محمد فرحة :
منذ سنوات بل منذ عقدين وربما أكثر لم تتوقف صيحات التحذير حول ضرورة
تأهيل العشرات من السدات المائية في مختلف مواقع تواجدها، وخاصة في بادية
ريف دمشق وحماة وحمص، لكن كل هذه الصيحات لم تلق آذاناً مصغية من مسؤولي
الحكومات المتعاقبة طيلة العقود المذكورة، بل حتى السدود الرسمية، كما هو
الحال في سدود أفاميا التي كانت تروي سهل الغاب.
وكلنا يدرك قيمة المياه وما تشكله لأمننا الغذائي، فوجودها يعني وجود
الغذاء والعكس صحيح، وللحفاظ على الأمن المائي وعدم هدره، لابد من زيادة
كفاءة شبكات الري الناقلة للمياه سواء أكانت للزراعة أم لمياه الشرب،
الأمر الذي يقلل من هدرها، فكل قطرة مياه لها حسابها في سنين الجفاف
والشح.
تزيد المعدلات المطرية لدينا في العديد من المناطق تزيد على الـ١٦٠٠ ملم ،
لكن للأسف جلّها يذهب هدراً للبحر، ولا تتعدى نسبة الاستفادة عن الـ ٣٥ %
وهذه النسبة محسوبة بدقة في مجال سهل الغاب.
مدير الموارد الطبيعية والبشرية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية
الدكتور محمد منهل الزعبي أوضح لـ”تشرين”، أنه من المؤسف جداً أن تذهب
مياهنا المطرية هدراً إلى البحر ، أو تضيع من دون الاستفادة منها، وخاصة في
السنين الممطرة والمميزة كهذا العام.
وأضاف الزعبي: إن السدات الترابية في مختلف البادية السورية غير مؤهلة
لتخزين المياه، فهي بأمس الحاجة إلى تاهيل وترميم قبل أي عملية تخزين، حيث
تذهب مياه البادية عبر الوديان هدراً بلا طائل.
وتطرق الزعبي إلى أن سورية من البلدان الممطرة رغم سنوات الجفاف التي مرت
عليها خلال السنوات الماضية، ولذلك لابد من أخذ الحيطة دوماً والاستفادة من
الأمطار الهاطلة بهدف استخدامها صيفاً في سقاية المحاصيل الزراعية.
منوهاً بأن العديد من المنظمات أسهمت دائماً في إنشاء العديد من السدات
التخزينية لدينا، وكان لهذه السدات دور كبير وفعال في استقرار القاطنين في
أعماق البادية.
خاتماً حديثة بأننا أمام خيارين، إما الإسراع في تأهيل السدود والسدات
المائية بهدف الاستفادة من مياه الأمطار وتخزينها، وإما استنباط أصناف
بذرية تتحمل موجات الجفاف، وبالتالي توفر المياه، هذا من جهة، أو من جهة
ثانية الاستغناء عن زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، وخاصة أن الاقتصاد
السوري زراعي بامتياز، فيجب التركيز عليه بكل أشكاله ومشاريعه لتعميق دور
الاستثمار فيه.
وفي هذا الصدد لا بد لنا من الإشارة إلى أن مشروع الري الحديث مازال
يسير سير السلحفاة ، وهو الذي يجب التركيز عليه أكثر بكثير من غيره ومنح
القروض لتركيب الطاقة البديلة على الآبار ، بالتساوي مع قروض تركيب الطاقة
البديلة للإنارة المنزلية.
بالمختصر المفيد: لابد من الإشارة إلى أننا لم ننشئ سداً واحداً منذ
عقدين، بل مازلنا نعاني في السنين الممطرة من الفيضانات وغمر الأراضي
الزراعية وهدر المياه بلا طائل، وفي سنين الشح والجفاف نعاني نقص المياه،
فليس من الحكمة أن تبقى مياهنا المطرية تذهب هدراً للبحر ونبحث عنها صيفاً
لسقاية محاصيلنا الزراعية، وخاصة أن لدينا /٦٩٠/ ألف هكتار تروى بمياه
المشاريع المائية، مقابل مليون هكتار تروى وتعتمد على مياه الأمطار، ويؤكد
خبراء أن الحروب القادمة ستكون حروب مياه، فمَن يمتلكها يمتلك غذاءه والعكس
صحيح.
فماذا تنتظر وزارة الموارد المائية حيال تأهيل السدود والسدات؟
بل يجب أن نشهد إقامة المزيد منها تحصيناً لأمننا المائي والغذائي.