العرض يفوق الطلب
ذروة الإنتاج والحرارة المرتفعة تهويان بأسعار الخضار..



 

سيرياستيبس :

تتكدس الخضار هذه الأيام بشكل كبير في الأسواق، وعلى ما يبدو إن طرحها في السوق يزيد عن الطلب بكثير، الأمر الذي يؤدي إلى كساد كميات ليست بقليلة منها، كيف لا ونحن في ذروة إنتاج الموسم؟ إضافةً إلى وجود العامل الآخر المتمثل بارتفاع درجات الحرارة، والتي أدت إلى سرعة نضج الثمار وإجبار المزارعين على جنيها وتسويقها مهما كان الثمن، والحال يقاس على معظم أصناف الفاكهة.

كميات كبيرة
وأثناء جولة قبيل عصر يوم الخميس الفائت على أسواق مدينة درعا شاهدنا البندورة والخيار والقثاء والكوسا والعجور بكميات كبيرة جداً، وأسعارها منخفضة ولأجود الأنواع، فالبندورة تباع حسب الجودة والصنف بسعر ما بين ١٥٠٠ و ٣٠٠٠ ليرة للكيلو، والكوسا حسب حجمها وجودتها من ٢٠٠٠ إلى ٢٥٠٠ ليرة والعجور كذلك، أما الفاصولياء، فكان سعرها بنحو ٤٠٠٠ إلى ٥٠٠٠ آلاف ليرة، والخيار من ١٥٠٠ إلى ٥٠٠٠ آلاف حسب الجودة والحجم.

تهاوت في المساء
لكن بالعودة إلى سوق الكاشف قبيل غروب نفس اليوم، تبين أن الأسعار تهاوت أكثر نتيجة بقاء كميات كبيرة من دون تصريف، وهي مع درجات الحرارة بدت تتلف تباعاً، ما دفع الباعة إلى كسر الأسعار مرغمين، وعلى سبيل المثال انخفض سعر البندوة لأفضلها جودة (جامدة أو قاسية كما يسمونها) إلى ٢٠٠٠ ليرة، فيما كانت تباع الأقل جودة (طرية ومكسرة) ما بين ٥٠٠ و١٠٠٠ ليرة للكيلو، والحال يقاس على الخيار والكوسا والعجور.

الحرارة العالية سرّعت نضج الثمار وتسببت بعطب جزء منها

كما لوحظ أن بعض الباعة تركوا كميات من الخضار تتنوع بين البندورة والكوسا والخيار والعجور والفليفلة على الطاولات، وخاصة أن اليوم التالي (الجمعة) عطلة ولن “تصمد” تلك الخضار في حال خزنوها ليوم السبت، وبالفعل أخذ بعض الزبائن ينتقون منها الجيد ويأخذونه مجاناً في حالة تكاد تكون فريدة من نوعها، وخاصةً ضمن الظروف الراهنة.

الفاكهة في الركب
وحتى الفاكهة اختلف سعرها على مدار نفس النهار، حيث كانت بأسعار متفاوتة نزولاً، وذلك بدءاً من الظهيرة وحتى المساء، وعلى سبيل المثال الدراق من الحجم المتوسط كان في الصباح بسعر ١٠ آلاف وأمسى عند الغروب ٥ آلاف ليرة، والكرز كان نحو ١٥ ألف وانخفض إلى النصف تقريباً مساءً حسب الجودة، والبطيخ الأصفر هوى من ٢٥٠٠ إلى ١٠٠٠ ليرة للكيلو.
وللعلم، ما حدث يوم الخميس الفائت تكرر يوم أمس السبت، وقد يتكرر وإن بوتيرة متفاوتة في الأيام اللاحقة ما دمنا في ظل ذروة موسم الإنتاج وفي حال استمر ارتفاع درجات الحرارة.

عرضة للتلف
وحسب متابعين، فإن الكميات الكبيرة المطروحة بفعل ذروة الموسم والحرارة المرتفعة، لن تجد طريقها إلى التصريف لأنها أكبر من الحاجة الفعلية، والحرارة المرتفعة بشدة تجعل ما لدى الباعة في الصناديق أو على الطاولات عرضةً لسرعة التلف، ويستبعد جزء من الخضار ليس بقليل من المبيع لعدم قبول الزبائن به، لكن بالعموم، فهولاء الباعة وإن لم يحققوا الأرباح التي يرغبون بها فإنهم لا يخسرون، لأنهم من الصباح وحتى الظهيرة يصرفون كميات معقولة بأسعار جيدة تغطي رأس مالهم وما تبقى يعد ربحاً مهما انخفض سعره.

الفلاح يتحمل التبعات
لكن من يتحمل التبعات السلبية أثناء ذروة الإنتاج وفي ظل الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة هو الفلاح أولاً وأخيراً، حيث يضطر مع فورة الإنتاج إلى المبيع بأسعار قد لا تغطي التكلفة، وأشار عدد من الفلاحين إلى أن خضار مثل الخيار والقثاء والكوسا لا تحتمل تأخير جنيها الذي ينبغي أن يتم كل يومين، وأي تأخير يعني كبر حجم الثمار كثيراً وافتقادها المواصفات التسويقية وعدم القبول لها من المستهلكين، كذلك الفاكهة من دراق ومشمش وخوخ، فالحرارة المرتفعة تفعل فعلها بها لجهة سرعة النضج، وفي حال لم يتم قطفها ستتساقط على الأرض وتضعف قابلية تسويقها، فيضطر الفلاح مرغماً إلى جني الناضج منها وهو بكميات ليست قليلة ويطرحه في أسواق الهال، ومع كثرة المعروض الذي لا يتوازن مع الطلب يتم المبيع بأسعار منخفضة لا تحقق أي ريعية له ولأقرانه.

معامل الكونسروة تتأخر
ويأمل المزارعون بازدياد المنافذ التسويقية الخارجية لتصريف فائض الإنتاج، وألا تتأخر وحدات الخزن والتبريد كثيراً حتى تستجر كميات من الإنتاج لطرحه في غير موسمه أو تصديره للخارج، وكذلك ألا تتأخر معامل الكونسرة حتى تقوم باستجرار البندورة، حيث إن ذلك يمكن أن يحقق توازناً ما بين العرض والطلب ويحدّ نوعاً ما من تهاوي الأسعار لدرجة خسارة المزارعين.

فلاحون يطالبون بسرعة بدء عمل منشآت الكونسروة ووحدات الخزن والتبريد

ذروة وارتفاع حرارة
مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش، أشار إلى أن جني محاصيل الخضار الصيفية بدأ يتزايد على مستوى المحافظة، مؤكداً أن السبب الرئيسي يعود بالدرجة الأولى إلى وصول الإنتاج إلى الذروة، علماً أن المديرية عبر دوائرها الإرشادية تنصح بشكل متكرر الفلاحين بزراعة المحصول على عدة أجيال خلال فترات متتابعة، حتى لاينضج كله دفعة واحدة ويكون عرض كمياته في الأسواق كبيراً ويصبح تسويقه غير مجدٍ، على غير لو كان النضج خلال فترات متلاحقة، إذ يكون العرض لفترة أطول وبكميات مقبولة في السوق، ولفت إلى أن درجات الحرارة المرتفعة كان لها دورها أيضاً في سرعة نضج تلك الخضار في ذروة موسمها بشكل اضطر الفلاحين إلى جنيها بكميات كبيرة باكراً وطرحها في الأسواق، وأمام عاملي ذروة الموسم والحرارة المرتفعة انخفضت الأسعار.

