في لقاء معه قال وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر الخليل في رده على سؤال عن اسباب التضخم وانخفاض قيمة اليرة :
إن النظرة التحليلية لسعر الصرف خلال مدة زمنية قصيرة قد يعتبر أمراً غير منطقي أو لا يعطي كل الإشارات اللازمة، فالتحليل الواقعي يعتمد على سلاسل زمنية طويلة؛ وبعُجالة يمكن أن نقول إن سعر الصرف يمثل حالة تراكمية من الأحداث الاقتصادية وغير الاقتصادية أيضاً، وبالتالي فإن سلسلة سعر الصرف خلال سنوات الحرب الــــــ13 تُعبر عن انخفاض في قيمتها، ويعود هذا الأمر إلى جملة من العوامل منها: تراجع معدلات الإنتاج في ضوء التدمير الممنهج للبنى الإنتاجية (معامل وورش سُرقت ونُهبت) والبنى التحتية (دُمرت وفُككت) وتوقفت أو تراجعت قطاعات مولدة للقطع الأجنبي (سياحة، زراعة، نفط، ترانزيت، تصدير… إلخ)، إلى جانب انتهاج سياسات غير مناسبة منذ عقود ما قبل الحرب وثبت ضررها بشكل أكبر في سنوات الحرب كسياسة التمويل بالعجز المعتمدة على اقتراض المالية العامة بشكل مستمر مع طرح نقدي في السوق شكّل حالة ضغط على سعر الصرف كانت نتائجها الواضحة في استمرار انخفاض قيمة الليرة السورية، مع استمرار تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع الضغوط التضخمية وأسعار المواد في دول العالم، إلى جانب النتائج التي حملها الزلزال المدمر الذي ضرب عدة محافظات سورية في شباط من العام الماضي الذي قُدرت خسائره بمليارات الدولارات الأمر الذي جعل مجريات العام الماضي عاملاً ضاغطاً إضافياً على سلسلة سعر الصرف وما تعانيه من اختلالات بنيوية وهيكلية في الاقتصاد.
وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أن الكثير من الدول
شهدت تراجعاً حاداً في سعر صرف عملاتها المحلية مقابل الدولار نتيجة
تأثرها بالمتغيرات العالمية الاقتصادية وغير الاقتصادية، على الرغم من أنها
لم تعاني من العوامل الإضافية المركبة التي عانت منها سورية، وقد انعكس
هذا التراجع على شكل أزمات اقتصادية داخل هذه الدول
• أين نحن اليوم على خريطة الاقتصاد العالمي في ظل الانفتاح مع الدول الصديقة وبعض الدول العربية مؤخراً؟
تتداخل في الإجابة على هذا السؤال مجموعة من المكوّنات، بعضها يتعلق بالمكوّن التجاري، وهنا نشير بشكل خاص إلى الشق التصديري، حيث استطاعت الصادرات السورية أن تصل على سبيل المثال في العام 2023 إلى أسواق نحو /103/ دول حول العالم وإن كانت بأرقام ليست كبيرة، وأفضت الإجراءات الرامية إلى تنمية الصادرات وترشيد المستوردات إلى تحسّن مؤشر تغطية الصادرات للمستوردات ليرتفع في عام 2023 إلى 29 بالمئة مقارنةً بـ13 بالمئة في عام 2022، لكن بالأرقام فهي حكماً ورغم تحسّنها ما زالت أقل بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، أمّا بالنسبة للمكوّن الاستثماري فهناك تعاون دولي في إطار تنفيذ بعض المشاريع الاستثمارية في سورية بالتعاون مع بعض الدول الصديقة، فيما لا يزال الاستثمار الأجنبي المباشر في سورية ضعيفاً وتقوم أغلبية الاستثمارات على الرساميل المحلية.
