من الأخير الكارثة وقعت وعلّمت في البحر ..
عدم إجراء الصيانة الدورية .. يدل على تقصير وفساد مؤكدين ؟



عمّال يزيلون «الفيول» بأيديهم! وأنباء عن امتلاك سورية «زورقاً لمكافحة التلوث»  منذ
 

سيرياستيبس :

أظهرت الوقائع بعد مضي خمسة أيام على حادثة تسرب مادة الفيول من أحد خزانات محطة توليد بانياس الكهربائية والصور والتصريحات الرسمية للمعنيين في محافظة اللاذقية أن كميات الفيول التي تسربت إلى البحر كانت كميات كبيرة وأن هذه الكميات عرضّت الشاطئ السوري على امتداد بانياس وجبلة واللاذقية لكارثة بيئية مازالت – وقد تستمر – ترخي بظلالها السوداء وآثارها المؤلمة والمميتة على الكائنات البحرية لفترة غير معروفة.
إدارة وكادر المحطة يعملون كل ما يستطيعون عمله بالتعاون مع الشركة السورية لنقل النفط وشركة مصفاة بانياس ومجلس المدينة وجهات أخرى لمعالجة آثار ونتائج هذه (الكارثة) التي تحصل للمرة الأولى في المحطة، أما الأسباب التي أدت إلى ما حصل فلا أحد من الجهات ذات العلاقة من رقابية وغيرها يبحث عنها حالياً والكل يكتفي بالاستماع لما يقوله مدير عام المحطة أو مدير عام المؤسسة العامة للتوليد لجهة أن السبب يعود لقدم المستودع.. وأيضاً الكل يكتفي بقراءة ما يقال عن بعض الأسباب المتعلقة بالإهمال والتقصير أو عدم الصيانة الصحيحة وعن التكاليف والخسائر الباهظة الناجمة عن الحادث والتي قدرها البعض بأكثر من تسعة مليارات ليرة سورية.
ففي الاجتماع الذي ترأسه محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى في المحطة أول من أمس عزا مدير عام المؤسسة العامة للتوليد السبب إلى قدم الخزان، لكنه أكد أنه لا يمكن تحديد سبب ما حدث بدقة قبل مضي شهرين حيث تكون المحطة انتهت من تفريغ الخزان من الفيول ونظفته وكشفت على أرضيته وكل مكوناته من الداخل لأن ما ظهر من الخارج لا يعطي المؤشر الصحيح والكامل عن السبب، وشرح هو ومدير عام المحطة الإجراءات التي تمت وتتم لمعالجة آثار التسرب داخل المحطة، مبينين أن الانتهاء من المعالجة سوف يستغرق أسبوعين هذا غير المعالجة في البحر وعلى الشواطئ مشيرين – بخلاف ما يُؤكده الآخرون- إلى أن الكميات التي تسربت للبحر لا تتجاوز أربعة أطنان.
لقد وضع المحافظ في ختام الاجتماع خطة عمل لمعالجة آثار التلوث الذي تسبب به الفيول على البحر والشاطئ وهذه الخطة نشرتها «الوطن» أول من أمس، واطلع عليها من اطلع من المختصين إضافة لاطلاعهم على التصريحات التي أدلى بها مدير عام المؤسسة حول الأسباب وإجراءات المعالجة، وضمن هذا الإطار يقول أحد المختصين والمهتمين إن التسرب كان كبيراً ومن الصعب السيطرة عليه بدلالة انسكاب كامل كمية الفيول من الخزان لكون الشق بأسفله وليس في وسطه وبعلم المعادن ليس هناك تآكل يحصل بلحظة واحدة بل بفترة زمنية طويلة وبالتالي بكل تأكيد التهريب بدأ بسيطاً، ثم ازداد بالتدريج وأيضاً لفترة طويلة.. ولو كانت هناك جولات فنية لكان يحب أن تكون كشفته منذ اللحظة الأولى وبالتالي كنّا تجنبنا الكارثة، وأضاف: ما هي كمية الفيول التي كانت بالخزان؟ بكل تأكيد كانت كبيرة جداً (سمعنا أنها 13 ألف طن). فلو لم تكن كبيرة لكان ما حول الخزان المحاط بالسواتر الترابية قد استوعب الكمية… وبالتالي لما كانت انتقلت إلى قنوات التصريف خارج السواتر ووصلت إلى البحر. وتساءل: إذا كانت كامل كمية الفيول أفرغت من الخزان.. فما هي إجراءات السيطرة عليها؟ الفيول الذي انسكب لا يمكن إعادته كله إلى الخزانات لأن جزءاً كبيراً منه امتزج بالتراب وتغلغل إلى طبقات ترابية وتلوث جزء كبير منها، والسؤال: متى كانت آخر صيانة تمت على الخزان؟ ومتى أجري الفحص الدوري وقياس سماكات تمت عليه؟ ثم كيف وصل الفيول إلى حدود محافظة اللاذقية إن كان كما يقولون كميات بسيطة؟
وبخصوص الخطة التي وضعت من المحافظ للمعالجة يرى أنها لن تؤدي إلى النتائج المرجوة أبداً فهناك كارثة بيئية وهي تحتاج إلى معدات غير متوفرة في سورية.. وقال: ماذا تفعل التركسات و50 عاملاً بالتلوث في الماء؟ وكيف سيزيلون البقع؟ وكيف سيتم تنظيف الصخور؟ ويؤكد أن الأمواج ستبقى تقذف الفيول إلى الرمال والصخور مدة طويلة جداً جداً.
وحول الحل الأنسب من وجهة نظره قال: في الدول المتقدمة يعملون في مثل هذه الحالات (الكوارث)، على محاصرة البقع بأحبال وعبوات بلاستيكية عائمة ضخمة كي لا تمتد، ويستخدمون بواخر وطوافات مزودة بأذرع عائمة لشفط مياه البحر الملوثة ونقلها إلى البر وطمرها في أحواض فنية خاصة، ويستخدمون مذيبات لإذابة الفيول عن الصخور ويتم حصر نتائج تنظيفها وتشفط وتنقل إلى أحواض وحفر خاصة لتفريغها كي لا تلوث المياه الجوفية، ويتم استخدام مواد ماصة للنفط، كما أنهم يزيلون طبقة الرمال ميكانيكياً وتنقل بعيداً إلى مطامر خاصة، وفي الدول المتطورة يستخدمون بعد كل الخطوات السابقة زراعة بكتيريا تتغذى على المواد الهيدروكربونية أي النفط لإزالة ما تبقى وتعاد العمليات السابقة أكثر من مرة، أما الطرق البسيطة فلن تؤدي إلى النتائج المرجوة وسيستمر التلوث وآثاره مدة طويلة!
ويتساءل أحد كوادر المحطة في رسالة خطية: لماذا لم نر الوزير في المحطة؟ ولماذا لم يدلِ بحرف واحد في هذه الكارثة البيئية والاقتصادية الكبرى التي بلغت خسارتها نحو تسعة مليارات ونصف المليار؟ مضيفاً: إن من أهم الأسباب الفنية وغير الفنية التي أدت إلى حصول هذه الكارثة قلة خبرة وقلة متابعة وإهمال وعدم إجراء الصيانة في موعدها وقدم الخزان وعدم امتلاك المدير العام الحالي للخبرة وروح العمل.

