تضارب وتناقض السياستين المالية والنقدية
خبير اقتصادي بيئة الأعمال في سورية طاردة .. الصناعي السوري لايستطيع التنبوء بالقرارات الحكومية القادمة ؟




   

سيرياستيبس 

راما العلاف :

من جانبه رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة حلب الدكتور حسن حزوري وجود أسباب عديدة ومتشابكة لهجرة رؤوس الأموال وأصحاب الشركات وأصحاب الخبرات الفنية من سورية وأهمها الحرب والحصار الاقتصادي والعقوبات من جهة، وسوء إدارة الموارد الاقتصادية المتاحة من جهة أخرى، ولفت إلى أنه رغم توقف الحرب وتحرير قسم كبير من الأراضي والمدن والمناطق التي كانت خارج السيطرة إلا أن رؤوس الأموال المهاجرة لم تعد إلى الوطن نتيجة عدم شعورها بالأمان الاقتصادي.

وأشار حزوري إلى ازدياد الوضع الاقتصادي سوءاً خلال فترة الحرب الاقتصادية على سورية والوصول إلى مرحلة التضخم الركودي، ما أدى إلى هجرة المزيد من رجال الأعمال مع رؤوس أموالهم إلى دول عديدة، وخاصة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وإلى مصر.

ورأى أنه رغم كل القوانين التحفيزية والمشجعة كقانون الاستثمار والقرارات التي رافقته كانت النتائج متواضعة وحجم رأس المال المهاجر أكبر بكثير من حجم رأس المال المستثمر داخلياً، وذلك نتيجة استمرار بيئة الأعمال الطاردة للاستثمار وسوء إدارة الموارد الاقتصادية المتاحة من الجهات الوصائية المختلفة التي ترافقت مع سياسة اقتصادية عززت الاحتكار بدل المنافسة، ما أدى إلى هجرة رأس المال الأهم من الموارد المالية وهو رأس المال البشري بما يمثله من قوى عاملة فنية واختصاصية، حيث هيمن الفساد على معظم المرافق الإدارية والاقتصادية والاجتماعية ما جعل من الاقتصاد السوري اقتصاد سوق مشوهاً.

ورأى الحزوري أن بيئة الأعمال الطاردة تمثلت بأسباب كثيرة من أهمها عدم توافر مقومات نجاح الصناعة رافعة الاقتصاد والمتمثلة بحوامل الطاقة من كهرباء وغاز وفيول ومازوت، وتسعيرهما بأسعار أعلى من الأسعار العالمية كتسعيرة الكهرباء مثلاً، وباقي الحوامل المتوافرة بالسوق السوداء أسعارها عالية، ما يجعل من تكلفة المنتج السوري كبيرة ويفقد قدرته في المنافسة الخارجية إن سمح بالتصدير وغير قادر على تصريف الإنتاج داخلياً نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطن وانخفاض الدخل ما يجعل المنشآت الإنتاجية تعمل بطاقة منخفضة ما يزيد من التكاليف.

ولفت إلى عدم استقرار البيئة القانونية والقرارات التنفيذية وتناقضها أحياناً حيث نجد أن رجل الأعمال السوري، وخاصة الصناعي لا يستطيع التنبؤ بالقرارات الحكومية القادمة من جهة إصدار القوانين الاقتصادية أو تعديلها وإعادة إصدارها مرّة أخرى، ضارباً مثلاً تذبذب في قرارات الاستيراد، إذ يصدر قرار يسمح باستيراد مادة معينة ليتم منعها بعد مدة قصيرة، ويترافق ذلك مع تعقيد إجراءات الاستيراد التي تمنع وصول مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب.

وأشار الحزوري إلى تضارب وتناقض السياستين المالية والنقدية، وتقييد حركة تنقل الأموال بين المدن وتقييد السحب اليومي والتمويل عبر المنصة ورفض تسليم الحوالات بالعملة التي وردت فيها.

وفيما يخص واقع الاستثمار في سورية أكد حزوري أن الاستثمار ما يزال خجولاً ومتواضعاً حيث أن عشرات المشاريع التي أعيد ترميمها أو بناؤها تعاني صعوبات جمة بسبب عدم كفاية البنية التحتية وحوامل الطاقة ووجود تشريعات معيقة للاستثمار، رغم أن قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 والقانون رقم 2 لعام 2023، مساهم في التمهيد لتأسيس مشاريع صناعية وزراعية وسياحية وتجارية بما يتضمن من محفزات وميزات وإعفاءات وتسهيلات لمن يريد الاستثمار في سورية، وتعهده بإيجاد بيئة استثمارية تنافسية والاستفادة من الخبرات التخصصية والعمل على توسيع قاعدة الإنتاج وفرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي، في المقابل هناك قوانين وقرارات وسياسات تخلق بيئة غير مناسبة للاستثمار، وعلى رأسها البيروقراطية والروتين وقوانين تجريم التعامل بغير الليرة السورية.

ونوه حزوري بفرص الاستثمار الواعدة في سورية والكبيرة جداً وهي متاحة في كل القطاعات الزراعية والصناعية، ولاسيما التحويلية بمختلف أنشطتها والسياحية والتجارية والخدمية، وخاصة في ظل التكامل بين الزراعة والصناعة فيما لو تم التخطيط لها بشكل جيد ومتكامل عبر تخطيط إقليمي وتنموي، ونجاح هذه الفرص يتوقف على تجاوز التحديات المعيقة للاستثمار من بنية تحتية وحوامل طاقة وعلى رأسها تأمين الكهرباء وشبكة اتصالات حديثة وإنترنت، تساعد على تحقيق النمو الاقتصادي وعلى التحول تدريجياً نحو الاقتصاد الرقمي.

وأكد أن خلق الفرص الاستثمارية والنهوض بواقع الاقتصاد السوري يتطلب إيجاد حلول ومعالجات، تتلخص في توفير حوامل الطاقة وخاصة الكهرباء، فلا زراعة ولا صناعة ولا اقتصاد نام من دون كهرباء، مع التشجيع على الاستثمار في الطاقات المتجددة ولاسيما الشمسية، وهذا يستدعي صدور صك تشريعي يفرض رسماً جمركياً منخفضاً على مكونات منظومة الطاقة الشمسية .

وشدد على ضرورة إيجاد بيئة تشريعية وقوانين واضحة متكاملة وغير متناقضة يستند عليها الاقتصاد ضمن رؤية اقتصادية واضحة وأهداف قابلة للتنفيذ، واقتصاد تسوده منافسة حقيقية شريفة، بعيدة عن الاحتكار بكل أشكاله.

 



المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=131&id=199180

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc