سيرياستيبس
رحاب الابراهيم
ليس بالأمر الجديد، ففي كل عام قبل انطلاق العام الدراسي يتجمهر آلاف
الطلبة للحصول على غرفة في المدينة الجامعية بحلب هرباً من كابوس الإيجارات
المرتفعة، التي يصعب على عائلات كثيرة تحمل هذا العبء، ما قد يتسبب بحصول
بعض الإشكالات في الـ” تسكين” في ظل الفرق الشاسع بين المتاح، والعدد
الكبير للطلبة المحتاجين لسكن، ما يدفع القائمين على إدارة السكن الجامعي
في حلب إلى اتخاذ إجراءات معينة تضمن استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلبة.
بعض الطلبة ممن لم تتح لهم ظروف تواجدهم في المحافظات الأخرى التسجيل في
الوقت المحدد اشتكوا لـ”تشرين” عدم تمكنهم من الحصول على غرفة في المدينة
الجامعية بحلب، لتعالج في وقت لاحق مظلوميتهم عبر تأمين سكن لهم ولاسيما أن
هذه الميزة من حقهم.
مزايا كثيرة
“تشرين” تواصلت مع الدكتور إبراهيم حديد أمين فرع جامعة حلب لحزب البعث
العربي الاشتراكي، والمسؤول المباشر عن المدينة الجامعية بحلب، للوقوف على
واقع المدينة الجامعية، وشكاوى بعض الطلبة، والخطط المستقبلية بما يضمن
استيعاب أكبر عدد ممكن منهم حيث تحدث بكل شفافية ووضوح عن كل القضايا التي
تخصهم، والسكن في المدينة الجامعية، التي عدّها ميزة وعطاء بغية إيجاد سكن
ملائم للطلبة يبعدهم عن الإيجار المرتفع التكلفة، وخاصة إذا ما قورن بالرسم
الرمزي، الذي يبلغ ألفي ليرة شهرياً.
وأشار الدكتور حديد إلى أهمية المرسوم الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد
باعتبار المدينة الجامعية هيئة عامة مستقلة، بعد أن كانت مديرية تابعة
لرئاسة الجامعة، حيث منحها ذلك استقلالاً مادياً وإدارياً، وهذا ينطوي على
مزايا كثيرة تسهم في تحسين خدماتها، وتوسيع عدد الوحدات وتحقيق موارد ذاتية
تنعكس بالإيجاب لصالح الطلاب والجامعة.
فرق كبير..؟!
وبيّن الدكتور حديد أن عدد الأسرّة في المدينة الجامعية في حلب يبلغ 15-16
ألف سرير، موزعة على عشرين وحدة سكنية، تتوزع حسب أعداد الطلبة والكليات في
الجامعة، مشيراً إلى الفرق الكبير بين عدد الأسرّة وعدد طلبات المتقدمين
للحصول على سكن، والبالغ عددهم 50 ألف طالب، ما تسبب في حصول ضغط وازدحام
وبعض الإشكالات، لكن الغاية كانت تسكين أكبر عدد ممكن ضمن شروط سكن مقبولة،
حيث تم اللجوء إلى زيادة عدد الطلبة في الغرفة الواحدة حسب مساحتها،
مضيفاً: إلّا أن هذا الواقع بالمقابل يفرض التفكير بتوسيع السكن، وبناء
وحدات جديدة حسب الإمكانات والموارد المتاحة، لكن عموماً هذا الأمر مأخوذ
في الحسبان من القيادة والحكومة وإدارة الجامعات.
أولويات منطقية
وتحدث الدكتور حديد لـ”تشرين” عن المعايير المحددة للسكن الجامعي للطلاب من
خارج مدينة حلب، ومنها أن يبعد مكان السكن ما بين 30-50 كيلومتراً عن
المدينة، وألّا يمتلك الطالب سكناً أو مأوى، مشيراً إلى أن الأفضلية في
السكن لطلاب الكليات التطبيقية، التي تستلزم نسبة دوام كبيرة، وبعدها تملأ
الشواغر بطلاب كليات العلوم الإنسانية ذات الدوام القليل.
