سيرياستيبس
كتب د عدنان صلاح اسماعيل
ما أن
تنفس السوريون الصعداء ببدء عودة العلاقات مع الدول العربية وما سيرافقها
من تحسن للواقع الاقتصادي الصعب والقاسي جدا حتى تحرك سعر صرف الدولار مرة
اخرى بجنون ليقفز من عتبة الـ 8000 ليرة في تحرك يومي مستمر بمعدل حوالي
300 ليرة باليوم
الاسواق بدأت بالاستجابة بشكل فوري وارتفعت اسعار المواد وبدأ التجار
يحاكون سلوكهم السابق فهم يتوقعون ارتفاع اسعار الصرف سلفا ويسعرون على
اساس ذلك بينما قسم منهم بدأ بإخفاء المواد للاستفادة من فروقات الاسعار
مستقبلا".
هناك شيء غير مفهوم للتحركات في اسعار الصرف
ارتفاع الذهب مفهوم نتيجة ارتفاع سعر الاونصة عالميا.
لكن المنطقي في حالات التوتر والحروب يهرب المواطنون من العملات المحلية
إلى الذهب والعملات الصعبة والمنقولات وهذا حصل في بداية الحرب في سورية
ولكن اليوم وضعت الحرب أوزارها وبدأت العلاقات السياسية بالعودة بشكل سريع جدا يعكس حالة الانتصار في الحرب.
إذا لماذا يرتفع الدولار بهذا الشكل المجنون
تعتبر الحرب في سوريا، السبب الرئيسي لانخفاض قيمة العملة الوطنية. وعلى
مدى السنوات الـ 12 الماضية ولكن اليوم لا تعتبر سببا مفسرا للانهيار
السريع للعملة
في الفترة الأخيرة، تسبب نقص الوقود في مزيد من الخسائر في قيمة الليرة
السورية نتيجة تزايد الحاجة للاستيراد مع تزايد المصانع والخدمات التي تعود
تدريجيا ولكن لا تفسر لنا ايضا الانهيار المتسارع
نتساءل ما الذي حصل ودفع باتجاه هذا الجنون في اسعار الصرف
برأيي كمراقب اعتقد ان هناك عوامل عدة بعضها موضوعي والبعض الاخر غير مفسر ويمكن ارجاعه لأسباب سياسية:
الاسباب الموضوعية تتعلق بشعور قسم من كبار التجار والصناعيين بالاطمئنان
للظروف السياسية الجديدة وبالتالي رفع مستوى تشغيلهم ومستورداتهم وهذا
يتطلب عملة صعبة مما رفع مستوى الطلب على الدولار الامريكي بالشكل المتسارع
الاخير.
أيضا لا تزال الازمة اللبنانية ووقف المصارف سحب الدولار تدفع اللبنانيين
تجاه السوق السوداء السورية لشراء الدولار إضافة إلى التجار السوريين الذين
يعتمدون البنوك اللبنانية لتحويلاتهم المالية مع تجميد ارصدتهم لازالوا
يتجهون إلى السوق السوداء لتغطية احتياجاتهم من القطع مما شكل ضغطا كبيرا
على سوق القطع .
كل ذلك يمكن اعتباره عاملاً موضوعياً اما الغير موضوعي والمثير للقلق اتباع
بعض الدول سياسات مزدوجة تجاه سورية تارة باتجاه تحسين العلاقات السياسية
وعلى التوازي التلاعب بالأسواق للضغط على سوق القطع وبالتالي زيادة الاعباء
على الحكومة من اجل زيادة الضغط عليها لتحقيق اهداف سياسية وهو أخطر ما
يمكن ان نواجه في هذه المرحلة.
ان حالة التخبط والفوضى التي تشهدها الاسواق السورية خطيرة جدا وتسير عكس
المسارات السياسية وهو مؤشر باعتقادي سيء جدا ويفرض على الحكومة التحرك
بإجراءات حازمة تتماشى مع حجم التهديدات لسحب اية ورقة ضغط إن صح هذا
الافتراض.