تعرفة الكهرباء الموجودة.. بين ضغوط “التكاليف والإمكانات”
20/08/2025
سيرياستيبس
زيارة قصيرة إلى “غرفة عمليات وزارة الطاقة” كافية للوقوف على الحجم الحقيقي لفاتورة التشغيل التي ترصدها الدولة سنوياً لقطاع الكهرباء، وتحديداً التوليد منه الذي يحتاج يومياً.
ووفقاً لواقع التغذية الحالي إلى ما يقارب 6 ملايين متر مكعب غاز “طبيعي” يومياً و4000 – 4500 آلاف طن من مادة الفيول “أيول”، لتوليد حوالي 1700 إلى 1800 ميغا واط والتي تصل قيمتها سنوياً إلى أكثر 10000 مليار ليرة سورية، يضاف إلى ذلك تكاليف الصيانة الباهظة جداً، والمتابعة الدورية والدائمة “نقل + توزيع + توليد” لتعزيز وثوقية المنظومة الكهربائية على امتداد المساحة الجغرافية السورية.
سبب مباشر
هذه الأسباب مجتمعة كانت ومازالت السبب الرئيس والمباشر وراء كل تحرك “سابق ولاحق” باتجاه تصحيح فاتورة الكهرباء أو كما يصفها البعض بالتعديل أو إعادة هيكلة الدعم الحكومي المقدم لجميع فئات المستهلكين “منزلي- صناعي- تجاري- زراعي- خطوط معفاة” وعلى مختلف التوترات.
اختصاصي شؤون الطاقة مهند الرواس أكد في حديث لصحيفة الثورة أن ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة الكهربائية، وانخفاض الكميات المستخرجة من الغاز من 30 مليون متر مكعب يومياً إلى ما يقارب ستة ملايين متر مكعب في سوريا، والتحرك الحكومي باتجاه استيراد الغاز الأذربيجاني والصيانات والإصلاحات “الدورية والطارئة المكلفة جداً” وتحديث المنظومة الكهربائية بكافة مكوناتها وراء أي كل ارتفاع أو تعديل “تصاعدي” سيصيب تعرفة الطاقة الكهربائية لخلق حالة من التوازن “نوعاً ما” بين التكاليف والواردات.
وأشار إلى أن التعرفة الجديدة في حال إقرارها واعتمادها رسمياً فإنها “مهما كان مقدارها” لن ترهق جيب وميزانية الصناعي والتجاري والفعاليات “مستشفيات- منتجعات سياحية- فنادق- معامل- مصانع ..” كونهما سيحملونها وبشكل مباشر على التكلفة النهائية للمنتج أو للخدمة الذي يقدمونه، لكنها ستؤثر بشكل مباشر على المواطن “صاحب الدخل المحدود- الموظف” في حال تم تحسين الخدمة وزيادة ساعات التغذية التي سيكون تداعياتها التصاعدية غير هينة عليه حكماً، لأنه “وبلغة المنطق والعقل” كلما ارتفعت ساعات التغذية الكهربائية، زادت الكميات المستهلكة من الطاقة وقفز معها مؤشر فاتورة الكهربائية.
الباحث والمهتم بملف الطاقة الكهربائية فواز قواص أوضح أن أي تحرك مستقبلي للحكومة- وزارة الطاقة- يجب أن يكون باتجاه تعزيز ثقافة الاستهلاك وعقلنة استجرار الطاقة الكهربائية ونشرها من خلال الاعتماد وبشكل فوري، وعلى أوسع نطاق ممكن على الأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة “مصابيح- برادات- غسالات- مكفيات”، والحد من حلقات مسلسل الهدر، وإخراج هذا الملف الهام والحساس جداً “ملف كود العزل الحراري” من أدراج النسيان والإهمال وعدم المبالاة وفرضه بقوة القانون والمصلحة العامة على كل الأبنية الجديدة والمجمعات السكنية والتجارية، على اختلافها، بالشكل الذي يمكن يخفض وبصورة كبيرة جداً وغير متوقعة من فاتورة ليس فقط التشغيل وإنما الاستهلاك أيضاً.
ضمان الوثوقية والديمومة
وأضاف: إن تعزيز المنظومة الكهربائية وضمان وثوقيتها وديمومتها يحتاج إضافة إلى كل ما سبق إلى توسيع مروحة الاستثمار في مشاريع الطاقات المتجددة “الشمسية والريحية على حد سواء”، والبحث عن كل ما هو متاح وممكن لجذب رؤوس الأموال والمستثمرين إلى سوريا التي تمتاز وباعتراف الجهات التابعة للأمم المتحدة بما يقارب من 310 يوم سطوع شمسي على مدار العام.
وبين أن أي زيادة مرتقبة لأسعار الطاقة الكهربائية يجب أن تلامس وتراعي بشكل مباشر الجانب الاجتماعي والاقتصادي للموظفين “أصحاب الدخل المحدود” لتتوافق وملاءتهم المالية، وأن يكون القطاع المنزلي بعيداً عن إعادة الهيكلة الجذرية بل الجزئية البسيطة للتعرفة، على الرغم من أن مؤشر استهلاك لقطاع المنزلي “فقط” للطاقة الكهربائية يشكل ما نسبته أكثر من 57بالمئة من اجمالي كميات الكهرباء المستهلكة، إلى جانب التحرك باتجاه تخفيض الفاقد الفني، ومكافحة ظاهرة الاستجرار غير المشروع للطاقة الكهربائية، وظاهرة الإنارة الصباحية للشوارع والساحات العامة.
وقال: إن أي تعديل لتعرفة الطاقة الكهربائية يجب أن تكون خطوة “استراتيجية” باتجاه إعادة توجيه الدعم نحو النمو الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال تقييم تكاليف الإنتاج والنقل والتوزيع الكهربائي وإجمالي قيمة إيرادات مبيع الكهرباء على مختلف التوترات ولجميع المشتركين “من القطاعين العام والخاص”، لتحديد العجز المالي الذي تتحمله الدولة، لاسيما في ظل عدم التمكن من استرداد تكاليف توليد ونقل وتوزيع الكهرباء والتي يشكل الوقود منها ما نسبته اكثر من90بالمئة، وحسب فئات الاستهلاك وصولاً إلى حدود التكلفة تقريباً، وبما يتناسب مع أسعار الوقود، والتضخم العالمي لأسعار التجهيزات.
الثورة
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=136&id=202686