وأشار الدكتور حديد إلى أن أولويات أخرى في السكن الجامعي، كتأمين السكن
لأبناء الشهداء والجرحى، وأبناء العسكريين المرابطين في الميدان من صف ضباط
أو ضباط، إضافة إلى بعض القضايا الأمنية والاجتماعية، كأعضاء الهيئة
التدريسية العائدين من الإيفاد والمعينين حديثاً في الجامعة، حيث يكون
بعضهم من خارج محافظة حلب، ولا يملكون القدرة المادية على الإيجار، إضافة
إلى مناوبي أمن الجامعة، وهو ما عدّه أولويات منطقية، لكنها لا تشكل ضغطاً
نظراً لقلة عددهم.
محاسبة المخالفين وفيما يخص شكاوى بعض الطلبة حول عدم تمكنهم من التسجيل بعد حصره في ثلاثة أيام فقط، بيّن الدكتور حديد أنه قبل انطلاق العام الدراسي بأسبوع أعلن عن فتح باب التسجيل، وبناء عليه بدأت إدارة المدينة الجامعية واللجان المختصة تنظيم العمل، والبدء بتلقي الطلبات، وتسكين الطلاب القدامى، لكن بسبب ضخامة عدد الطلبة مقابل الكادر القليل، الذي بذل كل طاقته لإنجاز هذا العمل الكبير قد ينجم بعض الأخطاء والإرباكات، وهذا طبيعي، فتنظيم الطلبات ليس أمراً سهلاً على الاطلاق، مشيراً إلى وجود أحقية على الطلبة لكونهم يعرفون موعد التسجيل باعتبارهم مسجلين مسبقاً، ويفترض أن يكونوا على تواصل دائم من أجل تثبت سكنهم، لافتاً إلى صعوبة إرضاء الجميع، فإرضاء الناس غاية لا تدرك، لكن عموماً يتم بذل كل الجهود لتأمين السكن لأكبر عدد من الطلبة، وهو ما يستلزم وعياً وصبراً من الجميع في ظل الظرف الصعب القائم.
ولا ينكر الدكتور حديد حصول بعض التجاوزات، التي غالباً تعالج بالإصلاح،
وليس بالعقاب لكونها تجاوزات بسيطة، لكن في المقابل هناك بعض ضعاف النفوس
يستغلون حاجة الطلبة إلى السكن، لذا يلجؤون إلى ابتزازهم بالمطالبة بدفع
مبالغ مالية لقاء تأمين السكن لهم، مشيراً إلى ضبط عدد من الحالات بهذا
الخصوص، ومحاسبة المخالفين وفق القانون بشكل مدروس وهادئ.
وحدات سكنية جديدة
وبيّن الدكتور حديد أن العمل يجري على استثمار كل المنافذ لتوفير الأجواء
المناسبة، لتمكين الطلبة من النجاح في دراستهم، مشيراً إلى توفير عدد من
الأنشطة الترفيهية والرياضية والاجتماعية والتعليمية في الجامعة والمدينة
الجامعية، مشيداً بالدور الفاعل الذي يطلع فيه الاتحاد الوطني لطلبة سورية
في هذا المجال، لافتاً إلى أهمية إنشاء المكتبة المركزية التي تتسع لـ1200
طالب، إضافة إلى وجود قاعة مطالعة في كل كلية، إضافة إلى القاعات المتوافرة
في المدينة الجامعية.
وعن خطط تطوير المدينة الجامعية في حلب شدد الدكتور إبراهيم حديد على زيادة
عدد الوحدات السكنية الجديدة بغية استيعاب أكبر عدد من الطلبة، مع القيام
بصيانة دورية لبعض الوحدات بالتدريج حسب الاحتياج لذلك، مشيراً إلى ضرورة
تحمل الطلبة مسؤولياتهم في الحفظ على أثاث المدينة الجامعية وخدماتها كافة،
وضرورة تكاتف جهود جميع الأطراف لتأمين السكن لكل الطلبة المحتاجين إليه،
وخاصة أن الجيل الشاب بكفاءاته ومؤهلاته يشكلون الأمل لبناء سورية وإعادة
إعمارها.
ت-صهيب عمراية