سيرياستيبس :
رغم تقلص الخيارات المتاحة لتطوير القطاع العقاري تبعاً للأزمة الراهنة من حيث ضعف البنية التحتية وأزمات الطاقة والظروف الاستثمارية السائدة والإجراءات القسرية أحادية الجانب واللاشرعية المفروضة على بلدنا، إلّا أن هناك مجموعة من المقترحات يمكن أن تعيد الدماء إلى شريان هذا القطاع الحيوي، بدءاً من تشجيع المطورين العقاريين وتقديم تسهيلات لهم والاتجاه نحو العقارات مسبقة الصنع لكونها تتسم بالسرعة بالإنجاز والتسليم .وتغيب عن الخيارات المطروحة تقديم البنوك العامة لتلعب دوراً استثمارياً مباشراً في القطاع العقاري سواء كمقاول أو إدراج شركات تطوير عقاري تنضوي تحت جناحها لأسباب متعددة، أبرزها عدم استقرار سعر الصرف الذي يجعل من دخولها هذا المضمار ضرباً من المخاطرة، في وقت ذهبت فيه آراء الباحثين الاقتصاديين نحو توجيه كتلة الأموال البنكية لإنعاش القطاعين الصناعي والزراعي.
تشجيع المطورين العقاريين
يبيّن الباحث الاقتصادي الدكتور مجدي الجاموس لـ” تشرين” أن الخيارات المتاحة لتطوير القطاع العقاري تتمثل في تشجيع المطورين العقاريين أو شركات التطوير العقاري وتقديم تسهيلات إجرائية بحيث يتم تشجيعهم على العمل وتخفيف الإجراءات الرتيبة .
وقال الجاموس: هناك ندرة في التمويل العقاري بسبب غياب البنوك التي تقدم تمويلات عقارية أو حتى تمويل لقطاع آخر سواء حكومي أو خاص بسبب عدم استقرار سعر الصرف بغض النظر عن كمية الأموال الموجودة في البنوك، حيث كان من الضرورة تشجيع المطورين العقاريين بعمليات إجرائية وتسهيلات للحصول على الأراضي بأسعار معقولة وبالتالي تخفيف الإجراءات الروتينية من حيث التراخيص والموافقات .
تأهيل الجمعيات العقارية
الطرح الثاني الذي ركز عليه الجاموس يتمحور حول إعادة تهيئة وتأهيل الجمعيات العقارية التي كانت عاملة على الأرض، و جاهزة بشكل كلي أو جزئي قبل الحرب الإر*ه*ا*بية على بلدنا، وهي موجودة وغير مستخدمة بسبب ضعف البنية التحتية، وقلة الحركة السكانية ، مؤكداً أنه عندما تتم تهيئة البنية التحتية لها ستشكل رديفاً لإحياء القطاع العقاري، و تحريكاً لعمليات البيع أو الشراء .
كما اقترح الجاموس في طرحه الثالث، الاتجاه لإعادة الترميم بدلاً من المباشرة في عمليات بناء جديدة لتقليل التكاليف والمواد الأولية المستخدمة وخاصة أن أسعارها تسجل ارتفاعاً كبيراً، ما ينعكس ارتفاعاً على سعر متر البناء، وأعطى مثالاً حول منطقة داريا الواقعة في الريف الدمشقي موضحاً أن الترميم هو الحل المثالي لإدخالها إلى السوق العقاري من جديد.
التوسع الأفقي ومسبق الصنع
والنقطة الرابعة التي ركز عليها الجاموس هي التوسع الأفقي ،لأن البنية التحتية لا يمكن أن تساعد على التوسع الشاقولي لذلك التوسع الأفقي بأراضٍ بعيدة عن مركز المدينة هو حل مناسب مع تشجيع المطورين العقاريين وشركات التطوير العقاري لبناء ضواحي مدن مثل ضاحية قدسيا بريف دمشق التي تعد تجربة ناجحة جداً.