دور الموانئ
وماذا عن دور المديرية العامة للموانئ في مكافحة التلوث الحاصل في مياهنا الإقليمية وعلى الشاطئ؟
أوضح الدكتور أديب سعد أن المديرية تملك زورقاً متخصصاً لمكافحة التلوث النفطي تم تدشينه في المركز البيئي البحري في بانياس، منذ عام 2005، لمعالجة الحالات الطارئة للانسكابات الزيتية في مصبي بانياس وطرطوس، وهو مجهز بحواجز مطاطية بطول 750 متراً، وبشفاط للبقع الزيتية، وخزانات لرش مذيبات ومشتتات لهذه البقع، كما أنه مجهز بخزانات سعة 30 طناً وهذا القارب انفق عليه الملايين بالعملة الصعبة لمواجهة حوادث تلوث نفطي خطيرة كهذه، وساهمت منظمات دولية بجزء من هذه التكاليف والسؤال الذي طرحه الكثيرون: أين هذا الزورق اليوم ونحن بأمسّ الحاجة له في الكارثة النفطية الحاصلة الآن في الساحل السوري؟
جواباً عما تقدم وعن سؤال «الوطن» حول ما قامت وتقوم به المديرية لمكافحة التلوث الحالي يقول مدير عام الموانئ العميد سامر قبرصلي: إن زورق مكافحة التلوث البحري بصرى الشام والذي تم تدشينه في عام 2005 كانت باكورة أعماله في أسوأ وأخطر الظروف في عام 2006 بعد أن قام العدوان الإسرائيلي الغاشم بضرب محطة كهرباء الجيّة في لبنان والذي أدى إلى تسرب مادة الفيول ووصولها إلى شاطئ طرطوس واستمر الزورق بالعمل لأكثر من 15 يوماً في المنطقة الممتدة من طرطوس وحتى الحدود اللبنانية عبر منطقة الحميدية وقد أثبت الزورق وطاقم مكافحة التلوث في المديرية العامة للموانئ الجدارة بالعمل في تلك الفترة وقد استمر العمل على هذا النهج في مكافحة الحوادث الصغيرة حتى العمل التخريبي الذي طال خطوط النقل ولمرتين متتاليتين في مصب بانياس الذي أدى إلى تسرب كميات تقدر بالأطنان من النفط الخام في البحر وقد كان للزورق المذكور ولطاقم مكافحة التلوث الأثر الكبير في العمل والمحافظة على البيئة البحرية طوال الفترة الماضية.
وأضاف المدير العام: أما في الحادث الحالي الذي أدى إلى تسرب كميات كبيرة من الفيول من المحطة الحرارية في بانياس ووصولها إلى البحر ومن ثم استقرار أكثر هذه البقع على شواطئ صخرية أو مياه ضحلة في منطقتي بانياس وجبلة فإننا نبين أنه لا يمكن إدخال الزورق (بصرى الشام) إلى مناطق ضحلة وصخرية (وخاصة أن طوله 25 متراً وغاطس 1.6 متر وعرض 6 أمتار) وبالتالي يتطلب معالجة الوضع بالطرق اليدوية (وهذه الطرق متبعة في أرقى دول العالم) وبتضافر جهود الجهات المعنية المحددة في الخطة الوطنية للطوارئ حيث يتم استخدام المبددات والحواجز التي يتم نشرها من البر وباستخدام مضخات محمولة وبعيداً عن تدخل الزورق في هذه الشواطئ التي تحتاج إلى معاملة خاصة.
كما أن اتباع إحدى الطرق للمعالجة يقدره الفنيون المدربون والاختصاصيون بهذا المجال في المديرية العامة للموانئ الذين أثبتوا جدارتهم في كل الحوادث السابقة، ونتمنى من الغيورين على المصلحة العامة وخاصة في مجال مكافحة التلوث البحري زيارة المديرية العامة للموانئ وخاصة مركز التلوث البحري في بانياس للاطلاع على الإمكانيات والمعدات والخبرات المتوفرة لدينا والاطلاع أيضاً على أعمال الزورق المذكور طوال السنوات السابقة وعدم الحكم مسبقاً ومن دون معلومات دقيقة على عمل الآخرين.

أخيراً
في الختام نتمنى أن تتضافر كل الجهود لمعالجة آثار التلوث الذي تسبب به التسرب من المحطة في أقصى سرعة ممكنة قبل أن يمتد إلى أماكن أخرى على الشاطئ ومن ثم يتم بعد ذلك تحديد أسباب الكارثة التي وقعت ومساءلة ومحاسبة كل المسؤولين عن حدوثها والاستفادة من هذا الدرس في مواقع مشابهة أخرى - الوطن .



المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=136&id=188617

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc