أولويات النهوض الاقتصادي في سورية مع التركيز على كفاءة الاستثمار ودعم المشروعات الصغيرة
21/08/2025
ورقة عمل حول:
أولويات النهوض الاقتصادي في سورية مع التركيز على كفاءة الاستثمار ودعم المشروعات الصغيرة.
سيرياستيبس
مقدمة إلى: مؤتمر الاستثمار السوري
مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة دمشق
دمشق في 13-7-2025
إعداد: الدكتورعامر خربوطلي
مستشارر وخبير اقتصادي وأستاذ جامعي- مدير عام غرفة تجارة دمشق- ماجستير في دراسات الجدوى الاقتصادية- دكتوراة في دعم المشروعات الصغيرة- عضو مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية- عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية.
الأقسام الرئيسية للورقة
أولاً: أولويات النهوض بالاقتصاد السوري.
ثانياً: أثر مضاعف الاستثمار كمحرك للنمو الاقتصادي السوري.
ثالثاً: أهمية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
رابعاً: نتائج ومقترحات.
أولاً: أولويات النهوض بالاقتصاد السوري:
في مرحلة هي الأهم والأصعب والأدق في تاريخ الاقتصاد السوري الحديث مع انبثاق فجر سورية الحرَّة الأبيّة لابد من وضع قراءة جديدة لمستقبل سورية الاقتصادي تتضمن مجموعة أولويات اقتصادية في المرحلة الحالية تكون أساس لمستقبل اقتصادي واعد.
بدايةً الاقتصاد السوري ورغم تعدد موارده وتنوع مساهمات قطاعاته الزراعية والصناعية والتجارية إلا أن تراجع ناتجه المحلي إلى ما بين (8-10) مليار دولار في حين كان يجب أن لا يقل عن (160) مليار دولار جعله في وضع كارثي غير محمود ولا يمكن معالجة هذا الضعف والتراجع إلا من خلال بداية جديدة تعتمد قواعد اقتصاد السوق التنافسي التنموي المعتمد على المرور الانسيابي للمبادرة الفردية وتعظيم القيم المضافة للقطاعات الرئيسية وهي مهمة ولو بدت صعبة ولكنها قابلة للتنفيذ وتحقق الاختراق التنموي المطلوب وإحداث فارق تنموي/ إيرادي/ معيشي/ اجتماعي/ سريع في المرحلة القصيرة المقبلة على الأقل.
كثيرة هي الدراسات التي تم إعدادها سابقاً لهذه المرحلة بالتحديد وفي مقدمتها الأجندة الوطنية لمستقبل سورية التي شاركت في جانبها الاقتصادي/ التجاري مع مجموعة كبيرة من المختصين والخبراء من خلال اللجنة الاقتصادية/ الاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا) التابعة للأمم المتحددة، إلا أن هذه الدراسات وتسارع الأحداث التي تجازوت العديد من محاورها يستدعي إعادة ترتيب الأولويات على نحو يلبي أولاً حاجة المواطن السوري من تحسين دخله وتعزيز معيشتة وتسهيل وصوله للخدمات الأساسية وتحسين الاستفادة من بنية تحتية لائقة ومتطورة
الأولويات المقترحة تعتمد أساساً على بنية الاقتصاد السوري وهويته الحقيقية غير المستعارة وغير الأصلية ونموذج تنموي محلي منفتح عالمياً يحاكي قواه الكامنة ورغبات مجتمعه وتفضيلات مستثمرية الوطنيين....
1-إعادة الاعتبار للاقتصاد الزراعي داعم التنمية والمشغل الأكبر للأيدي العاملة والضامن للأمن الغذائي وتحرير الزراعة من القوانين المعيقة وفي مقدمتها قانون العلاقات الزراعية وحرية الاستثمار الزراعي وفق متطلبات الأسواق المحلية والخارجية.
2-تأمين متطلبات الزراعة التي تشكل 28% من الناتج المحلي السوري من مواد وآلات وتمويلات لاستقطاب الفئة الشابة وبخاصة الخزان البشري المتحرر من قيود الخدمة العسكرية عبر تأسيس مشروعات زراعية نباتية وحيوانية سريعة المردود وقليلة الفاقد.
3-البدء الفوري بإعادة الاعتبار لتصنيع المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية عبر وحدات إنتاجية صغيرة ومتوسطة في المناطق والقرى والاستفادة من الوفورات في تحقيق قيم مضافة عالية على مستوى التسويق المحلي و الخارجي.
4-الصناعة وهي ثاني قطاعات الناتج السوري وبمشاركة تقارب 28% تحتاج لإجراءات فورية عاجلة تبدأ من تأمين الطاقة ومستلزمات الإنتاج وصولاً إلى تحقيق وفورات وقيم مضافة جديدة داخلية وخارجية والتركيز على صناعات الميزات التنافسية وإلغاء صناعة بدائل المستوردات غير المجدية اقتصادياً.
5-إطلاق برامج لإعادة بناء وتطوير البنى التحتية المتهالكة عبر شركات مساهمة محلية وعربية وأجنبية وعبر اتفاقات شراكة طويلة الأمد.
6-ضمان حرية عمليات الاستيراد والتصدير للسلع والخدمات المطلوبة محلياً وخارجياً والسماح بجميع أساليب التمويل المعتمدة عالمياً دون تقييداً وتفصيلات لا طائل منها.
7-اعتماد قوانين العرض والطلب وتوازن الأسواق عبر خلق أسواق محلية تنافسية تضغط باستمرار لتخفيض الأسعار دون الحاجة لقرارات وتكليفات وإجراءات عديمة الجدوى.
8-الاستفادة من تجارة الترانزيت عبر اعتماد سورية كبلد ممر رئيسي بين دول الجوار والخليج وأوروبا وعبر تركيا مما يعيد الاعتبار لموارد مالية غاية في الأهمية للاقتصاد السوري.
9-إعادة الاعتبار للمناطق الحرة بمفهوم جديد وإجراءات جديدة تجعلها وفي وقت سريع على خارطة المناطق الحرّة الكبرى في العالم بما يحمله ذلك من موارد عبر إعادة التصدير والإدخال المؤقت بقصد التصنيع وإعادة التصدير.
10-التركيز على السياسة النقدية والمالية التي يجب بأن يلعبها البنك المركزي في ضمان استقرار أسعار الصرف والتحرير التدريجي لقيمة العملة والعمل على بناء احتياطي جديد يدعم قوة العملة.
11-معالجة فورية لثلاثية (الفقر والتضخم والبطالة) التي طالت الجزء الأكبر من شرائح المجتمع السوري وقضت على الطبقة الوسطى التي تعتبر (محرك التنمية والضامن الاجتماعي) في أي بلد.
وهذا ما يتطلب العمل الفوري لتخفيض الضرائب والرسوم ما أمكن لزيادة الإنفاق والاستهلاك الذي يدعم العملية الاستثمارية والتوجه نحو إطلاق مشاريع بنية تحتية كبرى لاستقطاب الأيدي العاملة وتحريك مدخرات الأفراد نحو تأسيس شركات مساهمة.
12-ردم فجوة الدخل ونفقات المعيشة التي تجاوزت حدود التصور عبر اتخاذ خطوات تنفيذية من مثل اعتماد مؤشر وطني لأسعار رالمستهلك، يتم من خلاله رفع الأجور والرواتب بصورة شهرية حسب ارتفاع أو انخفاض أسعار السلع والخدمات الرئيسية، بالإضافة لضمان حالة من المنافسة الكاملة للأسواق لتخفيض الأسعار عبر السماح بالدخول والخروج من الأسواق وتوفير معلوماتها للجميع والمنع الكامل للاحتكار وتشجيع الإنتاج المحلي وتفعيل نظام السوق التوازني وإيجاد حل لتلاشي قيمة الرواتب التقاعدية.
