سيرياستيبس
هني الحمدان :
مللنا من كثرة ما طرحنا من أفكار بهدف الإشارة إلى بعض السلبيات وتجاوزها إن أمكن.. واليوم الهوة تكبر وأرقام العجز والفقر تتضاعف.. فالأزمة الاقتصادية إلى تضخم، وهاهي المفرزات كمعدلات البطالة والفقر تزداد نسبتها، وتسعى الحكومة لإيجاد حلول سريعة تخفف من وطأة تلك المشكلة التي يمكن أن تأخذ أشكالاً متعددة، لكن الحلول المتاحة ضمن السياق التقليدي ستبقى قاصرة عن معالجة الخلل الهيكلي الأساسي في الاقتصاد المتمثل بضيق القاعدة الإنتاجية ومحدودية الفرص التي يولدها الاقتصاد إلى جانب نوعية الوظائف المولدة.
فهل من مخارج لهذه المعضلة التي كلما طالت سترافقها تداعيات غير محمودة، ولن نتمكن من الخروج منها بسهولة، إذ بات معلوماً أن كلفة الحفاظ على وظيفة قائمة يقدر بضعفي كلفة خلق فرصة عمل جديدة، والحال كذلك يجب أن تنصب الجهود على توسيع القطاع الإنتاجي المكثف لاستخدام الأيدي العاملة الذي يساهم بتعزيز الصادرات ويتمتع بميزة تنافسية.
لا خلاف أن هذه المعايير بديهية في تحديد الأنشطة الإنتاجية التي يمكن التركيز عليها وبناء نظام حوافز فعال حولها، ضمن هذا السياق هناك مشروعات طموح تحتاج إلى عزم وتصميم، والأهم أنها ممكنة التطبيق ومعالمها واضحة.
الأول يتعلق بأهمية التركيز على مشروعات الطاقة واستثمار ذلك، لا الاكتفاء فقط بالسماح للاستثمار وكل شئ مقفل..! الطاقة التقليدية لم تعد كافية ولم تستطع الحكومة أو أي من القطاعات تأمين كل متطلبات الطاقة فهي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً، وهنا التوسع في تسهيل وتذليل كل صعاب التحول الكامل نحو الطاقات البديلة خيارمهم، وتوظف له مشروعات بأحدث التكنولوجيات، هذا النوع من المشروعات إنتاجي من الطراز الأول، يعزز من الاعتماد ومن الممكن تنفيذه من خلال عقد شراكات طويلة الأمد مع القطاع الخاص، وفي الحقيقة مشروعات كهذه والتوسع بها ليس هدف القطاع الخاص والعام. فهو المشروع الحلم عند كل الجهات والأفراد أيضاً..! مشروعات كهذه تمتلك حلولاً للكثير من الأزمات ولديها عناصر النجاح، لا يعوقه سوى غياب الرؤية الواضحة والكاملة وسهولة أكثر بالتعامل بمنح المزيد من الإجراءات لإحداث تحولات نوعية في كيفية مقاربة المشروعات الكبرى والخروج من شرنقة تحليل الواقع والبكاء على الإرث المعقد الذي تواجهه الحكومات وتصوير الصعوبات التي تكتنف المسير في مشروعات توصف أنها «تحويلية» وطويلة المدى ولكن البدء في حلحلة بعض الإجراءات وإعطاء تسهيلات أكثر لجهة توفير تجهيزات للطاقة البديلة فيها يمنح إشارات إيجابية لتحولات من الممكن أن تحدث اختراقات مهمة في المقاربة الاقتصادية والإنتاجية التي يجب أن تتوافر، بعد أن بتنا أسرى لها في كيفية التعاطي مع التحديات الاقتصادية الهيكلية التي نواجهها. فالبحث عن حلول سريعة لا يجنبنا التحديات الأساسية التي يجب التعامل معها.. فتوفر مستلزمات الطاقة يعطي أريحية ويحل مشاكل ليس عند المستثمر والصناعي والفلاح، بل عند المواطن العادي، الذي بات يحلم بأي ضوء أمامه ينير سواد لياليه وأيامه..!
من الأولويات أيضاً كل الأنشطة المتعلقة بالقطاع الصناعي ودعم الزراعة عبر حل مشاكل الطاقة، والتأكيد على أن القطاع الخاص في هذه الحال هو المطالب بالتوسع في إنتاج هذا النوع من السلع ويمكن للحكومة البحث في طبيعة الحزم التحفيزية التي يمكن أن تقدمها لتشجيع التوسع في الإنتاج والتصدير والتشغيل للأيدي العاملة، وهذا النوع من الحوافز هو الذي اتبع في الدول التي نجحت بإحداث تحولات عميقة خلال فترات زمنية قياسية.
هذه المقاربات التي لا تحتاج رساميل هائلة هي التي ستساهم بإيجاد حلول طويلة المدى ولكنها تتطلب الالتزام برؤية واضحة توضع موضع التنفيذ وتعتمد على التنسيق بين العديد من مؤسسات الدولة. فهل يتم البدء ببعض هذه الأولويات وتسهيل عديد من البلاغات ومنحها للراغبين، والخروج من حالة اليأس التي تتعمق بمرور الوقت بسبب الإنشغال بالتفاصيل اليومية وإطفاء حرائق المعيشة المشتعلة!!