سيرياستيبس :
قبل الأزمة التي واجهتها سورية، بدأت دراسة فرض ضريبة على القيمة المضافة للسلع والمنتجات والخدمات. يومها كانت إمكانية تطبيقه أقرب إلى التحقق والقبول، خاصة وأنه لم يكن حال معدلات التضخم والأسعار والرواتب والأجور وبالتالي المستوى المعيشي الحالي لغالبية الشعب السوري، كما هو الآن من سوء وقساوة وصعوبة، الأمر الذي يقتضي الكثير من التمهل – إن لم نقل التعقل – في اتخاذ قرار تفعيل هذه الضريبة التي توصف بأنها من الضرائب غير المباشرة، والمزمع العمل بها بداية العام 2024..
ورأينا ضرورة التمهل أو التعقل، يستند إلى العبء الضريبي نتيجة للضرائب المباشرة التي أرهقت المكلفين وخاصة الصغار منهم، حيث وصلت نسبها للحد الذي دفع بالعديد منهم إلى إغلاق فعالياتهم، وإذا كان الحال هكذا في ظل الضرائب المباشرة، فكيف سيكون عند إقرار الضريبة غير المباشرة، سواء لناحية أثارها على المكلفين أو المستهلكين النهائيين الذين يتحملون تبعات كل أنواع الضرائب والرسوم؟!
وإذا سلمنا جدلاً بأن “خزينة الدولة جيوب رعاياها”، فكيف سنسلم بذلك إذا كانت تلك الجيوب لم تعد تحتمل “تغول” الجباية، التي تجاوزت كل خطوطها الحمر، لدرجة لم يُعد بالمستطاع التجاوب مع مثل هكذا ضريبة، تكون فيها الفعاليات الاقتصادية وسيطا بين الدولة والمستهلك في تحصيلها؟!
وبرأينا، أن المقدرة الضريبية، أي قدرة المكلف والمستهلك تحديدا على الالتزام بدفع الضريبة، يجب أن تتناسب طردا لا عكسا مع المستوى الاقتصادي والمالي وحتى النقدي العام للدولة والمواطن، وبالتالي فإن فرض ضريبة على القيمة المضافة دون الأخذ بالاعتبار والحسبان ذلك، من المرجح جدا، أن يؤدي إلى نكسات اقتصادية واجتماعية ومعيشية أكثر مما نحن فيه، وهذه مغامرة ضريبية مفتوحة على كل الاحتمالات، وفي غير زمانها ومكانها!
إن توجسنا الضريبي لناحية هذا النوع من الضرائب يفاقمه ليس فقط الواقع الاقتصادي الصعب، بل وأيضا اتهام الخبراء لهذه الضريبة بالعمياء وغير العادلة، نظرا لكونها لا تميز بين الفقراء والأغنياء، ولا تأخذ تفاوتات الدخل بين المستهلكين بعين الاعتبار.
ناهيك عن ذلك، تشكل الضريبة على القيمة المضافة عبئا كبيرا على أصحاب الدخل المحدود، إذ تمتص جزءا مهما من مواردهم على قلتها وشحها، ما يحد من قدرتهم الشرائية ويقلل فرصهم الاستهلاكية.
وليس ختاما، إذا كان ولا حول ولا قوة في إعادة النظر بفرض هذه الضريبة، فلا أقله أن تراعي وزارة المالية ضرورة تخفيضها على السلع الاستهلاكية الأساسية لذوي الدخل المحدود، مقابل فرض معدلات عالية من الضريبة على السلع الكمالية، أملا في الحد من استهلاك هذه السلع التي تستورد عادة من الخارج، أو من أجل تعويض النقص في الجباية الناتج عن تخفيض الضريبة بالنسبة للسلع الضرورية.
ويبقى السؤال الأساس بعد تجاوز الأمور الفنية لفرض الضريبة على القيمة المضافة: أين ستذهب عائدات تلك الضريبة؟ وهل سيكون لذوي الدخل المحدود حصة منها، خاصة وأنهم سيكونون النسبة الأكبر التي سيتم تحصيلها منهم، وسيكونون “كبش الفداء” في الحد من سياسة التمويل بالعجز وتقليص عجز الموازنة العامة، حيث أن الأخيرين (التمويل بالعجز وتقليص عجز الموازنة) هما هدف لهذه الضربة.. عفوا “الضريبة”..!!
البعث
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=126&id=197001