سيرياستيبس - رصد :
يشير الشمول المالي إلى إمكانية جميع الأفراد الحصول على خدمات مالية ميسورة ومقدّمة بشكل مسؤول، مثل خدمات الدفع والادخار والائتمان والتأمين، لتعزيز مستوى رفاهم. وبشكل عام، تركّز الجهود المبذولة في تعزيز الشمول المالي على الفئات السكانية منخفضة الدخل والمهمّشة، مثل النساء والمهاجرين واللاجئين وصغار المزارعين وغيرهم من الأشخاص الذين لا يتعاملون مع المصارف أو الذين لا يحصلون على الخدمات المصرفية بشكل كاف وتمّ استبعادهم من النظام المالي الرسمي.
يحتاج الناس إلى الحصول على الخدمات المالية لمساعدتهم على إدارة شؤونهم المالية وتحقيق أهدافهم، كتغطية مصاريفهم اليومية والادخار للمستقبل وحماية أسرهم من الصدمات. ولقد بيّنت البحوث أنّ الخدمات المالية الرسمية تُساعد السكان ذوي الدخل المنخفض والمهمّشين على:
تشكّل الخدمات المالية جزءًا من المقوّمات اللازمة لاستيفاء مجموعة واسعة من أهداف التنمية.
في حين أنّ الشمول المالي غير مدرج ضمن أهداف التنمية المستدامة، إلاّ أنّه
يُعتبر من العوامل التمكينية الرئيسية لتحقيق العديد منها. وتنصّ سبعة
أهداف من أهداف التنمية المستدامة بشكل صريح على الشمول المالي من بين
مستهدفاتها:
إنّ منتجات التمويل والتأمين والادخار المتعلّقة بالصحّة تتيح للناس إدارة نفقاتهم الصحيّة، والعديد من مؤسسات التمويل الأصغر تدعم الاحتياجات الصحيّة لعملائها من خلال خدمات غير مالية، كحملات التثقيف الصحي وتقديم خصومات على الخدمات الطبية. كما أنّ تمويل خدمات المياه والصرف الصحي قد يساهم في تحسين صحّة العملاء وفي تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، أي المياه النظيفة والنظافة الصحية.
يمكن تعزيز إمكانية الحصول على مستوى جيد من التعليم، وهو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة وعامل مهمّ للخروج من الفقر، من خلال الشمول المالي. والقروض المقدّمة للطلاب والقنوات الرقمية المتوفّرة لدفع الرسوم المدرسية وغيرها من الخدمات المالية قد تُساعد الأسر ذات الدخل المنخفض على إدارة نفقات التعليم. إلى ذلك، فإنّ القروض المقدّمة للمدارس الخاصّة ذات الرسوم المنخفضة والتي توفّر التعليم للعديد من الأسر ذات الدخل المنخفض التي لا يتوفّر لها التمويل على نطاق واسع، تساعد هذه المدارس على النمو وتحسين عروضها التعليمية.
ساهمت الخدمات المالية الرقمية ونماذج دفع رسوم الطاقة الشمسية "عند الاستهلاك"، بشكل كبير، في توسيع نطاق انتشار الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، وهو الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة.
يشير التمويل الأصغر إلى توفير الخدمات المالية للفقراء. ونشأ هذا المصطلح خلال حركة الائتمان الأصغر التي برزت في السبعينات بهدف تقديم قروض بمبالغ صغيرة قصيرة الأجل لأصحاب المشاريع الصغرى، لبدء أو تنمية أعمال صغيرة، في الاقتصاد غير الرسمي عادةً. ومع انطلاق هذه الحركة وتنفيذ العديد من مبادرات الائتمان الأصغر حول العالم، بدأت التجارب والبحوث تكشف عن الإمكانية المحدودة للائتمان الأصغر في التخفيف من حدّة الفقر وبدأ يتبيّن أنّ الأسر الفقيرة تحتاج إلى مجموعة أوسع من الخدمات المالية، وليس فقط الائتمان. وبالتالي، بدأ يُستخدم مصطلح التمويل الأصغر للإشارة إلى مجموعة أوسع من الخدمات المالية المصمّمة للفقراء، بما فيها خدمات الادخار والائتمان والدفع والتأمين.
