ربما
لم يبق بيننا من لم يسمع أو يقرأ عن التوجهات الحديثة للعولمة نحو الاستثمار في
قدرات الإنسان فهو أكثر الثروات أهمية واستدامة كما يقولون ويستشهدون على ذلك
بأمثلة كثيرة ومنها تجربة اليابان التي لا تمتلك موارد وثروات طبيعية ( ثمة أسطورة
تقول إن إحدى الآلهة غمست خناجر صلبة في بحار من اللآلئ وأخرجتها وحين تصلبت تلك
القطرات تشكلت أراضي اليابان ) ومع ذلك هاهي اليوم واحدة من دول العالم المتطور
بكل جدارة فقد استثمرت عقول أبنائها وقدراتهم المتعددة.
في
طوكيو المزدحمة يبلغ سعر الأراضي أرقاماً قياسية فلجأ اليابانيون إلى التأقلم
والعيش في مساحات صغيرة فها هو المحامي " سيبي " يعيش في شقة صغيرة جداً
( قد تكون أصغر من أي غرفة في شقة أحدنا ) ويعتقد بأنها تكفيه مع الاستفادة من كل
سنتيمتر فيها!؟ في اليابان أيضاً ثمة مدينة صغيرة اسمها ميتاكا يبلغ عدد سكانها
170 ألف نسمة حاولت بلديتها وعلى مدى 9 أشهر وبعد إجراء 270 اجتماعاً ل 400 موظف
وربة منزل ومواطن الحصول على اقتراحات لتطوير مدينتهم, وقد اختيرت هذه المدينة عام
2005 لنيل جائزة المدينة الذكية على مستوى العالم. يدخل الكومبيوتر في كل التفاصيل
حتى في تدوير النفايات وقد نجحت نتيجة مشاركة المجتمع المدني فيها. تستفيد هذه
المدينة من متقاعديها عبر استخدامهم كمستشارين ما يحولهم من مستهلكي ضرائب إلى
مساهمين في زيادتها عبر مشاريع صغيرة وهي لا تحاول جذب شركات أجنبية بل تعمل على
تطوير نفسها من خلال مشاركة مواطنيها فهم بالنسبة لها ليسوا دافعي ضرائب بل المحرك
الأساسي لتطويرها وتنميتها !!
تكاد
سرعة التنمية البشرية في الدول العربية عموماً تقاس بخطوات السلحفاة ( ناهيك عن
نسب الأمية المرتفعة في عدد كبير منها ) أما في البلدان الغربية وإلى جانب استثمار
العقول فثمة حديث آخر...
تعتبر
بريتني سبيرز من أكثر السلع رواجاً في العالم وهذا الكلام لم أقرره أنا بل
إحصائيات غربية وهذا قد ينطبق على أي مغنٍ أو عارضة أزياء أو حتى لاعب كرة سلة أو
كرة قدم ويقال إن المراهق الأمريكي يحتاج إلى 130 سنة من العمل كي يكسب النقود
التي ينالها لاعب نجم في كرة السلة
إذاً
هناك تجارة رابحة جداً أي تحويل الإنسان إلى ماركة مسجلة أو اسم تجاري ولسوف تتدفق
الأموال من كل حدب وصوب ولنرى أليست أسماء مثل شاكيرا, نانسي, هيفا, أليسا....
ماركات تجارية رابحة ؟!
في
سورية لعلنا لم نمسك بزمام اللعبة بعد لا على طريقة اليابان ولا على طريقة العرب فليس
لدينا نجوم أو ماركات مسجلة تحت هذا العنوان , في الخيار الأول ربما لا نملك الوعي
الكافي لمسألة التنمية البشرية ولا نملك الوسائل ( رغم وجود تجربة بسيطة لكنها
ناجحة في بلدة دير عطية ) أما في الخيار الثاني فلا نجيد صناعة نجوم في أي مجال
إلا في مجال تلميع شخصيات حكومية وتكريس بعضها كأصنام تستحق العبادة أو نقترب من
ذلك.. ونسرع في إصدار المزيد من القوانين والتعليمات والتعاميم ونبذل جهوداً جبارة
لاستقدام الاستثمارات من كل حدب وصوب ونعلن أرقاما متفائلة لنسب النمو وتدني الفقر
وتحسين معيشة المواطن ورغم كل ذلك نحن لا نرى ترجمة واقعية ولا نتائج ملموسة أفلا
يسترعي ذلك الانتباه ؟! أين الإنسان في كل ذلك؟ أين المجتمع المدني من خططكم
وأرقامكم أين وأين...
سوزان ابراهيم
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=194