سيرياستيبس :
شهد سوق السيارات في سورية تحولات متسارعة خلال الفترة الأخيرة نتيجة التغيرات الاقتصادية والسياسات الحكومية المتعلقة بالاستيراد. ومع فتح باب الاستيراد بشكل متدرج، ظهرت فرص جديدة للمواطنين والتجار على حد سواء، في حين أن التحديات تتعلق بالأسعار المرتفعة والقدرة الشرائية.
في دمشق ، يروي المهندس الشاب معاذ الطويل ، أنه تمكّن أخيراً من شراء سيارة كورية جديدة بعدما اضطر لبيع قطعة أرض ورثها عن والده. "كانت سيارتي المستعملة تنهار كل أسبوع في الكراج، ولم يعد إصلاحها مجدياً. القرارات الجديدة فتحت لي باباً للحل، لكن السعر كان كارثياً، دفعت 23 ألف دولار، وهذا مبلغ يفوق طاقة معظم السوريين"، يقول الطويل بنبرة ممتزجة بالارتياح والقلق.
أما في حمص، فكان الوضع مختلفاً بالنسبة للموظف الخمسيني محمد النابلسي، الذي كان ينتظر شحنة من السيارات الأوروبية المستعملة ليقتني إحداها. "ادخرت عشرة آلاف دولار لشراء سيارة مقبولة، لكن لم يعد هناك سيارات مستعملة، والسيارات الجديدة تحتاج إلى ضعف المبلغ. اليوم عدت أستقل الحافلات المزدحمة، ولا أعرف إن كنت سأستطيع توفير ثمن سيارة يوماً ما"، كما يقول النابلسي لـ"العربي الجديد".
من جهتهم، يجد التجار أنفسهم في قلب المشهد. تاجر السيارات في ريف دمشق فادي الأحمد، يصف القرار بـ"السيف ذي الحدين". "نعم، فتح السوق أعاد الحركة للمرافئ والمناطق الحرة، لكن منع استيراد المستعمل قلّص قاعدة الزبائن. المستوردون الكبار سيستفيدون، أما التجار الصغار فسيعانون، والمواطن العادي سيدفع الثمن في النهاية"، كما يوضح الأحمد لـ"العربي الجديد".
بدوره، أكد وزير النقل السوري يعرب بدر أن قرار الحكومة بفتح باب استيراد السيارات ليس مطلقاً، بل مرتبط بوضع ضوابط جديدة تهدف إلى ضمان فعالية استخدام المركبات وتلبية الاحتياجات الوطنية. وبيّن الوزير ، أن السيارات السياحية يمكن استيرادها جديدة، على أن تكون من سنة الصنع وسنتين إلى الوراء، بينما يُسمح بمركبات النقل العام والشاحنات بعمر خمس سنوات، ومركبات الأشغال والمعدات الثقيلة بعمر عشر سنوات.
وأضاف: "الهدف من هذه الضوابط ليس منع الاستيراد، بل تنظيم دخول المركبات بطريقة تضمن سلامتها وكفاءتها، بما يلبي احتياجات المواطنين والمؤسسات على حد سواء". وأشار الوزير إلى أن السيارات السياحية يعتمد اختيارها على عدد الأشخاص وحجم الأمتعة وكفاءة الوقود، فيما تُستخدم الحافلات ومركبات النقل العام لنقل عدد كبير من الركاب داخل المدن وبينها بشكل اقتصادي وفعّال لتخفيف الازدحام.
أما الشاحنات ومركبات النقل التجاري فتلعب دوراً رئيسياً في نقل البضائع والمواد التجارية من الموردين إلى الأسواق أو المستودعات، حيث يؤثر عمر المركبة وسعتها على كفاءة النقل وسلامته، بينما تساهم الجرافات والآليات الثقيلة في تلبية احتياجات البناء والطرق والزراعة بما يخدم البنية التحتية والإنتاج المحلي، حسب الوزير.
من الناحية الاقتصادية، يرى خبير الاقتصاد السوري عمار اليوسف أن فتح باب الاستيراد بهذه الضوابط يعزز النشاط التجاري ويحفز دوران رأس المال، لكنه يشير إلى أن التأثير الإيجابي يظل محدوداً إذا لم تتزامن هذه الخطوة مع سياسات دعم القدرة الشرائية للمواطنين وضبط أسعار السوق.
ويضيف اليوسف، ، أن السوق سيستفيد من دخول السيارات الحديثة على المدى الطويل، إذ إنها تقلل تكاليف الصيانة وتزيد كفاءة النقل، فيما تحذر بعض الدراسات من احتمال ارتفاع الأسعار مؤقتاً نتيجة الطلب الكبير مقابل محدودية المعروض. وشهد سوق السيارات في سورية خلال الأشهر الأخيرة نشاطاً ملحوظاً، إذ تم استيراد أكثر من 100 ألف سيارة منذ نهاية عام 2024 وحتى منتصف 2025، بقيمة تجاوزت ثلاثة مليارات دولار. هذه الكمية الكبيرة تم استيرادها خلال فترة لا تتجاوز خمسة أشهر، ما يعكس تسارع حركة السوق بعد القرارات الحكومية المتعلقة بالاستيراد.
أسعار السيارات المستوردة تراوحت بين خمسة آلاف دولار حداً أدنى وصولاً إلى نحو خمسة عشر ألف دولار للسيارات السياحية الجديدة، حسب سنة الصنع والمواصفات الفنية، في حين كانت أسعار بعض السيارات الأكثر تجهيزاً تصل إلى أكثر من 17 ألف دولار في العاصمة دمشق.
العربي الجديد
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=133&id=202674