• ما السبب وراء التضخم الكبير وانخفاض قيمة الليرة السورية في العام الأخير وبما يزيد على سنوات الحرب مجتمعة؟
إن النظرة التحليلية لسعر الصرف خلال مدة زمنية قصيرة قد يعتبر أمراً غير منطقي أو لا يعطي كل الإشارات اللازمة، فالتحليل الواقعي يعتمد على سلاسل زمنية طويلة؛ وبعُجالة يمكن أن نقول إن سعر الصرف يمثل حالة تراكمية من الأحداث الاقتصادية وغير الاقتصادية أيضاً، وبالتالي فإن سلسلة سعر الصرف خلال سنوات الحرب الــــــ13 تُعبر عن انخفاض في قيمتها، ويعود هذا الأمر إلى جملة من العوامل منها: تراجع معدلات الإنتاج في ضوء التدمير الممنهج للبنى الإنتاجية (معامل وورش سُرقت ونُهبت) والبنى التحتية (دُمرت وفُككت) وتوقفت أو تراجعت قطاعات مولدة للقطع الأجنبي (سياحة، زراعة، نفط، ترانزيت، تصدير… إلخ)، إلى جانب انتهاج سياسات غير مناسبة منذ عقود ما قبل الحرب وثبت ضررها بشكل أكبر في سنوات الحرب كسياسة التمويل بالعجز المعتمدة على اقتراض المالية العامة بشكل مستمر مع طرح نقدي في السوق شكّل حالة ضغط على سعر الصرف كانت نتائجها الواضحة في استمرار انخفاض قيمة الليرة السورية، مع استمرار تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع الضغوط التضخمية وأسعار المواد في دول العالم، إلى جانب النتائج التي حملها الزلزال المدمر الذي ضرب عدة محافظات سورية في شباط من العام الماضي الذي قُدرت خسائره بمليارات الدولارات الأمر الذي جعل مجريات العام الماضي عاملاً ضاغطاً إضافياً على سلسلة سعر الصرف وما تعانيه من اختلالات بنيوية وهيكلية في الاقتصاد.
وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة إلى أن الكثير من الدول شهدت تراجعاً حاداً في سعر صرف عملاتها المحلية مقابل الدولار نتيجة تأثرها بالمتغيرات العالمية الاقتصادية وغير الاقتصادية، على الرغم من أنها لم تعاني من العوامل الإضافية المركبة التي عانت منها سورية، وقد انعكس هذا التراجع على شكل أزمات اقتصادية داخل هذه الدول.
• من المتفق عليه أن الطريق الوحيد لتجاوز المعوقات الاقتصادية، كما هو معروف في التجارب العالمية في فترات بعد الحرب أن يتم عبر الإنتاج الصناعي، إلا أننا لم نشهد نهوضاً بهذا القطاع محلياً رغم أهميته؟
إننا نؤكد بأن الإنتاج بشقيه الزراعي والصناعي يعتبران الداعم الأساس للاقتصاد ولليرة السورية والمخرج الإستراتيجي للحالة الاقتصادية الراهنة، على اعتبار أن الاقتصاد الحقيقي القائم على إنتاج وتوزيع السلع والمنتجات يتعامل في المــوارد الاقتصادية بالإنتاج ويوظف الناس ويوفر الســلع والخدمات التي يحتاج الناس إليها في معاشهم، وهو يشكل الرافعة الحقيقة للاقتصاد الحقيقي؛ ولكن على المقلب الآخر نجد أن الاقتصاد المالي هو من يقوم على توفير التمويل اللازم لممارســة الاقتصاد الحقيقي من خلال الإصدار النقدي والأدوات المالية وعمليات الإقراض والاقـتـراض، ومن المفترض أن يكون هنــاك توازن بين حجم الاقتصاد الحقيقــي والاقتصاد المالي، وإن زاد الأخير قليلاً فلا مشــكلة؛ ولكن واقع الحال يقــول إن: حجم الاقتصاد المالي يفوق بكثـيـر جداً حجم الاقتصاد الحقيقي نتيجــة الإصدار النقدي المفرط المعتمد على سياسة الاستدانة من المصرف المركزي لتأمين عمليات الإنفاق الجاري والدعم، الأمر الذي رفع معدلات التضخم ونجم عنه ارتفاع في كلف الإنتاج خفضت معها الطلب المحفز على الإنتاج، وتعاظم الاقتصاد الوهمي القائم على المراهنة على تقلبات أســعار منتجات الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد المالي من أجل تحقيق مكاســب متطفلاً بذلك على مقومات النهوض والبناء الحقيقية.
