كشفت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية عن توصية اللجنة الاقتصادية بتكليف مصرف سورية المركزي ووزارة العدل، لتدقيق الصيغة القانونية النهائية لمشروع تعديل المرسوم 3 لعام 2020 بشأن تجريم التعامل بغير الليرة السورية، وذلك بعد مطالبات عديدة لقطاع الأعمال بإلغاء العمل بكلا المرسومين 3 و4، بغية تسهيل النشاط الاقتصادي حسب تعبيرهم.
وبيّنت الوزارة أن التعديل سيكون وفق صيغة تضمن فرض التعامل بالليرة السورية، باعتبارها تحمل قوة إبراء للذمة المالية، مع فرض عقوبات مشددة فقط على المضاربين وأعمال الصرافة غير المرخصة، الأمر الذي أيده الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية، حيث رفض فكرة إلغاء المرسوم 3 بالمجمل، معتبراً أنه يجب تطوير المرسوم وتعديله، مع الإبقاء على تجريم التعامل بغير الليرة لغير المرخص لهم، فعندما منع المشرع التعامل غير الشرعي كان محقاً، لكن كان يجب أن يؤمن مصادر تمويل شرعي لمن يحتاج القطع، كالطلاب والمسافرين للاستطباب وللنشاطات الاقتصادية، فالقانون لم يبقِ على أي منفذ للحصول على القطع بشكل رسمي، وأصبح التعامل الشرعي لبضعة مستوردين فقط، مما وجه فئة كبيرة للسوق السوداء.
وأوضح فضلية أن المرسوم سمح بالتعامل عبر الأقنية الرسمية لمن يحق لهم، والمقصود هنا تأمين القطع لاستيراد المواد التي يمولها المركزي، وهي مواد محدودة بالنظر إلى قائمة المستوردات المسموح بها، فمثلاً إن كان يسمح باستيراد 100 مادة لا يمول المركزي سوى 10 منها، فمن أين سيؤمن المستوردون القطع لاستيراد الـ90 مادة المتبقية؟ مضيفاً أنه بعد الكثير من المطالبات سُمح بتغطية الاستيراد من حساب المستورد بالخارج، ولكن القرار اشترط تقديم وثيقة تثبت مصدر هذا القطع، مما أفقده غايته، ففي الغالب لا يمكن أن يؤمن المستورد وثيقة تثبت مصدر القطع في الخارج، وطلبها خطأ تاريخي لأن الظروف الدولية وملاحقة أموال السوريين يمنع تقديمها، وهي إحراج وتضييق على إمكانية التمويل الخارجي للمستورد، ومن لا يقدمها يعامل كمجرم بقائمة عقوبات مشددة جداً!
واعتبر فضلية أنه يمكن التغاضي عن شرط الوثيقة واستبداله بتعهد خطي على مسؤولية المستورد، بدلاً من “ابتزازه” بالوثيقة، مشدداً أنه لا يمكن السماح بالتعامل بغير الليرة، بل تحديد فئات معينة ومنافذ نظامية لتأمين القطع.
ورغم التشديد الكبير والمخاطرة بالتعامل بالقطع، إلا أن العديد من عمليات البيع والشراء في العقارات والآليات تتم بالقطع الأجنبي، منها ما يتم ضبطه، والقسم الأكبر غير مضبوط، وهنا أوضح فضلية أن السبب بذلك هو التعقيدات الكبيرة المفروضة في عمليات البيع، والتي تتطلب وقتاً طويلاً، تخسر خلاله الليرة جزءاً من قيمتها نتيجة ارتفاع سعر الصرف، فضلاً عن الإلزام بالإيداع المصرفي، والذي عقد عمليات البيع والشراء، فلا يمكن إجبار المواطن بآلية التصرف بماله، موضحاً أن تعقيد البيع والشراء بالقطاع التجاري المستند أساساً على العقارات والمركبات، تسبب بتراجع حجم السيولة في هذا القطاع، واتجاه الكثيرين لتحويلها إلى قطع أجنبي، والأمر ذاته في القطاع الصناعي والحرفي، فتعقيدات تأمين المواد الأولية وغيرها من المتطلبات، قلصت حجم السيولة واستبدلت بالقطع، وهذا أحد الأسباب الأبرز فيما نشهده من ارتفاع بسعر الصرف.
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=126&id=195903