سيرياستيبس
طرأ انخفاض ملحوظ على أسعار الخضروات خلال الأيام الأخيرة التي تلت عيد الفطر، بعد أن حلقت خلال شهر رمضان، رغم أن الإنتاج كان وفيراً، ولكن هي لعبة تجار وسماسرة، حتى الفلاح كان متهماً هذه المرّة باحتكار المواد!
هذا هو السبب!
قبل شهر رمضان كانت الخضروات في غالبيتها من الزراعات المحمية (بيوت بلاستيكية)، وهي مكلفة جداً للمزارع، وفق ما أكّده عضو لجنة تجار ومصدّري الخضار والفواكه في دمشق، أسامة قزيز، الذي علل سبب ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية بزيادة التكاليف، فحسب قوله كانت أغلب الخضروات منتجة من البيوت البلاستيكية التي تتطلب مصاريف استثنائية غالية تنعكس بالنتيجة على المستهلك، خاصة البطاطا التي بدأت بالارتفاع لأنها أصبحت مطلوبة للمطاعم بمناسبة العيد، حتى الحشائش طالها الارتفاع رغم وفرتها بالسوق، في حين حافظت الفليفلة على سعر 25000 ليرة تقريباً لفترة طويلة، مع الخيار والباذنجان والكوسا ثم بدأت أسعارها بالانخفاض.
تغطية تكاليف
أما بالنسبة إلى مادة الثوم، فأشار قزيز إلى وجود كميات هائلة من الثوم البلدي في السوق تقدّر بنحو 150 طناً، يباع الكيلو منه الآن بـ 10000 ليرة أو أكثر بقليل في بعض المحافظات، واصفاً زراعته بـ “التخزينية”، مثل البطاطا، فعندما يأتي الإنتاج الجديد يتم طرحه في السوق مباشرة، نظراً لحاجة المزارع الماسة إلى السيولة، ثم يقوم بسحب الثوم حتى لا يتحكم به التاجر وطرح مواد أخرى، ليتمكّن من تغطية تكاليف الإنتاج، ويستفيد من ارتفاع السعر، فمثلاً سعر طن البطاطا “بذار” في العام الماضي كان 8 ملايين، والآن فُتح السوق على 20 مليوناً وأغلق على 35 مليوناً، ما يعني أن كيلوغرام البطاطا الزراعي يكلّف 30 ألفاً، وبالتالي لا تُغطي نفقاتها إلا عبر التصدير أو التخزين، فبعض الفلاحين عند توفر القدرة المادية يقومون بتخزين المواد عندهم، وبالتالي تحلّق أسعارها عالياً نتيجة لنقص المعروض.
وقال: في هذا العام نحو 80% من البطاطا الساحلية غرقت في المياه، والآن يتم استدراج المادة من مصر، رغم أنه من المفروض أن يكون هناك نحو 300 طن من البطاطا الساحلية في هذه الفترة من السنة لسدّ الفراغ، وبالتالي تم استيراد حواي 600 طن من البطاطا المصرية بنوعين متوسط وجيد، وقد ارتفع سعرها في بلدها نتيجة لذلك، والمشكلة أن الاستهلاك كبير، ولا يمكن أن ينخفض استهلاكها إلا إذا تحسّن الطقس.
كساد ملحوظ
وقال عبد الرزاق حبزه، أمين سر جمعية حماية المستهلك، إن ارتفاع الأسعار رغم زيادة المعروض لا يتناسب مع القدرة الشرائية الضعيفة للمواطن الذي بات يشتر بشكل محدود بسبب احتكار التاجر، الأمر الذي تسبب في كساد بالبضاعة سواء الخضروات أو غيرها رغم ثبات أسعارها التي أصرّ التاجر على إبقائها ليقينه بحاجة المواطن للشراء.
الفلاح مظلوم
وحول اتهام البعض للفلاحين باحتكار المواد أو تصديرها على نفقتهم الخاصة، نفى الخبير هذا الاتهام، وقال: إن الفلاح مظلوم ولا يملك حيازات كبيرة ولا قدرة لديه للتصدير نظراً لارتفاع الأسمدة وحوامل الطاقة والمبيدات وغيرها، إضافة إلى تلاعب بعض الوحدات الإرشادية والمخاتير واللجان القائمة على توزيع المقننات، حيث اقتصر توزيعها على من يملكون حظوة أكثر من غيرهم أو لديهم حيازات وهمية رغم الطلبات العديدة من الجمعية بضرورة تفعيل دور لجان وزارة الزراعة بالكشف الحسي، دون الاعتماد على كلام لجان الأحياء وغيرها، ليتم توزيع المقننات بشكل عادل، وقال: من الأفضل للفلاح أن يقوم بتسليم منتجاته إلى مراكز التوضيب بينما تقوم لجان التصدير بتصدير المواد، لأن ذلك يعود بالفائدة على الفلاح لأن هناك من يأتي ويشتري منتجاته من أرضها، وبسعر أغلى من الذي يتم التصدّق عليه في سوق الهال.
دراسات غير حقيقية
وبغية تخفيف تكلفة نقل المواد بيّن حبزه أن جمعية حماية المستهلك تقدمت بمقترحات لتخصيص أسواق هال فرعية للتخفيف من الضغط على سوق الهال المركزي في المحافظات، وحمّل وزارتي الزراعة والاقتصاد والمسؤولين باللجنة الاقتصادية المسؤولية نظراً لعدم وجود تخطيط سليم لتحديد موضوع الزراعات وكمياتها والحاجة الفعلية والفائض الذي يجب تصديره، فمثلاً فيما يخص موضوع الزيت قالوا: “سنصدّر الزيت”، فذهب التجار إلى المعاصر وجمعوا الزيت، وبعد أن كان “بيدون” الزيت بـ300 ألف أصبح اليوم يُباع بمليون وثلاثمائة ألف ليرة، وقِس على ذلك أسعار الفواكه والخراف وغيرها.
برادات للغير
وانتقد حبزه للبعث : غياب دور مؤسسات التدخل الإيجابي التي لم تقم بتخزين المواد لتوزيعها في حالات الندرة، وضرب مثالاً على ذلك مادة “الفروج” ففي وقت انخفاض أسعاره كان من المفترض من تلك الجهات أن تقوم باستجراره وتخزينه في براداتها وطرحه بشكل متتالٍ لمنع حدوث نقص في المادة وارتفاع بأسعارها، ولكن للأسف تقوم تلك الجهات بتأجير براداتها للغير “التجار” ولا يتم استثمارها؟.
الخاسر الأكبر
ويبقى الخاسر الأكبر هو المستهلك، فمهما انخفضت الأسعار فإن الراتب المحدود عاجزاً عن مجاراتها، وكذلك الفلاح الذي يشقى ويتعب طوال الموسم ليأتي التاجر “الوسيط” ويحصد على “المرتاح” ثمار تعبه مستغلاً عدم قدرته على تحمّل التكاليف الباهظة إذ إن أغلب الإنتاج الزراعي في السوق المحلية يعتمد على التمويل الذي يقدّمه التاجر “الوسيط” للفلاح “المعتر”، لدرجة أنه يتحكم بالمساحات المزروعة ويفرض على الفلاح أن يقوم بتسليم المحصول له بالسعر الذي يريده، والسؤال الذي يطرحه كل فلاح: أين دور اتحاد الفلاحين؟
ليندا تلي
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=128&id=198539