سيرياستيبس :
ارتفعت أسعار الأدوية مرتين خلال العام الماضي، وكانت آخر زيادة في بداية الشهر الأخير منه، حيث وصلت نسبة الزيادة إلى نحو 70% لأغلب الزمر الدوائية، ما دفع الكثير من المرضى إلى التخلي عن أدويتهم، ولاسيما مرضى الأمراض المزمنة، ونتيجة تضاؤل المقدرة الشرائية بات الكثير منهم يشتري دواءه بالحبة وأحياناً بالظرف، ومما لا شكّ فيه أن شريحة المتقاعدين هم الأكثر تضرراً من أي زيادة سعرية، كونهم غير قادرين على العمل والإنتاج وراتبهم لا يشتري لهم علبتي دواء!.
عجز وبحث دائم
العديد من المتقاعدين أكدوا عدم قدرتهم على الحصول على أدويتهم
الضرورية، وتحديداً مرضى الأمراض المزمنة كالضغط والسكري والقلب.. فيلجؤون
إلى شراء الدواء بالحبة وأحياناً يمتنعون عن الشراء، فأحد المرضى قال إنه
يحتاج كل شهر إلى علبة دواء للضغط لكنه بدّل مواعيد تناول الحبة، فبعد أن
كان يأخذ حبة كل يوم بات يتناول كلّ ثلاثة أيام حبة حتى لا تنتهي العلبة
بسرعة، حسب تعبيره، والبعض الآخر أشار إلى تنقله الدائم بين الجمعيات
الخيرية في سبيل الظفر بظرف دواء، فأحياناً يوفق وفي كثير من الأحيان يعود
خالي الوفاض، كما يراجع بعض المرضى المراكز الصحية دون أي نتيجة تذكر،
متسائلين: ماذا يفعل المريض العاجز عن شراء دوائه، ألا يكفيه مرضه؟!.
تباين الأسعار
كما تساءل المرضى عن أسباب تذبذب السعر لصنف دوائي معيّن بين صيدلية وأخرى،
فعلى سبيل المثال لا الحصر يباع ظرف التهاب “سيفالكس 500” من إحدى
الصيدليات بـ7500 ليرة، في حين اشترى الدواء نفسه من صيدلية أخرى بـ12000
ليرة! كما أن ظرف السيتامول إنتاج “تاميكو” يباع بسعر يتراوح بين ٣٥٠٠-
5000 ليرة، مطالبين بتشديد الرقابة على أصحاب المعامل والمستودعات وبعض
الصيادلة الذين باتوا يتاجرون بصحة المرضى دون اكتراث أو رحمة!.
بعض المرضى اشتكوا من تأكيد الطبيب على صنف دوائي “أصيل” دون “البديل” ما يربك المريض بالبحث والصيدلاني بالإقناع.
يرثى له
في لقاءات مع بعض الصيادلة أكدوا أن حال الدواء جيد ومتوفر، لكن حال الناس
ليس بخير، فالمقدرة الشرائية ضعيفة جداً أمام الارتفاع الكبير والأخير في
أسعار الكثير من الأصناف الدوائية، مشيرين إلى أن حال المرضى يرثى له،
فالكثير منهم يدخل إلى الصيدلية يسأل عن السعر ويغادر، والبعض منهم يعرض
“الوصفة” على الصيدلاني ويطلب منه إعطاءه الضروري منها، فيحتار الصيدلاني
ماذا يحذف، علماً أن لكل دواء مفعولاً محدّداً ولا يمكن الاستغناء عن أحد
الأدوية الموصوفة، وبحسب بعضهم، يلجأ بعض المرضى إلى “المفاصلة” على سعر
الدواء والبعض منهم يطلب الدواء بالدين.
على حساب المرضى
ولفت الصيادلة إلى فقدان أصناف دوائية في الشهر الأخير من العام الماضي إثر
العطلة الطويلة والأعمال التي تقوم بها المعامل من جرد أو تجديد الترخيص،
مبينين أن الأصناف الدوائية التي فقدت رئيسية كأدوية الضغط والسكري
وقطّارات للأطفال والصادات الحيوية والأدوية العصبية وحليب الأطفال وغيرها،
ورغم توفر بدائلها لكن المريض لا يقتنع بالبديل، كما أن الطبيب يطلب دواء
من شركة معينة إثر حصوله على نسبة محدّدة من الشركة، وهو اتفاق قائم بين
الطرفين على حساب المريض!، وبيّن الصيادلة أنهم يحصلون على حصص محدّدة من
المستودعات لا تلبي حاجة المرضى، موضحين أن الصنف الدوائي المقطوع يباع
بالسعر الحر مثل “بارادرين” قطارة للأطفال، سعرها النظامي بـ6500 ليرة
بينما يصل سعرها “حر” إلى 14 ألف ليرة!، معتبرين أن سعر الدواء ليس مرتفعاً
قياساً بأسعار جميع المنتجات في الأسواق إنما مرتفع قياساً لدخل المواطن
وقدرته الشرائية الضئيلة!.
