كتب الاعلامي أسعد عبود- خاص لسيرياستيبس :
يميل معظم للذين يبدون رأيهم ، إلى ترجيح أن التماسك النسبي المحدد الذي تظهره العملة السورية يعود للتحويلات القادمة من السوريين في الخارج .. دون شك أن للرأي ما يبرره و يجعله قريب من الصحة .. لكن هذا الاستنتاج البسيط السريع يصور الواقع الاقتصادي السوري كأنه في خناقة مالية مع العملات الاجنبية و خصوصا الدولار الاميركي وفقط .. فهل يمكن حسم القضية على اساس ذلك .. ؟؟
نحن بذلك نظلم جهود كبيرة يؤديها ابناء الشعب السوري في مختلف المواقع و كل مجالات العمل الاقتصادي .. ليس الزراعة فقط كما يصور البعض .. بل الصناعة ايضا و التجارة خصوصا التجارة المحلية .. الذي يغيب أكثر في حصر أسباب الصمود المشوه للعملة الوطنية .. هو العوامل السلبية التي تعاني منها العملة الوطنية جراء سياسة الحكومة و مواقفها غير المتوازنة , فالحكومة و رغم كل ما تواجهه الدولة و اقتصادها و يواجهه الشعب و أفراده لا زالت تدير الاقتصاد بالتجليات و الاوامر .. و القرارات بعيدا عن نشر حيثياتها كي يفهمها الناس و يعملون على تطبيقها .
بكل الاحوال الصمود الهش الذي تظهره الليرة السورية لا يشكل ظاهرة يمكن أن تطرح أملا .. ممكن شوية تفاؤل افتراضي .. و التفاؤل هو اوسع الطرق لصناعة الامل .. لكن كلاهما أي التفاؤل و الأمل لا يكونان و لا يكون أي منهما بالترويج و النفاق .. نحن ما زلنا على حافة الجوع .. و كثيرا ما يكون الجوع حالة قائمة و بالتأكيد عندما يصل المواطن إلى الحدود الدنيا مما يمكن أن يشكل وجبة براتب غذائي مقبول ..!؟ عندما تجد اسرة من ستة اشخاص على مائدة الافطار أمام بيضتين و بعض الزيت وبضع حبات زيتون و رغيفين من خبز أو ثلاثة .. هي مبدئيا ليست جائعة .. لكنه جوع أكيد .. و هي حالة قائمة و بنسبة كبيرة ..
بكل الأحوال إن حركة سعر الليرة أمام الدولار او غيره .. لا تشكل مصدر أمل كبير ابدا ..
صحيح أن الدولار يتردد حول سعر 14000 -15000 ليرة للدولار الواحد .. و ان تصمد الليرة لبعض الزمن أمام هذا السعر لا يشكل التفاؤل الذي يوصل للأمل .. أبدا .. لكن بعض التفا..... لن اكمل الكلمة ... ممكن تخيله .. من حيث أن تدهور سعر العملة لم يوصل بعد للانهيار الكامل .. ثم تواجه عملات العديد من البلدان مثل هذه المواجهة لمستويات مختلفة ..
التفاؤل الحقيقي لا يمكن أن يولد من صمود هش و مشوه للعملة الوطنية امام العملات الأجنبية .. وارد بعض التفاؤل مع قليل من الأمل فيما اذا كان النشاط الاقتصادي و الاعمال في سورية تحصل على نسبة من تحويلات الخارج وهو لا بد حاصل ..
السؤال الأكبر و الأهم : هل هناك من يحصد و يحصي كل عوامل دعم العملة و الاعمال و الناس .. سواء داخلية .. أو خارجية .. ليكون لديه المعلومات الوافية و الدقيقة التي توصله إلى احدى أوليات القرار السليم ..
أخشى أن البحث عن أرضية القرار السليم لم يقم بعد .. لكن أرجح - وهو تصور يساير للحقائق القائمة و ليس تحليلا لها - أن في الواقع السوري الراهن على ما فيه من بؤس و عجز .. ما يستحق البحث عن ارضية للتفاؤل الحقيقي و ليس الدعائي المنافق إلى حد ما ..
لست شديد التفاؤل .. و ما زلت بعيدا عن الامل .. لكنني ارفض التشاؤم المقيت القاتل .. صمودنا حتى اليوم .. يترك الباب مفتوحا .. للتفاؤل و الأمل ..
As.abboud@gmail.com