المركزي للاستيراد والبيع في السوق السوداء.. وغيرها، مضيفاً: لكن الغريب لماذا نكرر القرار بدعم التاجر وأين الرقابة على الدعم؟
وأشار طيفور إلى أن معظم التجار لم يلتزموا بتخفيض الأسعار ولدينا تجارب سابقة مع التجار، متسائلاً عن الرقابة التي ستطبق على أثر القرارات الجديدة، مضيفاً: وهل قام أحد بتخفيض الأسعار؟ بالتأكيد لا.
ولفت طيفور إلى أهمية العدالة الاجتماعية وتوزيع موارد الدولة بعدالة بين المواطن والصناعي والتاجر لتنعكس أخيراً على الجميع، والأهم انعكاسها على سعر المنتج للمواطن، وقال: لا نزال نفكر بعقلية التاجر، يعني أن كل المواد التي تم إلغاء المؤونة الخاصة بها وحتى المواد التي وضعت للدعم بالسعر التفضيلي لم نر حتى اليوم أي مادة أولية تدعم الصناعة فعليا.
واعتبر أن هذه القرارات تجريبية وقد تمت تجربتها وفشلت لأنها بعيدة عن الرقابة المشددة عليها والاهم أنها لن تنعكس على أسعار المنتجات لأنها تصب في أرباح التاجر وليس في أسعار المنتجات.
تجربة المجرب!
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن القرارات الاقتصادية إجراء إيجابي يشجع الإنتاج التصديري، وقال: تفكير الحكومة بإزالة الرسوم غير الجمركية على الاستيراد ولاسيما على المواد الأولية قرار إيجابي في منظومة العمل لكن العبرة في التنفيذ.
وأضاف: إن الحكومة اتخذت قراراً إيجابياً من جهة الإعفاء من مؤونة الاستيراد البالغة نسبتها 25 بالمئة من قيمة الإجازة، علماً أنها غير لازمة وتضر بالاقتصاد الوطني، وتضر بجزء من المستوردات التي تنعكس على أسعار المستهلك.
واعتبر أن الحكومة تعاقب المستورد بإجراء نقدي بحت غير ضروري من أجل إبطاء حركة السيولة قد يحقق هدفاً نقدياً بأن المواطن لم يعد لديه أموال للمضاربة.
وأشار إلى أن الإعفاء من مؤونة الاستيراد هي تجربة المجرب، إذاً لماذا تمت إعادة التجربة؟! علماً أنها فشلت!
تلمس الطريق الصحيح
قال الخبير الاقتصادي قاسم زيتون لـ«الوطن»: من الواضح أن الحكومة بدأت تتلمس الطريق الصحيح لمعالجة وضع السوق السورية من ناحية تأمين السلع الضرورية لحياة المواطن ومحاولة التحكم أكثر بسعر الصرف.
وأوضح أن تمويل المستوردات للمواد الأولية الخاصة بالإنتاج بسعر صرف تفضيلي والإعفاءات من الرسوم غير الجمركية والضميمة أمر بغاية الأهمية، معتبراً أن دعم الإنتاج الصناعي تأخر كثيراً، على الرغم من المطالبات المتكررة من اتحاد غرف الصناعة، لأنه الطريق الأجدى لتوفير المواد الأساسية اللازمة للأسواق السورية وبالسعر المنافس، والاستغناء عن الاستيراد تدريجياً أو التخفيف منه ما أمكن، وما لهذا الأمر من تأثير إيجابي في التحكم بسعر الصرف.
ورأى زيتون أن الأمر يتطلب حسن تطبيق لتلك القرارات، ومراقبة تنفيذها عن طريق دراسة علمية واضحة تجريها وزارة الصناعة ومديرياتها من أجل تحديد الحاجة الحقيقية للمنشآت الصناعية الراغبة في استيراد المواد الأولية، لأنه مع أي تقديرات تزيد على حاجة هذه المنشآت يتحول الموضوع إلى تجارة وربح غير مبرر، مستفيدة من فرق سعر الصرف التفضيلي الذي حدده المصرف المركزي، وأكد أن ذلك يحتاج لمراقبة استعمال المواد المستوردة في المنشآت الصناعية المستوردة لها حصراً وذلك بالتأكيد بالتنسيق مع غرف الصناعة لتحميلها المسؤولية مع الجهات الحكومية المختصة.
وأكد زيتون ضرورة دعم استيراد المواد الاستهلاكية الضرورية التي أصبحت أسعارها مرتفعة إلى درجة يستحيل على المواطن العادي التفكير في شرائها مع ضرورتها، وربما اللحوم على رأس هذه المواد، معتبراً أن الإعفاءات التي صدّرت لمستوردي العجول والأعلاف اللازمة لتسمينها أمر مفيد جداً لكبح جماح الأسعار التي أصبحت لا تطاق.
وأشار إلى أن دعم التصدير هو مطلب قديم جداً أصبحت الاستجابة له أمراً ضرورياً لا بد منه كخطوة مهمة لتأمين القطع الأجنبي للتخفيف من حجم الهوة الكبيرة ما بين قيم المستوردات وقيم الصادرات، مضيفاً: علينا أن نسعى دائماً بكل السبل لنقارب قيم الصادرات مع قيم المستوردات وذلك ليس بتشجيع الإنتاج الصناعي والزراعي فقط بل المهم تشجيع تصدير هذه المنتجات بكل الوسائل المتاحة.
وفي هذا السياق قال الصناعي أكرم الحلاق: لا شك بأن القرارات التي تصدر تباعاً عن الحكومة والتي تخص قطاع الصناعة والإنتاج تدل على اهتمام الحكومة بدعم القطاع الصناعي باعتباره أحد المكونات الأساسية للاقتصاد الوطني.
ورأى الحلاق أن القطاع الصناعي، على الرغم من فتح باب الإقراض المصرفي وصدور القرارات الأخيرة، بحاجة لدعم كبير يتمثل على سبيل المثال بتأمين القطع اللازم لاستيراد جميع المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج، لأن الصناعي تكفيه المعوقات والصعوبات على المستوردات نتيجة الحصار والعقوبات الجائرة على البلد سواء منها ما يتعلق بالشحن أو بالقطاع المالي أو حتى بامتناع الشركات الخارجية عن التعامل معنا.
وتمنى الحلاق على الحكومة تأمين مقومات الصمود للقطاع الصناعي في مرحلة ما بعد التحرير وذلك من خلال إزالة كل الأعباء عن كاهل الصناعي، وخصوصاً التي تؤثر في تكلفة الإنتاج لنتمكن من إنعاش التصدير واستعادة أسواق المنتجات السورية في الخارج، وهو الأمر الذي يؤدي لتأمين وتوفير القطع اللازم لانسياب مستلزمات الإنتاج الصناعي لهذا القطاع المهم.
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=192&id=179457