13-تفعيل المحركات الذاتية للنمو الاقتصادي التي تستطيع دون تمويل خارجي في الوقت الحالي تغطية جزء من الفجوة التمويلية المطلوبة لإعادة الإعمار من خلال :
-إعادة الاستثمار في رأس المال البشري ومضاعفة إنتاجيته عبر التعليم والتدريب والابتكار والتقانة.
-إرساء قواعد الحوكمة في الشركات والمؤسسات والجمعيات والاتحادات الأهلية/ المدنية.
-تقييم الأثر الاقتصادي للتشريعات والأنظمة والقدرات باتجاه الاستفادة القصوى منها.
-رفع سوية مناخ الاستثمار المحلي وفتحه لجميع الشركات العالمية.
-إعادة هندسة عمليات الإدارة الحكومية لتحقيق نتائج أكبر بتكاليف أقل.
-الإدارة الجيدة لسعر الصرف وفق احتياجات الاقتصاد السوري.
-استقطاب التحويلات الخارجية بكفاءة وعدالة وفاعلية.
14-معالجة فجوة الموارد والإنفاق الحكومي الذي جعل الموازنة العامة فيما سبق في حالة عجز مستمر انعكس تضخماً جمحاً غير مسبوق وارتفاعاً في الأسعار ولا بد من اتخاذ خطوات في اتجاهين:
الأول:إعادة هيكلة القطاع الحكومي والعام وتخفيض الورم الوظيفي غير المبرر عبر النقل لجهات إنتاجية فعّالة وضبط عمليات الإنفاق الجاري وحالات الفساد والهدر والترهل.
ثانياً: إعادة هيكلة الإيرادات الحكومية من ضرائب ورسوم وموارد من خلال تخفيض الضرائب لدعم وتشجيع الأعمال والمشاريع وبالتالي زيادة المطارح الضريبية لاحقاً، بالإضافة لإنهاء الفساد المالي المنتشر في الدوائر المالية والجمركية والإدارية.
15-إعادة هيكلة القطاع العام الحكومي السابق عبر الإبقاء على الفعّال منه والعمل وفق قواعد الربحية الاقتصادية وإنهاء الاستثمارات الخاسرة وإعادة هيكلتها عبر إنشاء شركات مساهمة تطرح أسهمها للجمهور مع ضرورة إدخال التقانات الحديثة وإلغاء الهدر والفساد وضعف الإنتاجية.
16-إعادة الاعتبار للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة عبر منظومة متكاملة من الدعم المالي والفني والإداري والتسويقي على كامل الخغرافية السورية عبر رؤية مستقبلية واضحة لقطاع يشكل ثلثي القطاع الخاص السوري وتفعيل دور الإدارات المحلية لدعم إجراءات ترخيص هذه المشروعات تخفيفاً لهدر الوقت والتكلفة.
17-الحاجة لإلغاء جميع مراسيم الاستملاك والتنظيم العقاري الجائرة والمخالفة أصلاً للدستور وبخاصة في مناطق(القابون الصناعية) قرب دمشق ودعم عودة أصحابها للعمل والإنتاج ورفد الاقتصاد الوطني بالسلع والخدمات.
18-تشجيع صناديق استثمارية تقليدية وإسلامية لتشغيل فائض الأموال المتاحة لدى الأفراد ضمن مشاريع زراعية وصناعية وعقارية وتجارية لتجنب عمليات الاكتناز والمضاربة لدى الأفراد ومنحها التسهيلات اللازمة.
19-تفعيل بورصة الأسهم السورية عبر دعم إنشاء شركات مساهمة جديدة وتشجيع تحول الشركات المساهمة الخاصة المغلقة إلى مفتوحة وإدراج أسهمها في البورصة والسماح بإدراج أسهم الشركات العربية والأجنبية.