بالسعر الحر
وأشار الصيادلة إلى تحكّم أصحاب المستودعات بالأصناف الدوائية التي يزودون
بها الصيادلة، فمثلاً عند انقطاع صنف يتمّ تزويد الصيدليات بحصص تحمّل
عليها أصناف دوائية أو تجميلية غير مطلوبة وغير مرغوبة وقد تكون فاقدة
الصلاحية، وأن فعالية أدوية الشركات الجديدة أقل من القديمة!. ولفت أحد
الصيادلة إلى عدم استجرار أصحاب المستودعات الدواء من المعامل بعد رفع
سعره، ومع ذلك فإنهم يبيعون دواء مصنعاً قديماً بالسعر الجديد بهدف تحقيق
الربح على حساب المريض الذي “لا حول له ولا قوة”!.
وبرّر الصيادلة البيع بالسعر الحر نتيجة استجرار الدواء من المستودعات
بالسعر نفسه، لكن بعض الصيادلة اعتبر الموضوع تجارة وخيانة لأمانة وشرف
المهنة، داعين كافة الصيادلة إلى عدم استجرار الدواء إلا بالسعر النظامي.
75% نسبة توفر الدواء
نقيب صيادلة طرطوس الدكتور شادي عيسى أشار في حديثه لـ”البعث” إلى أن نسبة
توفر الأدوية الوطنية هي بحدود الـ٧٥% تقريباً، وأن أصنافاً أو زمراً
دوائية بالكامل مازالت مفقودة أو مقطوعة، أي تراكيب وليس كما هو شائع أسماء
تجارية، فمثلاً زمرة “ترونترال” موسع وريدي، وزمرة “نيتراكتال” مرهم شرجي
غير متوفرة بالسوق الدوائية، كذلك الأمر بالنسبة لزمرة “مولسيكور”… الخ،
مبيناً أنه عند الحديث عن البدائل مازال المفهوم السائد هو الأسماء
التجارية المحدّدة التي يكتبها بعض الأطباء ويصرّون على إيجادها، مؤكداً أن
الدواء مازال بخير ويؤدي الغرض المطلوب منه وبنسب مرتفعة.
جولات رقابية
وحول أسباب رفع أسعار الدواء وآلية الرقابة على الصيدليات والمستودعات،
أوضح الدكتور عيسى أن التسعير من المعامل الدوائية ووزارة الصحة، وهما
المعنيان بذلك، وأن الرقابة على المنشآت الصيدلية المرخصة تتمّ أصولاً من
صيدليات ومستودعات، وذلك من خلال لجان مختصة مثل لجنة شؤون الصيدليات
والمستودعات بالنقابة ولجنة القرار ٢٩/ ت المشتركة بين النقابة ومديرية
الصحة، إذ تقوم بجولات دورية تراقب حسن سير المهنة وتضبط المخالفات إن
وجدت، مؤكداً أن أي شكوى تصل للنقابة بشكل رسمي ومكتوب، تتمّ معالجتها
فوراً بعد التحقق منها.
مخالف للقوانين
وذكر نقيب الصيادلة أن المخالفات في محافظة طرطوس شبه معدومة، والصيادلة
ملتزمون بالأسعار، وإن وجدت حالات فهي فردية، وتتمّ معالجتها حسب القانون
الناظم للمهنة، مبيناً أن العقوبات تتراوح بين الإنذار والتحويل إلى مجلس
مسلكي بفرع النقابة، مشيراً إلى تلقي الفرع شكويين خلال العام الماضي،
واحدة للنقابة مباشرة وواحدة عبر مديرية صحة طرطوس، وباستدعاء الزملاء
المعنيين تبيّن عدم صحة الشكويين وتمّ طويهما، مشيراً إلى أن السعر النظامي
للدواء هو سعر محدّد من وزارتي الصحة والصناعة للمتممات الغذائية، ولا
يوجد بقاموسنا “سعر حر” وإن وجد فيعتبر مخالفاً للقوانين ونتشدّد بقمعه،
مضيفاً: لا توجد حتى الآن أي شكوى للنقابة من صيدلاني بالأسعار، وعندما
يتمّ إصدار الأسعار فالكل ملتزم بالأسعار الجديدة من مستودعات وصيدليات.
1538 صيدلية
وحول تأكيد الطبيب على صنف “الأصيل” دون “البديل” اعتبر الدكتور عيسى أن
ذلك يخصّ عمل الأطباء، في حين أن النقابة ملتزمة بالقانون وأصول المهنة،
مشيراً إلى وجود نحو ١٥٣٨ صيدلية في المحافظة بين مدينة وريف، معتبراً أن
الرقم كبير بالنسبة لعدد السكان للمحافظة.
دارين حسن
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=128&id=197742