سيرياستيبس :
فادي بيك الشريف :
وجهت وزارة التعليم العالي «الدفة» نحو ترميم النقص الحاصل بأعضاء الهيئة التدريسية في العديد من التخصصات، إذ كشفت المصادر الرسمية في الوزارة أن مجلس التعليم أقر الإعلان عن مسابقة لأعضاء الهيئة التدريسية بعد الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي وضعها الجهاز المركزي التي تمت مناقشتها في المجلس.
وحسب مراقبين فإن لهذا الأمر وجهين أحدهما إيجابي لسد النقص الحاصل وفتح المجال أمام أعضاء جدد للهيئة التدريسية في الجامعات، إلا أن الصورة التي يراها البعض سلبية تكمن في عدم وجود الرغبة الحقيقية لدى البعض في التقدم إلى هذه المسابقات في بعض التخصصات التي لا تلقى دعماً كبيراً من الناحية المادية، لتجد صوابها في الجامعات الخاصة أو بفرص عمل أخرى.
مسؤول في التعليم العالي أكد ل أن الكرة أصبحت الآن في ملعب الجامعات لإعلانها عن مسابقة لتعيين أعضاء هيئة تدريسية في ظل النقص الحاصل في بعض التخصصات، مؤكداً أن الإعلان عن مسابقات «قاب قوسين أو أدنى» في الجامعات وذلك حسب الشواغر الموجودة فيها، علماً أنه تم إعطاء الصلاحية للجامعات بالإعلان عن مسابقة أعضاء هيئة فنية.
و قال الباحث الأكاديمي وأستاذ القانون في جامعة دمشق عصام التكروري: «لا شك في أن الإعلان عن مسابقة من أجل تعيين أعضاء جدد في الهيئات التدريسية هو أمر جيد، وقد يكون من الأجدر لو أفصحت الوزارة عن أعداد حملة الدكتوراه تزامناً مع الإعلان عن هذه المسابقة لنستطيع الوقوف على مدى مقبولية الالتحاق بالسلك التدريسي في الجامعات في زمن بات فيه راتب الأستاذ الجامعي يغطي بالكاد تكاليف المواصلات».
وأضاف: إن الجميع يعلم أن أعداد حملة الدكتوراه في كليات العلوم الإنسانية بات كبيراً جداً وأقله في كلية الحقوق في جامعة دمشق، ولاشك بأن معظم هؤلاء ينتظرون مسابقة للتعيين في الجامعات أملاً في إيجاد فرصة للتدريس في الجامعات الخاصة، بالمقابل، لا يبدو أن أعداد حملة الدكتوراه في الكليات العلمية (الطب بفروعه، الهندسة بفروعها، الصيدلة) مشابهاً لكليات العلوم الإنسانية، هذا فضلا عن أن القطاع الخاص والجامعات الخاصة توفر لهؤلاء فرص عمل مجزية تجعل بتقديري من إمكانية تقدمهم لمسابقات أعضاء الهيئة التدريسية أمراً أقل احتمالاً بكثير من نظرائهم في الكليات العلوم الإنسانية.
واعتبر التكروري أن الدافع الأساسي لزيادة أعداد الهيئة التدريسية يكمن في ضرورة المحافظة على استمرارية مرفق التعليم العالي كمرفق عام، لكن يجب التفكير أيضاً بنوعية هذه الاستمرارية وجودتها، مشيراً إلى أنه هنا بات من الحتمي إعادة النظر بجدية وبإحساس عالٍ بالمسؤولية، بالقوانين الناظمة لعمل الهيئة التدريسية ولاسيما قانون تنظيم الجامعات وقانون التفرغ الجامعي وبالقواعد والقرارات الناظمة للتعاقد بين الجامعات الخاصة من جهة، وأعضاء الهيئة التدريسية من جهة ثانية.
وحسب الباحث الأكاديمي فإن رفد المرفق التعليمي بأعضاء هيئة تدريسية جُدد يجب أن يكون مدخلاً لإعادة النظر بالتعديل التشريعي الذي منع الأساتذة الجامعيين من التقاعد قبل سن الخامسة والسبعين ليس لأن ذلك سيحدّ من إمكانية إسهام هؤلاء بعملية التأليف والإبداع فحسب، بل أيضاً هناك نسبة قليلة من الأساتذة الجامعين يستمرون في التدريس حتى سن الخامسة والسبعين في ظل الظروف المعيشية الراهنة ما لم يتم العمل على إعادة النظر بوضع الأستاذ الجامعي كمدخل لأي رؤيا مستقبلية للارتقاء بجودة التعليم في سورية.
وفي ظل النقص الحاصل بأعداد المدرسين في عدد من التخصصات بالجامعات الحكومية، قال التكروري: لم تقتصر هجرة الأدمغة على مغادرة البلاد فحسب، بل بتنا نشهد هجرة واضحة من قطاع التعليم العام إلى قطاع التعليم الخاص، مؤكداً أن نسبة كبيرة من أصحاب الاختصاصات العلمية في الكليات الطبية والهندسة المعلوماتية يتم استقطابها من الجامعات الخاصة التي تعرض على أصحاب هذه الاختصاصات رواتب شهرية بأضعاف ما يحصلون عليه من الجامعات الحكومية.