سيرياستيبس
كتب الاعلامي معد عيسى :
غالبا ما تكون المواد المعروضة في السوق السوداء من مصدر خارجي ،أي
تهريب ، إلا في السوق السورية فكل ما يباع فيها مصدره محلي ،أو مستورد بشكل
رسمي لصالح القطاع العام ، ويماثل حالة الغرابة في مصدر هذه المواد
أسعارها، فالبنزين الحر مثلا أوكتان ٩٥ لا يزيد سعره على ١٢٥٠٠ ليرة وهو
متوفر في محطات وقود الأوكتان ٩٥ ومتاح للجميع كل ثلاثة أيام ٥٠ لترا
ولكن تجد على بُعد ١٠٠ متر من المحطة أشخاصا يبيعون بينزين أوكتان ٩٠
وبسعر ١٤٠٠٠ وللأسف الناس تشتري
الخبز أيضا سعره في الأفران بشكل حر ٣٥٠٠ ليرة ولكن يباع أمام الأفران بأكثر من ٥٠٠٠ ليرة ويصل إلى ٧٠٠٠ ليرة .
والسؤال من أين أتى البنزين والمازوت والخبز إلى السوق السوداء ؟.
الجواب ليس صعبا طبعا ويعرفه الجميع، ويعرفون شبكاته المتواجدة في الجهات
العامة ،التي تسرق ما خصصته الدولة لدعم المواطن ، وهذا يدل على عجز حكومي
وتقاعس وربما شراكة من بعض ضعاف النفوس على سرقة ما تقدمه الدولة للمواطن .
اليوم الدولة كما المواطن ضحية شبكات فساد في المؤسسات ومن التجار
وأصبحنا في زمن بات من الصعوبة والاستحالة الاستمرار في هذا الوضع ولا بد
من علاج قد يكون قاسيا على المواطن ولكنه ضروري لبقاء الدولة ومؤسساتها ،
وبالتأكيد عندما تبقى الدولة فإن كل شيء يُمكن أن يعود بشكل أفضل ولكن ليس
بنفس الطريقة السائدة والتي أوصلت الدولة إلى حالة صعبة .
تصحيح السياسات ولا سيما التسعير هو الأساس لقطع الطريق على ضعاف النفوس
وشبكات الفساد ،فعندما تُعطي الدولة الأسعار المجزية للمنتج عند استلام
المنتجات كما في حال القمح والتبغ والقطن والشوندر وغير ذلك من المنتجات
فإن الفلاح والمُنتج سيتفهم بيع الدولة لمنتجاتها وخدماتها بسعر الكلفة .
أصعب ما في قرارات تصحيح الأسعار اليوم هو الوضع البائس للمواطن بعد سنوات
طويلة من الاستنزاف والحرمان ، ولكن كما للمواطن ظروفه فاللدولة ظروفها
الصعبة والقاسية جدا أيضا نتيجة الظروف الخارجية التي لا يمكن معالجتها
لأنها مفرزات أزمات دولية وعالمية ، وأيضا نتيجة ظروف داخلية ناتجة عن خلل
في السياسات الحكومية و بعض السلوكيات للأشخاص والتجار .