سيرياستيبس :
قال الباحث والمحلل الاقتصادي محمد السلوم : أن المنتج السوري يواجه اليوم تحديات كبيرة تعوق قدرته على المنافسة محلياً ودولياً، تبدأ هذه التحديات من ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين في الداخل نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور، ما يحد من الطلب على المنتجات المحلية، وعلى الصعيد الدولي، تُعد العقوبات الاقتصادية من أكبر المعوقات التي تعرقل حركة التجارة الخارجية وتحد من قدرة المنتجين السوريين على الوصول إلى الأسواق العالمية.
إلى جانب ذلك، يعاني المنتج السوري من مزاحمة قوية من المستوردات ذات
التكلفة الأقل، حيث يصعب على الصناعات المحلية منافسة المنتجات المستوردة
التي تتمتع بتكاليف إنتاج منخفضة نسبياً. هذه العقبات تعود بشكل كبير إلى
انخفاض الموارد البشرية والمادية المتاحة في البلاد. فالهجرة الجماعية
للكفاءات والحرفيين المهرة والصناعيين أصحاب الخبرة أثرت سلباً في القطاعات
الإنتاجية، بالإضافة إلى نقص كبير في المواد الأولية، ولاسيما الزراعية،
وهو ما أدى إلى انكفاء عدد كبير من المزارعين عن المشاركة في الدورة
الاقتصادية لأسباب متعددة، منها التدهور الاقتصادي وتردي الأوضاع المعيشية.
وحسب السلوم، لا تقتصر المشكلة على الموارد البشرية والمواد الخام، بل تمتد أيضاً إلى التكنولوجيا، حيث تعاني الصناعة السورية من ضعف في تكنولوجيا التصنيع، ما يرفع من تكاليف الإنتاج ويجعل من الصعب منافسة المنتجات العالمية الأخرى، كما أن العديد من المنتجات السورية تفتقر إلى معايير الجودة العالمية، بدءاً من جودة الإنتاج وصولاً إلى التغليف والتعبئة، ما يفقدها القيم الإضافية الضرورية للتسويق الخارجي، وهذا الضعف في المعايير فتح المجال أمام بعض الأطراف لاستغلال العلامة التجارية السورية وتقديم منتجات مقلدة ذات جودة منخفضة في الأسواق الخارجية، ما أثر سلباً في سمعة المنتج السوري.
وبرأيه، لتجاوز هذه المعوقات، يجب على المنتج السوري تلبية متطلبات
أساسية تضمن قدرته على المنافسة محلياً ودولياً. وأهم هذه المتطلبات هو
تحسين الجودة، من خلال الالتزام بالمعايير العالمية وحصول المنتجين على
شهادات جودة معترف بها دولياً مثل ISO، التي تعزز الثقة في المنتجات
السورية. كذلك، يجب أن يتحسن استهداف السوق من خلال التركيز على التسويق
الفعّال، سواء عبر الوسائل التقليدية أم الإلكترونية، ما يساعد في الوصول
إلى الأسواق الدولية وتجاوز بعض العقوبات.
وبيّن أن الحكومة أيضاً لها دور أساسي في دعم هذا التوجه، من خلال تقديم
تسهيلات تصديرية، وخاصة للمنتجات الموسمية التي تحتاج إلى دعم في مراحل
التصدير الحرجة. على سبيل المثال، يجب تحسين البنية التحتية عبر إنشاء
مراكز تخزين وتسويق عالية الجودة، وتأهيل الطرق الداخلية والدولية لضمان
وصول المنتجات في الوقت المناسب للأسواق الخارجية.
واقترح السلوم لزيادة تدفق المنتجات السورية إلى
الأسواق الخارجية، يجب إعادة النظر في الأسواق المستهدفة، الأسواق
الإفريقية وأميركا الجنوبية تمثل فرصة جيدة لترويج المنتجات السورية، حيث
تقل القيود والعقوبات المفروضة على هذه الوجهات مقارنة بالأسواق التقليدية.
كما أن التعاون مع شركات تغليف في دول أخرى قد يكون حلاً مجدياً للحد من
تكاليف التصدير وتسهيل الوصول إلى أسواق جديدة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، السياسات المحلية التي تدعم تعزيز الصادرات تتطلب
جهوداً متواصلة في تحسين العلاقات الدولية وتوقيع اتفاقيات تجارية ثنائية
ومتعددة الأطراف، هذه العلاقات يمكن أن تفتح أبواباً جديدة لتصدير المنتجات
السورية، وأيضاً، يجب أن تركز السياسات الاقتصادية على تطوير البنية
التحتية اللوجستية، من خلال تحسين مراكز التخزين والنقل وتطوير شبكات
الطرق، وكذلك تقديم الدعم التقني والمالي للمنتجين لتحسين جودة المنتجات
وتطبيق أحدث التقنيات في التصنيع. علاوة على ذلك، ينبغي تعزيز الحلول
المالية لتجاوز العقوبات من خلال الاعتماد على التجارة الإلكترونية،
والتبادل التجاري بالعملات المحلية مع دول مثل روسيا والصين وإيران.
وأضاف : إن تعزيز القدرة التنافسية للمنتج السوري يتطلب إستراتيجية شاملة
تشمل تحسين الجودة والتسويق، وتطوير التكنولوجيا، والاستفادة من الدعم
الدولي والحكومي، مع التركيز على تنويع الأسواق المستهدفة وتجاوز العقوبات
عبر حلول مبتكرة.
الاقتصادية