ولا يزال مفهوم الشمول المالي أوسع نطاقًا، حيث يشير إلى كافة الجهود المبذولة لضمان إتاحة الخدمات المالية للفقراء. ويضمّ الشمول المالي، إلى جانب مؤسسات التمويل الأصغر، الكثير من الجهات الفاعلة المختلفة، بما في ذلك صنّاع السياسات الذين يعملون على توفير البيئة الرقابية والإشرافية للشمول المالي، وشركات التقنية المالية، وغيرهم من مزوّدي الخدمات المالية غير التقليديين.
الائتمان، وبشكل خاص القروض الصغيرة لأغراض إنتاجية مثل تنمية المشاريع الصغرى، يشكّل المنتج المالي الأصلي الذي بدأت به حركة الائتمان الأصغر. وتُقدّم القروض الصغرى لكلّ من الأفراد والجماعات التضامنية الذين يضمنون قروض بعضهم البعض.
مع تطوّر القطاع، وضعت مؤسسات التمويل الأصغر وغيرها من مزوّدي الخدمات المالية أنواعًا مختلفة من المنتجات الائتمانية. وتمويل الإسكان يعدّ منتجًا هامًا للعديد من الأسر حيث قد يشكّل الإنفاق المنزلي الجزء الأكبر من نفقاتهم. وتوفّر هذه الأنواع من القروض بشكل عام الأموال اللازمة للقيام بأنشطة تشييد إضافية، كتجديد المنازل أو توسيعها أو بناء البنية التحتية الأساسية وتحسينها.
التأمين يساعد الناس على إدارة أنواع مختلفة من المخاطر، كالمخاطر الصحيّة والمخاطر المنزلية وتلك المرتبطة بسبل العيش. وعلى الرغم من أنّ الفقراء أكثر عرضة لمجموعة أوسع من الأحداث غير المتوقّعة، إلا أنّ إمكانية حصولهم على خدمات التأمين محدودة. وبهدف معالجة هذه الحاجة، عقدت العديد من مؤسسات التمويل الأصغر شراكات مع شركات التأمين لتقديم منتجات التأمين الأصغر. وتُعتبر خدمات التأمين على الصحة والحياة والائتمان من منتجات التأمين الأصغر الأكثر رائجة.
برزت خدمات الدفع كخدمة مالية مهمّة في قطاع الشمول المالي، لاسيّما المدفوعات الرقمية التي تساهم في تعزيز أمان المعاملات وسرعتها وملاءمتها لذوي الدخل المنخفض. وتُساهم خدمات الدفع في تسهيل التحويلات المالية من طرف إلى آخر، ويتم استخدامها من قبل الأفراد والشركات والحكومات. ويمكنها أن تساعد الحكومات على توفير التحويلات النقدية للسكان المهمّشين، ومساعدة الأسر على دفع رسوم المرافق العامة، ومساعدة أفراد الأسرة على إرسال الأموال إلى ديارهم، ومساعدة صغار روّاد الأعمال على تأسيس الأعمال.
أصبحت الخدمات المالية الرقمية متاحة بشكل متزايد على الهواتف المحمولة وأجهزة نقاط البيع وشبكات الوكلاء الصغار، وبإمكانها توسيع نطاق الشمول المالي بشكل كبير بسبب تدني تكلفة الوصول إلى المزيد من الأشخاص الذين لا يتعاملون مع المصارف أو لا يحصلون عليها بشكل كاف في المناطق التي تتوفر فيها فروع للبنوك. وتُعتبر منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منطقة ناشطة بشكل خاص من حيث انتشار الخدمات النقدية عبر الهاتف المحمول، حيث يمتلك 33 في المئة من البالغين حاليًا حسابات نقدية على الهاتف المحمول.
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=126&id=199475