احكي يا شهرزاد
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن كل الدراسات والمقالات والتحليلات لم تستطع إعطاء رقم دقيق لحجم الحوالات الخارجية القادمة إلى سورية ، والقصد هنا طبعاَ تحويلات المغتربين لأهاليهم في الداخل، فالأرقام التي ترشح من هنا أو هناك تقديرية بين 6-8 مليون دولار، وقد تتضاعف في المناسبات (الأعياد) إلا أن الجميع متفق أن نحو 80%من السوريين يجدون فيها القشة التي قد تؤمن لهم لفترة ما نجاة من الغرق وسط العاصفة التي تنوء بحياتهم المعيشية اليومية منذ أكثر من 10 سنوات.
قر اعترف
إلى هنا قد يبدو الأمر مقنعاً ومبرراً بحكم تداعيات الأزمة وانخفاض قيمة الليرة ومحدودية الدخل..لكن ما يصعب تبرريه هو أسلوب تسليم الحوالات فخلال الفترات الماضية وحتى اليوم يفاجئ أصحاب استلام الحولات داخلية كانت أم خارجية بصوت الموظفة أو الموظفة الشجي وهو يخبرهم بعد جملة من الاستفسارات تذكرنا بالمساعد جميل في برنامج "حكم العدالة" من وين وقديش القيمة ووين ساكن؟ مع أن الشركة هي من ترسل رسالة الإشعار ويطلعهم عليها المستلم من هاتفه الشخصي ويبرز لهم بطاقته الشخصية ويخبرهم أكلته المفضلة ومطربه المفضل وهواياته...وبعد جلسة الاعترافات التي يرضخ صاغراً لها وإن تكن قد خفت حدتها قبل حين يخبرونه أنه سيستلم المبلغ بشكل رزم من مختلف الفئات 500-1000-2000-5000وهنا بيت القصيد فأول "باشتان" إن كان الرقم بالملايين فهو أمام حجم يملأ به كيس أسود أو أكثر يقدمونه له مشكورين ولعلنا نرثي حالة الخجل التي تعتري موظف المكتب عندما يدخل في سجال مع المستلم كونه عبد مأمور وأن هذا الأمر ليس من عنده وإنما من المصرف وعليك إما أن تستلم أو تؤجل ليوم آخر قد تكون فئات الاستلام 2000 أو 5000 ليرة وهو أمر بحكم الغيب ولكم أن تتخيلوا شخصاً يخرج من مكتب تحويل بأكياس سوداء وكأنه خارج من دكان خضرة بحاجيات الطبخة والـ"باشتان" الثاني هو حال رزم الفئات النقدية وتحديداً الـ500 والـ 1000القديمتين فعدد لا بأس به من الأوراق إما مهترئ بشكل جزئي أو على أجزاء منه لاصق شفاف(فوق-تحت بالنص) وكأنه خارج من عراك تشطيب بالسكاكين.
كمل النُقل بالزعرور
القصة لا تنته هنا فحتى يكمل النُقل بالزعرور يدخل المستلم
بعد خروجه حامل محمل مع الباعة فالكثير منهم يرفض استلام ثمن ما يبيعه لهذه
الشخص إذا أعطاه من فئةالـ500 أو الـ1000 القديمتين لحالتهم المزرية ولعجز
عدادة النقود التي أصبحت مقوم أساسي في أي محل عن التعامل مع المبلغ
وللعلم أي تعامل بيع أو شراء من "قريبو" هو بمئات الآلف الليرات وهنا تبدأ
المعاناة للطرفين بين فترة العد وهذه تالفة وهذه ناقصة وأنا استلمتهم
هكذا....الخ
هذه واقعة من الوقائع التي لمسناها من خلال مشاهداتنا أو ما ينقل إلينا من
الأصدقاء وحتى من يلجؤون إلينا للتحدث في الموضوع هناك امتعاض وتملل وغضب
من هذه السياسات الغير مفهومة او حتى توضيح رسمي، الأمر الذي حدا ببعض
أصحاب الرأي الاقتصادي إعادة ذلك إلى قناعة لدى المصرف المركزي والله أعلم
بإشاعة نوع الثقة المعنوية بالقوة الشرائية لتلك الفئات في الشارع سيما
وأنه لم يصدر أي قرار بسحبها من التداول ، وأي رفض للتعامل معها يحمّل
صاحبها المسائلة القانونية بما يعني أن بإمكان المواطن التوجه للقضاء
للشكوى وحلها إذا بتحلها.
زبدة الكلام
لعلنا بعد هذا الاستعراض الذي هو غيض من فيض ويحمل بين طياته الكثير من التساؤلات التي قد لا نجد لها جواباً مقنعاً فقد تعودنا على ارتجالية القرارات ومن ثم الرجوع عنها تحت مبررات وتنظيرات وشماعة الأزمة...وإن كنا نعتب فهو عتب الغيور على بناء الثقة وخاصة في هذه الظروف، فعمليات تحويل الأموال بطريقة غير شرعية موجودة وتفوت الكثير من العملة الصعبة على الخزينة والتحويلات ركيزة أساسية من هذه الخميرة ورفع المصرف المركزي من قيمتها خلال الفترات الماضية وإن جاءت متأخرة قربت من سعر الصرف في السوق الموازي وشجعت الكثير على تبنيها لهامش الأمان وأحياناَ كنوع من الدعم، أي ننا معكم و بقي على المعنيين أن يقتنعوا أن الحب عندما يكون من الطرفين له وقع وأثر بالغ فكيف إذا كان "بالنص فيه مصاري" وحوالات تسلم بفئات نقدية جديدة ترضي الزبون وتجعله يدعي لكم مو العكس؟!
المشهد
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=126&id=199638