سيرياستيبس
كتب الاعلامي علي عبود :
لن
يتحقّق تفاؤل السوريين بتغيير ملموس بالوضع الكهربائي في الأمد المنظور،
فها نحن عدنا إلى إسطوانة نقص إمدادات الوقود المشغّلة لمحطات التوليد، أي
لم ولن تزداد ساعات الوصل في فصل الشتاء! وها هو مدير كهرباء دمشق يعلنها
بصراحة: وضع الكهرباء بدمشق حالياً هو ساعة وصل مقابل 5 ساعات قطع! وهذا
الوضع المستمر من حكومة إلى أخرى يدفع بالكثيرين إلى التساؤل: هل لدى وزارة
الكهرباء خطة غير معلنة لإلزام السوريين باستخدام البطاريات والأمبيرات
والمولدات؟
يكفي
إلقاء نظرة من مكان مرتفع لاكتشاف أن أسطح الأبنية تحوّلت إلى غابة من
الألواح الشمسية المستوردة بالقطع الأجنبي، وهذا الوضع يطرح سؤالاً
مشروعاً: كم محطة توليد كان يمكن إقامتها مقابل المليارات المهدورة على
البطاريات والأمبيرات؟
ما
من جهة في العالم تزعم أن الطاقات البديلة والمتجدّدة هي البديل للطاقات
التقليدية، ومع ذلك فإن وزارة الكهرباء تجزم، منذ خمس سنوات على الأقل، أن
البديل لكهرباء الدولة هو الألواح الشمسية، دون أن تبادر مثلاً إلى إقامة
مشروع ضخم للطاقات البديلة، شمسي أو ريحي، يكفي لتغذية بلدة أو ضاحية في
دمشق أو أيّ محافظة أخرى!
لسان
الحكومات المتعاقبة يقول، بصورة متكرّرة للقطاع الخاص: لا تعتمدوا على
الدولة بعد الآن.. نفذوا مشاريع طاقة بديلة لمنشآتكم لإمداداها بالكهرباء!
ولا يختلف الأمر بالنسبة لملايين الأسر السورية، فوزارة الكهرباء تقول لهم
أيضاً، على مدار الساعة: لن نزودكم بساعات وصل كثيرة، استجروا القروض من
المصارف بفائدة أو بلا فائدة لشراء البطاريات والألواح إذا أردتم التمتّع
بساعات طويلة من الكهرباء للإنارة ولتشغيل أجهزتكم الإلكترونية والبرادات
والغسالات والمكيفات والراوترات… إلخ.
وبما
أن الوضع الكهربائي لن يتغيّر قريباً فإننا لم نتفاجأ بتصريحات المسؤولين
بأن التقنين خلال الشتاء مرتبط بكميات المحروقات من جهة، وبالأحمال على
الشبكة من جهة أخرى، وترجمة هذا الكلام لسكان دمشق وضواحيها: لا تنتظروا
أكثر من أربع ساعات وصل متقطعة يومياً!
وإذا
كان هذا هو الوضع في العاصمة، فإنه حتماً أسوأ في المحافظات الأخرى،
وبالتالي على السوريين الاقتناع بالقسر والإلزام أن الخيار الوحيد أمامهم
لمواجهة الظلمة في عزّ الشتاء، إما البطاريات أو الأمبيرات! ورغم هذا
التشاؤم، فإن السؤال يبقى مطروحاً: ألا توجد مقترحات أو آليات تنفيذية تفتح
كوة صغيرة في أزمة الكهرباء المستعصية لأسباب غير معلنة؟
نعم،
هناك إجابة على السؤال، ومن الملفت أن تأتي من رئيس الحكومة محمد غازي
الجلالي في اجتماع مجلس الوزراء يوم 6/ 11/ 2024، فقد أشار الدكتور الجلالي
فيها إلى أن تراجع الجهات العامة، وتأخرها في المبادرة إلى تنظيم وإدارة
بعض المرافق والخدمات سيترك المجال للسوق والقطاع الخاص للقيام بهذا الدور؛
وأعطى الدكتور الجلالي مثالاً واقعياً عن تأخر الجهات الحكومية في
المبادرة، فقال: “ساهم تراخي وتكاسل وزارة الكهرباء في إدارة ملف توزيع
الكهرباء بشكل واقعي وفعلي في بروز ظاهرة الأمبيرات، وكان الأجدى بالوزارة
أن تبادر إلى طرح خلول إبداعية من قبيل تحديد منطقة جغرافية معينة ثم تقوم
بتعهيد توزيع الكهرباء فيها إلى القطاع الخاص – وفق ما تنصّ عليه التشريعات
الناظمة لعملها – ليتولى عملية التوزيع بما يضمن تجاوز الحكومة مشكلة
التعدي على الشبكة واستجرار الكهرباء بطريقة غير مشروعة مع توزيع الطاقات
المتوفرة بأسعار مناسبة”.
ومن
جهتنا، نشير إلى تراخي وتكاسل وزارة النفط في إدارة ملف المحروقات، وكان
الأجدى بها بدلاً من الاكتفاء بإدارة النقص في المحروقات المستمر منذ سنوات
أن تبادر وتتصل بنظيرتها في العراق القريب أو الجزائر الصديق وتعقد
اتفاقيات تتيح تبادل المحروقات بمنتجات وطنية.. فلماذا لم تفعلها حتى الآن؟
الخلاصة..
سبق وقلنا منذ سنوات إننا ما زلنا نحتاج إلى وزراء مبادرين ومبدعين، لا
إلى موظفين تنفيذيين، ونأمل أن يحثّ رئيس الحكومة الدكتور الجلالي كلّ
الوزراء، في كل اجتماع لمجلس الوزراء، وخاصة المسؤولين عن الخدمات الأساسية
للسوريين، على المبادرة والإبداع، ويسألهم كل أسبوع: ما مبادراتكم الجديدة
لحل أزمات العباد واقتصاد البلاد؟