سيرياستيبس :
لا نبالغ ولا نأتي بجديد إذا قلنا إن مرضى الأورام في محافظة حمص يعانون
معاناة كبيرة وشاقّة بسبب عدم توافر الأدوية اللازمة لهم في المستشفيات
الحكومية، بينما هي متوافرة لدى القطاع الخاص، لكن بأسعار مرتفعة جداً تفوق
قدرة المريض وأهله على تحمل تكاليف العلاج، ونتيجة هذا الوضع، يتوقف
الكثير من المرضى عن متابعة العلاج، ولنا أن نتخيل التعب النفسي والمعنوي
الذي يكابده المريض وذووه..
نحن لا نتحدث عن عدد قليل من المرضى، بل هناك المئات من المرضى في المحافظة
ومن مختلف الفئات العمرية، ورغم وجود عدد لا بأس به من جمعيات تقدم العون
المادي لبعض الحالات، إضافة إلى وجود جمعية مكافحة السرطان التي تقدم قسماً
من تكلفة العلاج لمرة واحدة في الشهر فإن ذلك غير كاف، ولاسيما أن رحلة
علاج مرضى الأورام رحلة طويلة ولا تقتصر على يوم أو يومين، وإنما قد تمتد
لسنوات، وإذا كان الحصار المفروض على سورية والحرب التي تعرضت لها قد ساهما
في تفاقم الموضوع، فكيف تتوفر الأدوية في القطاع الخاص، وهو سؤال نضعه
برسم وزارة الصحة باعتبارها الجهة العليا المعنية بتأمين مستلزمات العلاج
جميعها للمواطنين ؟!.
اللافت في الأمر أيضاً أننا نتحدث عن فقد وقلة الأدوية في محافظة كحمص,
والجهات المعنية تفكر وتخطط لبناء مستشفى خاص بمعالجة الأورام، فما فائدة
المستشفى إذا كانت الأدوية غير متوفرة..؟؟
نستعرض هنا شهادات لمرضى يتلقون العلاج في مستشفيات المدينة الحكومية ولكل واحد منهم معاناته ورحلته الشّاقة..
معاناة كبيرة
السيدة صفاء من حي وادي الذهب ترافق ابنتها الثلاثينية المصابة بورم في
العقد اللمفاوية قالت: “بسبب عدم توفر الأدوية في مستشفيات حمص وبعد أن
طرقت جميع الأبواب لمساعدتي في تأمين الأدوية المطلوبة للجرعات التي أصبحت
تكلفتها بحدود المليون أصبحت أذهب إلى مستشفى البيروني في دمشق مع ما يسببه
السفر من تعب لي ولابنتي المريضة, لكن ليس لدي خيار آخر.
السيد ك.جوراني وهو موظف ومصاب بورم كولون يقول: فوجئت بالسعر المرتفع جداً
للدواء المطلوب للجرعات, ومرتبي الشهري لا يكفي ثمن نصف الأدوية اللازمة
وهي ضرورية للعلاج, وفي الباسل بحي كرم اللوز لا يتوفر سوى قسم بسيط من
الأدوية وليس في جميع الأوقات وإذا استمر الحال على ما هو عليه فإنني غير
قادر على متابعة العلاج.
ورأت السيدة ب. وسوف من ريف حمص الغربي، وهي مريضة سرطان ثدي ووالدها سرطان
كولون أن تكاليف العلاج أرهقتهم مادياً، ووصلوا إلى مرحلة صعبة، وقد طرقوا
أبواب الجمعيات في مدينة حمص لكن دون فائدة تذكر.
السيدة هبة وهي زوجة شهيد وكانت أجرت عملية استئصال للثدي قالت: “تعذبت
كثيراً خلال فترة العلاج بسبب عدم توفر الأدوية في مستشفيات حمص، لذلك ذهبت
إلى مستشفى البيروني في دمشق، والسفر مرهق في الظروف الحالية التي يعاني
منها الجميع, فكيف سيكون الحال بالنسبة إلى مريض السرطان..؟
واعتبر السيد أ. ص- وهو مرافق لزوجته المريضة قال: ربما يستطيع بعض المرضى
تأمين ما يلزمهم من أدوية لكن الأغلبية العظمى منهم لا تتمكن من ذلك، ويسبب
لهم هذا الأمر تعباً كبيراً، إضافة إلى أن بعض الأطباء يطلبون نوعاً
محدداً من الدواء ومن مصدر محدد، وهذا خارج قدرة المرضى وذويهم.
طواقم التمريض
من ناحية ثانية تواصلنا مع عدد من الفنيين والمسؤولين عن الصيدليات وعناصر
التمريض في أقسام الأورام في المستشفيات الحكومية بمدينة حمص وأجمعوا على
أنهم لا يستطيعون فعل شيء لمساعدة المرضى بموضوع توفر الأدوية، وهم يصرفون
المتوفر منها، ويرفعون كتباً إلى المديرية يطالبون فيها بتأمين الأدوية
اللازمة للعلاج، ويتم توفير بعض الأنواع الضرورية بين حين وآخر في المستودع
التابع لمديرية الصحة والكائن بجانب مستشفى الباسل في حي الزهراء.
وأضافوا: إن عدداً لا بأس به من المرضى يتوقفون عن متابعة العلاج بسبب غلاء
الأدوية وارتفاع تكاليف العلاج ولاسيما في الظروف الحالية حيث يصل سعر بعض
أنواع الأدوية إلى ملايين الليرات..!!
الأدوية من الوزارة
وفي اتصال هاتفي مع مدير الصحة الدكتور مسلم الأتاسي أوضح لـ “الثورة” أن
استجرار أدوية الأورام مركزي- أي من وزارة الصحة- وهي تزودنا بما يتوفر
لديها من أدوية، وموضوع قلة الأدوية أو عدم توفرها ليس خاصاً بمحافظة حمص،
وإنما تعاني جميع المحافظات منه، إضافة إلى أنه يتوفر لدينا ما نسبته بين
70 إلى 80% من الأدوية الخاصة بمرضى الأورام, لكن أمراض الأورام عديدة
الأنواع وأدويتها نوعية، لذلك قد لا تتوفر بعض الأدوية النوعية.
وأضاف الأتاسي: إن توفر الأدوية مرتبط بظروف البلد وما تعانيه من حصار وظروف اقتصادية صعبة انعكست آثارها على جميع مفاصل حياة المواطنين السوريين ولاسيما المرضى منهم، لافتاً إلى أمر آخر وهو أن أطباء الأورام يطلبون من مرضاهم نوعية محددة من الدواء لذلك يعاني المرضى في تأمين الدواء المطلوب.
الثورة