ولكن الحكومة تسعى إلى معالجة الضغوط المفروضة من تضخم حجم الاقتصاد المالي والوهمي من خلال مراجعة السياسات السائدة في مجال التمويل بالعجز والسياسات الأخرى التي ساهمت في تعزيز التضخم وارتفاعات الأسعار، وتخفيض حدة المضاربات سواء على سعر الصرف أم في قطاعات الاقتصاد غير الحقيقية (عقارات، سيارات) بهدف توجيه رأس المال إلى عمليات الإنتاج، دعم وتحفيز عمليات الإنتاج والتصدير سواء على المستوى الزراعي أم الصناعي (ما صدر مؤخراً من قرارات عن اللجنة الاقتصادية لدعم وتحفيز الصادرات الزراعية باعتبار التصدير مدخلاً تشجيعياً لتحفيز الإنتاج الزراعي، إلى جانب سلسلة من القرارات المتخذة في مجال تشجيع الإنتاج الصناعي سواء من خلال برامج إحلال بدائل المستوردات ودعم سعر الفائدة، ودعم التصدير، وغيرها العديد من القرارات التي صدرت العام الماضي).
• رغم المسايرة لمتطلبات التجار والصناعيين وتذليل العقبات أمام الحجج وراء ارتفاع الأسعار (المنصة، قانون التعامل بغير الليرة…) مازالت الأسعار إلى ارتفاع وتضاعف في أرباح رجال الأعمال؟
لا بد من التأكيد أن العمل الحكومي لا يقوم على ردة الفعل، وبالتالي إن كان هناك تعاط مع مطالب معيّنة فإن الأمر مبني على دراسة واقعية لتلك المطالب تنتهي بنتائج تظهر على شكل قرارات أو قوانين أو مراسيم قد تتفق أو تختلف مع ما تطلبه أي شريحة في مجتمع الأعمال، ولكن بمختصر القول إن توجهات الحكومة ترتكز على مصلحة الحكومة ومصلحة الاقتصاد والتوازن بين حاجات المستهلك والمنتج ومن دون أن يكون هناك مكسب لطرف على حساب الآخر.
إن حالات التلاعب بالأسعار والإثراء غير المشروع تعتبر من الحالات التي يعاقب عليها القانون، وبالتالي فإن متابعة ومراقبة هذه الحالات بعهدة الجهات المعنية المختصة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التغاضي عن مثل حالات كهذه، مع تأكيدنا بوجود مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الأهلي في الإبلاغ عن حالات كهذه أي بمعنى إشاعة ثقافة الشكوى حتى يتم التعامل مع مثل هذه الحالات.
• تعد التعاملات النقدية من أكبر العقبات التي تواجه العمليات التجارية مع سورية، برأيكم ما إمكانية استغلال العملات الرقمية في الالتفاف على العقوبات المفروضة على تحويل الأموال من وإلى سورية وهل فعلاً هناك مثل هذا الأمر؟
تمتاز العملات الرقمية باعتبارها تمتلك مرونة عالية في تسهيل المعاملات مع مستوى من الأمان قد يكون مقبولاً لأطراف العملية إلى جانب تسوية المدفوعات عبر الحدود؛ ولكن بالوقت ذاته لا بد من الوقوف عند سلبيات العملات الرقمية وأولها جهة الإصدار، فالعملات القابلة للتحويل تعتمد على مصارف مركزية مُصدرة في حين أن العملات الرقمية لا تملك هذه الأصالة، إلى جانب أن طبيعة العملات المشفرة اللامركزية تتيح تدفق بعض العملات في السوق وعرضها من قبل مطوريها وبعض المنظمات أي من دون رقابة سلطة نقدية (مصارف مركزية)، الأمر الذي يُمكن هؤلاء المالكين من التلاعب بالعملة لإحداث تحركات كبيرة في الأسعار، وعلى اعتبار أن العملات الرقمية لا تخضع لرقابة سلطات نقدية وبالتالي فإن استخدامها في تسوية المعاملات غير القانونية أمر شائع الحدوث، وبالتالي فهي أحد أكبر عيوب العملة المشفرة، كما استخدمها العديد من الأشخاص لتحويل الأموال التي حصلوا عليها بطريقة غير مشروعة من خلال وسيط شرعي لإخفاء المصدر، وبالتالي نكون أمام حالات لا تحصى من غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولذلك لا يمكن ضبط هذه الحالات.