مرغوب للمائدة والتصنيع
ولفت مدير الزراعة إلى أن المحافظة تشتهر بإنتاج مختلف الخضار، والفلاحون يمتلكون خبرات كبيرة على صعيد زراعتها ورعايتها وتقديم كل ما يلزم للحصول على إنتاج متميز كماً ونوعاً، وبالفعل فإن ذلك الإنتاج مرغوب للمائدة والتصنيع الغذائي سواءً في داخل المحافظة أو في محافظات أخرى، وأمل أن تستقر درجات الحرارة حول معدلاتها السنوية ليستقر معها نضج الثمار وطرح الإنتاج في الأسواق، حيث تكون الأسعار مقبولة للفلاح والمستهلك في آنٍ واحد.

٢٤٦ ألف طن إنتاج البندورة
وأشار إلى أن المساحة المنفذة بمحصول البندورة الرئيسية لهذا الموسم تبلغ ٢٠٥٠ هكتاراً بزيادة ٥٠ هكتاراً عن المساحة المخططة، ويقدر إنتاجها بكمية ٢٤٦ ألف طن، حيث تصل مردودية الهكتار الواحد إلى١٢٠ طناً، وبالنسبة للخضار من خيار وباذنجان وكوسا وفليفلة وفاصولياء خضراء ولوبياء وبامياء وملوخية، فإن المساحة المنفذة تبلغ ٢٣٥٠ هكتاراً، فيما المنفذ من البطيخ الأحمر ٥٥٠ هكتاراً والبطيخ الأصفر ٣٢٠ هكتاراً والمقاثي ٢٢٥هكتاراً والبصل الجاف ٣٨٥ هكتاراً.

تساقط الثمار
من جهته، رئيس دائرة الإرشاد الزراعي المهندس محمد الشحادات، ذكر أن الحرارة المرتفعة تؤدي إلى تشكل لفحة الشمس على ثمار الخضار وتغير مواصفاتها، أضف لذلك انخفاض القدرة التسويقية لها وعدم قبول هذه الثمار من المستهلك، كما وتتسبب الحرارة المرتفعة بانخفاض نسبة عقد الثمار وتساقط كمية كبيرة منها لفشل عقدها، كما وأن العطش الناجم عن ارتفاع الحرارة يؤدي إلى تساقط كمية من ثمار الخضار، حيث لا يستطيع النبات حينها الموازنة بين درجات الحرارة الخارجية والتي بداخله، كما وتضعف مقدرة هذا النبات على إحداث توازن الرطوبة لجهة المتاح والمتبخر منها، ويفضل تقارب فترات الري وإعطاء ريات خفيفة، وخاصة عند المساء أو في الصباح الباكر، أيضاً يفضل التسميد المتوازن والخفيف وعدم إعطاء كميات كبيرة من الأسمدة.

مدير الزراعة: المنفذ من الخضار ٢٣٥٠ هكتاراً والبندورة ٢٠٥٠ هكتاراً

الزراعة التعاقدية
وتطرق الشحادات إلى أن معامل الكونسروة تتأخر باستلام محصول البندورة بالرغم من جاهزيتها للعمل، وهي طبعاً تستجر مخصصات من المازوت الصناعي والفيول بأسعار تفضيلية، والكهرباء التي تغذيها وتغذي الآبار التي تخدمها معفاة من التقنين، وكل ذلك للإسهام بتصنيع منتج بأسعار شبه مدعومة، ويفترض بدء عمل تلك المعامل بشكل مبكر لا انتظار هبوط الأسعار إلى حدود التسبب بخسائر فادحة للمزاعين، حيث إن سعر الكيلو الواحد من دبس البندورة لا يباع لدى تلك المعامل بأقل من ١٥ ألف ليرة كمادة خام، أي (دوكمة) غير معبأة بعبوات تسويقية، في حين أنها تشتري البندورة من المزارعين بنحو ٥٠٠ ليرة أو أقل، وهذا غير منطقي، لأنه لا يعقل أن تحقق المعامل أرباحاً كبيرة على حساب خسارة المزارعين، والمقترح في هذا المجال أن يتم اعتماد آلية الزراعة التعاقدية بين معامل الكونسروة والمزارعين كحل لحفظ حقوق المزارعين.

تشرين



المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=128&id=199132

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc