سيرياستيبس :
ريم ربيع :
يبدو أنّ كل ما نلمسه يومياً من أخطاء وملاحظات حول الاستبعاد من الدعم، والآليات والبيانات غير الدقيقة التي استند إليها، لم يجد طريقاً إلى مسامع الحكومة المستمرة بانسحابها المعلن من معيشة الفئة المستبعدة، محمّلة إياها نتائج الفساد والهدر الذي تعترف به وبعجزها عن ضبطه، فهذه الفئة “الثرية بعين الحكومة” باتت تعيش على إيقاع التخلي عن أية مسؤولية اجتماعية تجاهها، لتواجه قرارات متتالية برفع الأسعار من المحروقات إلى المواد التموينية، وصولاً لربطة الخبز التي تمّ رفع سعرها لأكثر من الضعف لتصبح 3000 ليرة بعد أن كانت بـ1250 ليرة.
القرار الجديد يأتي في وقت تُباع فيه الربطة بالحالة الطبيعية أمام الأفران بـ3000 ليرة كحدّ أدنى وصولاً إلى 7000 ليرة، ومع عجز وزارة التجارة عن ضبط هذه الظاهرة أساساً، يتوقع الكثيرون أن يتضاعف هذا السعر بدوره، ليتوازى إلى حدّ ما خبز التموين مع الخبز السياحي، وتحقق الحكومة آمالها في دفع جزء من عبئها على كاهل المواطن. كما أن التباهي بالحفاظ على السعر لفئة المدعومين المستحقين، وزيادته فقط للمستبعدين بذريعة ارتفاع تكلفة الربطة لـ5000 ليرة، يعيد طرح السؤال ذاته حول دقة عملية الاستبعاد من الدعم، فمع اعتماد الآلية على ملكية المواطنين وليس على دخلهم الحقيقي، ظهرت مئات العائلات ذات الأجور المتدنية التي تضرّرت مباشرة ولم تجد من ينصفها حتى اليوم، إما لامتلاكها سيارة قديمة، أو عقارات غير مستثمرة، أو لحصتهم بمنشآت قد يصرفون عليها أكثر مما يتقاضون منها، وهي حالات ذُكرت كثيراً على ألسنة مواطنين وخبراء وأكاديميين إلا أنها لم تعالج، فإن كان هناك فئة من المستبعدين مقتدرة مادياً ولا تتأثر بشكل مباشر برفع الأسعار من عدمه، إلا أن فئة ليست بالقليلة هي من الموظفين والمتقاعدين الذين لا تتجاوز رواتبهم 200 ألف ليرة.
حاولنا التواصل مع وزارة التجارة الداخلية ومؤسّسة المخابز لنجد أن معظم الأرقام بما فيها المكتب الصحفي “خارج التغطية”، فيما تجنّب قسم آخر الردّ على الاتصالات!!.
بدوره أشار الخبير الاقتصادي عامر شهدا إلى انعدام الرؤية الحكومية في التسعير الفوضوي الذي ينهك الاقتصاد، فرفع سعر الخبز للمستبعدين من الدعم يعيد طرح الأسئلة حول عملية الاستبعاد ومدى تحقيقها للعدالة الاجتماعية، إذ يوجد من المستبعدين متقاعدون أو موظفون يملكون سيارة عمرها 15 سنة وأكثر، ومن غير المقبول استبعاد عائلات يتقاضى ربّ الأسرة فيها 200 ألف ليرة بحجة امتلاكه سيارة، لافتاً من جهة أخرى إلى الهدر الحاصل في حساب الاحتياجات الحقيقية من المواد الأساسية بما يفوق كتلة العجز بالموازنة. وأشار شهدا إلى أن هكذا رفع للسعر بأقل تقدير سيرفع سعر سندويشة الفلافل مثلاً 500 ليرة، وكذلك أسعار المطاعم، مما يعني المزيد من التضخم وإنهاك الليرة ومستويات الفقر، فهل تكيّفت الحكومة للجوء إلى جيب المواطن وطرح سندات حكومية للبيع لأنها أسهل طرق الحصول على الموارد؟!.
أما أمين سرّ جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة فقد رأى أن القرار إيجابي، بل جاء متأخراً أيضاً، فدائماً ما تشكو الحكومة من ارتفاع التكاليف، ومن المعروف أنه يتمّ استغلال فروق الأسعار ليباع الفائض من الحاجة عبر البطاقة الذكية أمام الأفران، والمشرفون والمستثمرون نفسهم يتاجرون بالخبز، لذلك كانت المطالب بالبيع بسعر الكلفة للمستبعدين من الدعم، لكن مع إلغاء البطاقة الذكية، لنتخلّص من كلمة عجز. وأشار حبزة خلال حديثه إلى أن ما ذُكر ينطبق على المستبعدين من الدعم بوجه حق، أما العائلات المتضرّرة نتيجة أخطاء بيانات الحكومة، فهي موضوع آخر يفترض معالجته حكومياً، مقترحاً أن يتمّ رفع دعم الخبز كلياً، واستبداله بدعم نقدي للأسر الأكثر احتياجاً.
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=128&id=196898