• رغم التأكيد على أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في واقع الاقتصاد السوري إلا أن الدعم لم يصل إلى أهمية الهدف لجهة فوائد القروض، والتسهيلات الإدارية والتمويل، ما تعليقكم على ذلك؟
يحتاج الحكم على حجم ومدى أهمية استفادة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أي برامج أو قرارات أو تسهيلات أو غير ذلك، الوصول إلى بيانات حقيقية حول عدد المشروعات المستفيدة وتوزّعها قطاعياً وجغرافياً، وهذا الأمر يتطلب وجود مسطرة يتم على أساسها قياس حجم كل مشروع وتحديد عائديته القطاعية، وفي ظل غياب أداة القياس الملزمة، لذا كان لا بدّ من العمل على وضع دليل تعريفي لهذه المشروعات، حيث صدر قرار اعتماد الدليل عن مجلس الوزراء بتاريخ 19/11/2023 وتمّ تعميمه على كل الوزارات والجهات الحكومية وغير الحكومية للعمل بموجبه، وبالتالي بات تقديم المعلومات والبيانات الإحصائية يتطلب تصنيف المشروعات وفق هذا الدليل حسب الحجم (متناهي الصغر- صغير- متوسط- كبير) وكذلك الأمر حسب القطاع (زراعي- صناعي- تجاري- خدمي). وبناءً على المعلومات والبيانات يتم الحكم على مدى أو نسبة تحقيق الأهداف وصحة التقييمات. مع التنويه بأن صدور دليل التعريف هو خطوة من الخطوات التي تمّ العمل عليها، حيث تلاه اعتماد التصوّر العام للسجل الوطني للمشروعات الذي سيربط بين جميع الجهات المعنية بمعاملة تأسيس المشروع ومتابعته، وقد يحل مستقبلاً محل كل أنواع السجلات، حيث سيتم توطين معاملات التأسيس على هذا السجل إلكترونياً وستكون المعاملات مبسطة الإجراءات.
وضمن هذا السياق قام الفريق المعني بمشروع تطوير بيئة أعمال المشروعات بجرد مختلف المعاملات لدى كل الجهات ودراستها وتحليلها من حيث التواتر والتكلفة والجهات المرتبطة بمنح التراخيص ومدى كونها مركزية أو لا مركزية وأيضاً من حيث عدد الموافقات وعدد اللجان التي تدرس كل معاملة، وبالتالي أصبحت الصورة واضحة حول ما يجب تبسيطه وتوطينه على هذا السجل، ليكون قاعدة بيانات شاملة لمختلف أنواع المشروعات في سورية، وجار العمل على الخطوات المتكاملة الأخرى ومن بينها تصنيف الأنشطة الاقتصادية بما يتوافق مع التصنيف العالمي الصادر عن الأمم المتحدة، حيث سيكون لكل نشاط رمز محدد مقترن بعملية إدراج النشاط على السجل وقد أصبح دليل تصنيف الأنشطة جاهزاً بنسبة 95 بالمئة، كما يجري التحضير لتصميم بعض البرامج الاستهدافية التي من شأنها دعم وتطوير عمل بعض أنواع المشروعات في المجالات ذات الأولوية.
وبهذا الصدد، لا بدّ من الإشارة إلى أن جميع الخطوات المنجزة لن نلمس نتائجها الإيجابية وبالتالي لن يشعر المواطن بأهميتها ما لم يكن لدينا إطار قانوني جديد لعمل هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة يأخذ بعين الاعتبار تطوير البنية المؤسساتية من جهة والحوافز والتسهيلات التي يمكن تقديمها للمشروعات من جهة أخرى، وبشكل يضمن توحيد الجهود وعدم تشتتها سواء على المستوى الإداري للجهة المعنية أم على مستوى أصحاب المشروعات المستفيدين قطاعياً وجغرافياً وبما يحقق العدالة والموضوعية في التحفيز والتشجيع.