واقترح أيضاً حلاً إسعافياً بالاتجاه نحو البناء مسبق الصنع، مؤكداً أنه ليس تجربة خاصة بل تجربة متناقلة بكل دول العالم .
وقال: إن الاتجاه نحو عقارات مسبقة الصنع أمر مهم لناحيتين اثنتين؛ الأولى لانخفاض تكاليفها، والنقطة الثانية البيئة الاستثمارية الحالية تعاني من عدم استقرار سعر الصرف وهذه المدن تعالج سرعة الإنجاز و سرعة التسليم.
وأضاف الجاموس: في الأزمة المالية العالمية عام 2008 كان الاقتراح الأساسي لتشجيع الناس على إحياء السوق العقاري هو سرعة الإنجاز، والعقارات مسبقة الصنع تخفض من سعر العقار وتحقق سرعة في الإنشاء والتسليم .
البنوك خارج الاستثمار العقاري
وعن دخول البنوك على خط العقارات كمقاول قال الجاموس: يشكل المصرف التجاري السوري 69% من قيمة القطاع البنكي والمصرفي في سورية، ومن الصعوبة بمكان أخذ دور المقاول لعدة أسباب منها أسباب مرتبطة بالنواحي الإدارية ويحتاج كادراً متخصصاً .
وأضاف: إن الظرف صعب لتشجيع الاستثمار في الأموال الموجودة، لأن البنك عندما يستثمر في ظل عدم استقرار سعر الصرف سينعكس ذلك على الكتلة المالية الموجودة التي ستقل قيمتها وفقاً للظرف القائم إضافة إلى أن كل المستثمرين العقاريين أو المقاولين أو المطورين العقاريين يعتمدون في الإنشاء والاستثمار العقاري على التمويلات من البنوك سواء المحلية أو الخارجية أو الحكومية أو الخاصة، وعليه القطاع المصرفي غير قادر على المقامرة والدخول بالاستثمار المباشر في القطاع العقاري .
وبيّن الجاموس أننا نواجه معضلة ندرة التمويل بسبب عدم استقرار سعر الصرف فضلاً عن أن الحصار الجائر وصعوبة الاستيراد و استخراج المواد الأساسية أدى إلى ارتفاع التكاليف والأسعار ولا مصلحة لأي بنك بإعطاء تمويلات طويلة الأمد بسبب عدم استقرار سعر الصرف.
توجيه الدعم المصرفي
من جهتها رفضت الباحثة الاقتصادية الدكتورة رولا غازي إسماعيل دخول البنوك العامة إلى قطاع العقارات واستثمار أموالها كافة فيه، رادة ذلك لأسباب اقتصادية بحتة مرتبطة بالوضع العام الذي يعصف ببلدنا قائلة: من الأفضل والأسلم توجيه أموال المصارف إلى المناطق الصناعية وليس العقارات لأننا بمرحلة إعادة إعمار وما نحتاجه تنشيط القطاعين الصناعي والزراعي، مضيفة: إن الاستثمار في هذين القطاعين أمر جوهري لأن المحرك الأساس لمرحلة إعادة الإعمار هو قطاع الصناعة والزراعة.
واقترحت توجيه أموال البنوك لدعم القطاع الصناعي عبر حزمة من القروض المرفقة بتسهيلات بالنسبة لسعر الفائدة وكذلك لفترة السداد .
وأكدت إسماعيل أن سوق العقارات مهم للنمو ولكننا الآن أحوج إلى إنعاش الصناعات والزراعة وتوجيه رأس المال نحو هذين القطاعين لأنه عندما ينتعش هذان القطاعان يتحقق نوع من تحريك رؤوس الأموال وإشباع الأسواق بالمنتجات وكذلك يؤثر في الأسعار و أيضاً على التصدير لأنه ستكون هناك زيادة للمنتجات وبالتالي العمل على تصديرها.
وقالت إسماعيل: إن المشاريع الصغيرة والمتوسطة أحوج ما تكون إلى هذه القروض وكذلك الصناعة والزراعة أي نعمل على هذه القطاعات التي تحيي الاقتصاد السوري.