سيرياستيبس
ميس بركات :
حظي
تطبيق برنامج “وين” بأعلى نسبة متابعة من قبل المواطنين أمس، وتزامن بدء
التسجيل على مازوت التدفئة مع ارتفاع خجول لسعر المادة في السوق السوداء،
ففي الوقت الذي سهر فيه السوريون الليل لنيل مقعد في الأشهر الأولى من
الشتاء لاستلام مخصّصات الحكومة لهم من المادة، كانت الآلات الحاسبة لتجار
السوداء تجمع وتضرب وتقسّم الربح بين جيوبهم، إذ وصل سعر المازوت في السوق
السوداء أمس إلى أكثر من 22000 ليرة في الكثير من المناطق، بعد أن تراوح
سعره بين 16-17 ألف ليرة خلال الشهر الماضي، لتفترش عبوات البلاستيك
و”البدونات” الطرقات وصفحات التواصل الاجتماعي، وخاصة مع ازدياد إقبال
الأهالي على الشراء بحكم تأخر صدور قرار بدء التسجيل على المادة وسط تنبؤات
جوية بمنخفضات مرتقبة وشتاء مبكر هذا العام.
ولم
يخفِ أحد القائمين على بيع المادة عبر صفحات التواصل الاجتماعي أن أغلب
الكميات تأتيه عن طريق العائلات التي استلمت مخصّصاتها في وقت متأخر العام
الماضي وحاجتها لثمنها في ظلّ المستوى المعيشي الصعب اليوم، ناهيك عن أن
الخمسين ليتراً “لا تسمن ولا تغني من جوع”، وبالتالي بيعها والاستفادة من
سعرها أفضل من وجودها الشحيح، مضيفاً أن تسعيرة اليوم غير دقيقة كون
التسعير من اليوم حتى نهاية الفصل البارد يكون شبه يومي أو أسبوعي
“كالبورصة” بشكل يتناسب طرداً مع زيادة البرودة أحياناً ورفع الحكومة لسعر
المادة تارة أخرى، وبالتالي ارتفاع سعرها في السوداء بشكل طبيعي.
في
المقابل بذل الكثير من المواطنين جهدهم أمس للتسجيل على المادة لتأمين هذه
الليترات التي تكفي لإشعال الحطب أو بدائله للتدفئة عليه في الأيام
الصعاب، كون تأمين هذه الليترات لاحقاً سيكلّف “مال قارون” بعد أقل من شهر
في حال استمر القائمون على السوق السوداء على وتيرة الرفع غير المبرر
نفسها، وعلى الرغم من تسجيل الغالبية العظمى أمس على المادة إلّا أن شكاوى
الأهالي لا زالت تتكرّر في كل عام حول عملية توزيع مادة المازوت وغياب
العدالة في التوزيع وعدم أخذ جانب أولوية التعبئة حقه، بالإضافة إلى نقص
الكمية المعبأة.
أمين
سرّ جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة أرجع سبب شحّ المادة وقلة
توزيعها على وسائل النقل إلى انخفاض التوريدات تمهيداً لتوزيعها على
المواطنين، لافتاً إلى أن الأحداث التي تجري في لبنان أثرت بشكل كبير على
موضوع المحروقات، ولاسيّما أن خط تهريب المحروقات من لبنان توقف حالياً،
الأمر الذي فتح باب رفع سعرها في السوق السوداء إلى أكثر من 10 آلاف ليرة
من فصل الصيف إلى اليوم، إضافة إلى تخوّف المواطنين من ارتفاع سعرها
أضعافاً مضاعفة خلال الفترة المقبلة، وبالتالي إقبالهم على تأمين البعض
منهم مازوت التدفئة.
ولم
يخفِ حبزة وجود مخالفات كثيرة في الإتجار بالمادة في هذه السوق، ويتمّ رصد
البعض منها من قبلنا ومراسلة الجهات المعنية، إلّا أن أي حملة على هذه
السوق هذه الفترة لن تُثمر بل على العكس سيزداد سعر المادة كردّ فعل عكسي،
وأشار أمين سر الجمعية إلى ضرورة إدخال برنامج مساند لتطبيق “وين” كمنفذ
آخر لتسجيل المواطنين على المادة، وخاصّة مع تعرض البرنامج لضغط كبير خلال
أيام التسجيل، وتوقّع حبزة أن ينخفض سعر المادة عند أول توزيع للحكومة على
المواطنين وطمأنتهم بأن المادة متوفرة وسيحظون بمخصصاتهم، لافتاً إلى أن
الضبوطات المتعلقة بالإتجار بالمواد المقننة “خبز، وقود” يطبّق عليها
المرسوم رقم “8” وتتمّ مصادرة المادة وتغريم الفاعل بثلاثة أضعاف ثمنها،
إلّا أن غياب ثقافة الشكوى من قبل المواطنين هي التي تقف في وجه ضبط
المخالفات، خاصّة وأن نشاط مديريات التموين يتمّ بناء على شكاوى عادية لا
القيام بحملات رسمية دورية.