وضمن هذا السياق تبيّن أن ما تمّ إنجازه وصل إلى مرحلة تستدعي الوقوف ملياً عند مستوى السياسات والخطط والبرامج وآليات التنفيذ ودور البنى التنظيمية الإدارية المعنية، وعند هذه المرحلة تمّ إجراء قراءة وتشخيص دقيق للواقع وقد أظهرت النتائج تعدد البنى المعنية بالاستثمار وتداخل مهامها بغض النظر عن حجم المشروع، وفي بعض الأحيان تعارضها، وهذه الثغرات تبدأ من صكوكها التشريعية، حيث تبيّن على سبيل المثال في قطاع الاستثمار وجود 20 جهة حكومية تُعنى بالتخطيط و27 جهة تُعنى بالتنظيم و44 جهة تُعنى بالتنفيذ.
ولذلك يتم العمل حالياً على إعداد مشروع صك تشريعي جديد يأخذ بعين الاعتبار أهمية توحيد الجهة المعنية بالاستثمار وتنمية المشروعات، ومنحها عناصر القوّة اللازمة للانطلاق بالعمل بالاستناد إلى المحاور التأسيسية التي سلف ذكرها. وجميع هذه الخطوات وغيرها تعود لأهمية قطاع المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، نظراً لدورها في الحد من الفقر وفي إيجاد الدخول وفرص العمل وقدرتها على مقاومة الصدمات وسرعة تعافيها، وكذلك الأمر انتشارها الجغرافي الواسع.
• اتخذت الحكومة خطوات متسارعة في رفع الدعم عن الكثير من القطاعات فما خطة الحكومة لرفع مستوى دخل المواطن وقوته الشرائية؟
إنّ التأجيل المستمر لمقاربة هذا الموضوع كان السمة الأساسية في التعامل مع الملف المذكور لعقود من الزمن، وهذا ما زاد من آثاره السلبية وتفاقماتها. وحتى نكون صريحين فإن معالجة جزء مهم من مشكلات الواقع الاقتصادي تكون من بوابة معالجة ملف عجز الموازنة وتحسين كفاءة الإنفاق العام من خلال توجيه سياسة الدعم بشكل سليم وتدريجي بما يخفف الأعباء التضخمية وذلك لحين إصلاح عجز الموازنة في المدى المتوسط والبعيد، وبما يحقق التوازن بين مستوى الدخول وتكاليف المعيشة مع التخفيف من الآثار التضخمية التراكمية، مع تأكيدنا هنا أن استمرار الدولة في سياسة الدعم بنفس الأشكال والآليات غير المفيدة والمشوهة أصلاً وما تكلفه هذه السياسة من أعباء مالية كبيرة غير مجدية، وما يرافق ذلك من هدر وفساد وغيرها من الظواهر التي تولدها سياسة الدعم بشكلها القديم المستمر وما يقابل هذه السياسة من ارتفاع كبير في عجز الموازنة حتى أصبحنا نمول الدعم بالعجز، وما يعنيه ذلك من مخاطر حقيقية على الاقتصاد الوطني.
وبالتالي نؤكد أن هدفنا المواطن والاقتصاد الوطني، مع تأكيدنا أن الرؤية العامة للملف المذكور تنطلق من تحصين المالية العامة للدولة بتخفيض عجوزات الموازنة، وتوجيه الدعم في تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج باستهداف قطاعات حيوية وبسياسات دعم مناسبة، إلى جانب تحقيق عدالة الدعم بين فئات المجتمع، وتحقيق الرعاية الاجتماعية للفقراء وشرائح المجتمع الهشة بتحسين مستوى دخولها ومعيشتها.
