وزارات ومؤسسات القطاع العام في تفاضلية الدمج أو التشاركية
دمشق - ميس بركات- خاص لسيرياستيبس
يبدو أن العمل على فكرة دمج الوزارات والمؤسسات بدأ يلقى النور من جديد، خاصّة وأن دراسات ومقترحات دمج بعض المؤسسات باتت على طاولة الحكومة، مع اختلاف بالرؤية والتعاطي مع الفكرة بطرق غير تقليدية، فدراسة مقترح دمج المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي- الشركة العامة للصرف الصحي على مستوى المحافظات هي قيد الدراسة اليوم من حيث السلبيات والإيجابيات التي سيحصدها الصالح العام في حال تم إقرارها، في المقابل لاقى اقتراح فارس الشهابي بإلغاء وزارة التنمية ودمج بعض الوزارات في إطار نهج جديد يتجاوز الطرق التقليدية في التفكير والتعاطي الحكومي القبول في الكثير من المطارح والرفض في مطارح أخرى، لاسيّما وأن تجربة الدمج السابقة لم تأت أُكلها وبرهنت فشلها لأسباب أرجعها البعض لأمور إدارية وعدم القدرة على إعادة توزيع الموارد البشرية، ليؤكد الدكتور زكوان قريط"كلية الاقتصاد" في تصريح لسيرياستيبس أن فكرة دمج بعض الوزارات مختلف تماماً عن إعادة هيكلة بعض المؤسسات الحكومية، ففكرة دمج بعض الوزارات في الوقت الحالي ناجحة وهذا الأمر يتعلق برؤية واستراتيجية القيادة، إلا أنه من الضروري وضع تساؤلات قبل الدمج عن الايجابيات التي سيتم تحقيقها في هذا الوقت بالذات، وأشار قريط إلى أن الخطوة الأهم اليوم هو النظر إلى إيجابيات وإنجازات كل وزارة منفردة وتقييم أدائها ومعالجتها للملفات المطروحة أمامها بكل كفاءة وفعالية بعد فترة زمنية محددة "ثلاث سنوات"، في المقابل وجد قريط أن موضوع إعادة دمج وهيكلة بعض المؤسسات سيعمل على إعادة تفعيل عملها بكفاءة وضبط النفقات وترشيد الإدارة، أما بالنسبة للتجارب السابقة كدمج وزارة العمل مع الشؤون الاجتماعية فقد كانت غير ناجحة بسبب حجم وتشعبات الملفات والمهام المناطة بكل وزارة وبالتالي يحتاج عملها لوزارتين منفصلتين، منوّها إلى أن مقترح دمج وزارة الري مع الزراعة غير منطقي أيضا لان حجم الأعباء والملفات والمهام أكبر من وزارتين وثلاث وزارات.
في المقابل وجد الخبير الاقتصادي جورج خزام أن دمج وزارتين أو مؤسستين لحل أزمات كل وزارة أو مؤسسة لن ينتج عنه سوى استبدال أزمتين صغيرتين منفصلتين بأزمة كبيرة واحدة يصعب التعامل معه، فالدمج لا يعني تغيير طريقة الإدارة المالية أو التسويقية لهما التي كانت السبب بالانهيار المالي و تراجع الإيرادات ذلك لأن التحسين يحتاج لتغيير جوهري في فلسفة الإدارة التي يتبناها المدير من حيث الخبرة العلمية و العملية و الأمانة، لافتاً إلى أن ما ينقص كل مؤسسة خاسرة بالحقيقة حتى تخرج من الخسارة غير موجود بمؤسسة خاسرة أخرى.
خزام تحدث عن التشاركية للقطاعات الحكومية الخاسرة ( أو التي فيها الكثير من الفساد ) و ليس للقطاعات الرابحة هو ربح مؤكد بحد ذاته كون تخفيض الخسارة هو ربح بحد ذاته ويمكن تسميته بدمج مؤسسة خاسرة من القطاع العام مع مؤسسة رابحة من القطاع الخاص و الغاية منها الاستفادة من الخبرات المتراكمة الفنية و التجارية و التسويقية لدى القطاع الخاص لمصلحة القطاع العام.
وعزا الخبير الاقتصادي عدم كفاءة القطاع العام لإدارة الإقتصاد الوطني إلى انفصال الملكية عن الإدارة، فالمدير ليس هو المالك و لا يهتم سوى بالطريقة التي يجب أن يجمع بها الأموال على حساب تراجع الجودة و زيادة التكاليف، بالتالي عند خصخصة القطاعات الخاسرة أو التي فيها الكثير من الهدر و الفساد فإن المدير من القطاع الخاص سيكون هو أحد المالكين من أصحاب الخبرات و هنا يتم القضاء على الهدر و الفساد بالمال العام.