سيرياستيبس
قسيمك دحدل :
رغم الآراء الكثيرة حول التأثيرات السلبية للتضخم (ارتفاع الأسعار)، لكننا نفتتح مقالنا هذا بسؤال – نعتقده – غاية في الأهمية، وندعو المختصين من الخبراء الاقتصاديين للإدلاء بدلوهم فيما سنطرح.
السؤال هو: هل هناك حالات يكون فيها التضخم “إيجابياً”؟ وإن كان من الممكن ذلك، فما هي تلك الحالات التي يكون فيها لارتفاع الأسعار تأثيرات إيجابية؟
الجواب: نعم هناك حالات يكون فيها لارتفاع الأسعار تأثيرات إيجابية، ومنها تحديداً إذا كانت معدلات الارتفاع غير عالية، حيث يُنظر إلى هذا التضخم على أنه ضغط لخطر كامن، وعندها يُعمل على خفض قيمة النقود.
في هذه الحالة، يصبح الخفض محفزاً على الادخار والاستثمار، وهذا أفضل وأنجع من مراقبة تآكل القيمة النقدية للعملة الوطنية؛ ويؤخذ بهذه الحجة عند الدفاع عما يسميه بعضهم “تمويل التنمية بالتضخم”، أي التوسّع في الإنفاق التنموي، وبما يزيد على الاكتفاء بموارد المالية العامة المتاحة.
إلا أن معدلات التضخم التي تزيد على الحدود المطلوبة للحرية النقدية وحوافز الاستثمار تعدّ سلبية، بل وقد تكون آثارها كارثية، عندما تبلغ المعدلات أرقاماً عالية أقرب إلى الخيالية، حيث يعمل التضخم على تغيير الأسعار النسبية (نسبة أسعار السلع والخدمات والأجور بعضها إلى بعض)، كما يعمل على دفع الأجور إلى الارتفاع، لكن من الملاحظ أن ارتفاع الأجور يقلّ عن ارتفاع الأسعار، ما يعني انخفاض الأجور الحقيقية.. وعليه إذا كان انخفاض الأجور الحقيقية عالياً، فهذا نذير سوء لأغلب الناس.
في ضوء ما تقدّم، السؤال الذي يمثل تحدياً (بكل ما لكلمة تحدي من معنى) للحكومة وفريقها الاقتصادي هو: هل بالإمكان خفض معدلات التضخم والوصول إلى الحدود التي تسمح لنا بإمكانية “تمويل التنمية بالضخم”؟
وبمعنى آخر، كيف يمكننا تحويل محنة التضخم إلى “منحة” نستطيع من خلالها، وتدريجياً، العمل على تعظيم الإنتاجية في قطاعاتنا الاقتصادية العامة والخاصة والمشتركة والتعاونية، بدلاً من بقائنا أسرى لعبة زيادة الرواتب والأجور رداً على الارتفاعات المتوالية للأسعار، وهي اللعبة غير المجدية مطلقاً في إحداث أي تغيير اقتصادي ونقدي جوهري يعيد لليرتنا السورية قدرتها على أن تكون مؤثرة باتجاه التحسّن الإيجابي إنتاجياً ومعيشياً؟
ولعل “مشروع قانون إحداث الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة..”، الذي أقر في مجلس الشعب قبل أيام، قد يكون أحد الحلول في مسألة “تمويل التنمية بالتضخم”، ولكنه لن يكون كافياً إذا لم ندعمه بإحداث صناديق استثمارية عامة وسيادية يتكافل ويتعاون في بوتقتها المال الاغترابي الخارجي مع “المال التضخمي” الداخلي، وللحكومة في “عملية التحويلات المالية من المغتربين واللاجئين السوريين لذويهم في الوطن” مثالُ يجب أن تحذو حذوه.
مثالٌ، على الحكومة إخراجه من حالته الفردية إلى الحالة الوطنية، عبر تشريع مناسب تركز فيه على التسهيل والتيسير الكبير في الإجراءات التي من شأنها تحفيز الإيرادات الاغترابية وتعظيمها.. وبذلك تكون قد خطت الخطوة الأولى –باعتقادنا– نحو تنشيط العجلة الإنتاجية خاصة والاقتصادية عامة.. فهل تفعلها: تحجيم التضخم وضبطه ومن ثم التمويل به؟
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=131&id=197861