• رغم اللقاءات المتكررة مع الأكاديميين الاقتصاديين إلا أننا لا نجد تطبيقاً لأفكارهم ومقترحاتهم على أرض الواقع؟
حقيقة الأمر غالباً ما نسمع مثل هذا النوع من النقد. وضمن هذا السياق لا بد من التنويه إلى أن آراء الأكاديميين وغيرهم من المختصين والمهتمين بالشأن الاقتصادي لا نسمعها خلال اللقاءات التي تتم معهم فقط، وإنّما نقوم برصدها من خلال الصفحات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى اللقاءات والاجتماعات والندوات وورشات العمل، باعتبارها جلسات حوارية مفتوحة وهامة مع النخب المذكورة. إلا أننا ننوّه إلى أن ما يتم طرحه يمكن تبويبه ضمن مجموعة من الخانات من بينها خانة الأفكار والمقترحات القابلة للدراسة والبحث والتي يتم طرحها للنقاش مع الجهات المعنية وبمستويات مختلفة والأخذ بما يناسب منها، وهنا نشير إلى أن التشريعات والقرارات لا تولد من العدم وإنما هي حصيلة تجميعية للعديد من الرؤى والأفكار ومن ضمنها ما سلف ذكره، وبالتالي نختلف معكم في توصيف التعاطي بعدم التجاوب.
ومن ضمن ما يتم طرحه أيضاً ما يمكن وضعه ضمن خانة عدم إمكانية الأخذ به، لكون المعطيات والوقائع والحيثيات المتوافرة لدى الجهات التنفيذية المعنية هي أوسع مما هو متوافر من معلومات لدى البعض، وإن كنا نثمّن كل ما يتم تقديمه فإننا نؤكد أن الأبواب مفتوحة لجميع المقترحات والآراء التي تكون سمتها الواقعية ومنبعها الغيرية على المصلحة الوطنية.
• لندخل قليلاً في صلب مهام وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، كانت الحكومة قد كلّفت كل وزارة بتحديد مجموعة من الأهداف لتعمل عليها خلال عام 2024، فما الأهداف التي حددتموها لوزارتكم؟ وهل تتوقعون إنجازها مع نهاية العام؟
تتسق أهداف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مع الأهداف المرغوب تحقيقها على المستوى الكلي ولاسيما لجهة رفع معدّل النمو الاقتصادي، والسعي نحو استدامة هذا النمو، بمعنى آخر لا نبحث عن نتائج إيجابية طارئة رافعة للنمو، وإّنما نبحث عن عوامل من شأنها تعزيز فرص استمراره وتطوّره، ولذلك فإن تحقيق الأهداف على هذا الصعيد لا ينتهي مع انتهاء العام، وإنّما يجب أن يستمر العمل عليه مستقبلاً، وإن كنا نطمح وفي الوقت نفسه نعمل على تحقيق ما أمكن من أهداف الوزارة خلال هذا العام. وهنا نشير إلى أن أهم أهداف وزارة الاقتصاد تتمثل في تعميق التنويع الاقتصادي، وذلك من خلال تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في قطاعات ومشاريع تتلاقى مع الأولويات التنموية للحكومة، بالإضافة إلى دعم أسس تمكين المشاريع الحيوية القائمة من خلال توجيه القدرة التمويلية نحو هذه المشاريع.
وبالتالي السعي نحو زيادة شريحة المستفيدين من قانون الاستثمار رقم /18/ وتعديلاته ومن برنامجي «إحلال بدائل المستوردات» و«دعم أسعار الفائدة»، كما نستهدف تنمية الإنتاج المحلي من بوابة سياسة التجارة الخارجية المحابية للإنتاج المحلي والحامية له، وتعزيز الجانب الاستثماري في عمل المناطق الحرة.
ومن أهداف وزارة الاقتصاد أيضاً تحسين واقع بيئة الأعمال في سورية، وتمكين صغار ومتوسطي المنتجين وتعزيز قدراتهم على الاستمرار بأنشطتهم وتطويرها، وكذلك الأمر نستهدف تنمية الصادرات وتعزيز القدرة التصديرية الوطنية، لزيادة مساهمتها في زيادة موارد الدولة من القطع الأجنبي وفي تحقيق النمو الاقتصادي، إضافة إلى تطوير دور المعارض الترويجي والتسويقي في نفاذ المنتجات والخدمات السورية إلى الأسواق المحلية والخارجية.
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=131&id=198349