20-إعادة الاعتبار لاقتصاد الخدمات الذي كان يُنظر له بأنه غير منتج للقيم المضافة رغم كونه وعبر جميع أقسامه من (تجارة وتمول وتأمين وشحن ونقل ومعارض واستشارات) بشكل حجر الزاوية لنجاح أي نشاطات إنتاجية مباشرة من زراعة أو صناعة أو حرف.
21-العمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية متعددة الجنسيات كونها الأقدر على الاستفادة من وفورات الحجم الكبير والمورد الرئيسي للتقانة الحديثة والإدارة الكفوءة عبر مؤتمرات اقتصادية كبرى.
22-تحقيق اقتصاد الكثرة وهو عكس ما كان سائداً من اقتصاد القلة الذي أدى لانعدام التنافسية وارتفاع الأسعار في حين إن اقتصاد الكثرة عبر الإنتاج المحلي والمستوردات البديلة والوصول إلى حالة التشغيل الكامل زراعةً وصناعةً وتجارةً.
23-تعزيز القدرات التنافسية المعتمدة أساساً على (الأسعار- الجودة- الإجراءات الحكومية) والتي تحقق إذا اجتمعت معاً أعلى درجات التنافسية للسلع والخدمات محلياً وخارجياً.
ثانياً: أثر مضاعف الاستثمار كمحرك للنمو الاقتصادي السوري:
مضاعف الاستثمار هو من أهم المحركات المكتشفة لتفسير شدة الحركة الاقتصادية وهناك عدة مضاعفات منها ما يتعلق بالاتفاق ومنها مضاعف التجارة الخارجية ومضاعف الإنفاق الحكومي ومضاعف الاستثمار وهو الأهم والأخطر على مستوى الاقتصاد الكلي.
فما هو هذا الأثر الذي يعمل مضاعفاً بمستويات كبيرة ويجعل من كرة الثلج الاقتصادية البسيطة جبلاً من الجليد قادراً على تحريك الاقتصاد وتعظيم قيمه المضافة وبالتالي زيادة مستويات الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي.
إننا في الاقتصاد السوري بحاجة إلى وضع جميع المتطلبات الكفيلة بتشغيل آليات المضاعف لتصبح آثاره على مستوى كبير من الفاعلية لتحقيق أقصى درجات الانتعاش والتعافي الاقتصادي.
لنعود إلى أصل الموضوع لنقول أن المضاعف هو العملية الناجمة عن زيادة أولية في أحد المتغيرات الاقتصادية الكلية التي تقود في نهاية المدة إلى زيادة أكبر لذات المتغير، ولهذا يطلق على هذه العملية أثر المضاعف (هو مقياس كمي لأثر اقتصادي وهو اعتراف بأن الاقتصادات المحلي أو حتى العالمية هي عبارة عن شبكة مترابطة لمجموعة من النشاطات الاقتصادية وعندما يحصل تغير في مكان أو جزء ما من الشبكة فأن تأثيراته ستتضاعف في المكان ذاته وفي كل مكان من ذلك النظام تلك التأثيرات تنتج في تأثير كلي أكبر من التأثيرات الذي يمكن أن يتسبب به التغير الأصلي فيما لو حصل ذلك على نحو منعزل عن بقية النشاطات الاقتصادية ويرتبط هذا التحليل بالأصل بالاقتصادي الانجليزي الأشهر (جون كينز) ويعود تاريخه إلى ثلاثينيات القرن العشرين والذي ظهر في طروحات كانت جديدة على الفكر الاقتصادي السائد آنذاك كمعالجة لأزمة الكساد الكبير الذي ظهر في الاقتصادات الرأسمالية في تلك الفترة وقد اقتراح أساساً وسيلة لبلوغ العمالة الكاملة وهدفت هذه الطريقة لإدارة الطلب في المساعدة لتجاوز العجز في استثمار القطاع الخاص بقياس حجم الإنفاق الحكومي المطلوب للوصول إلى مستوى معين من الدخل القومي يسمح بالقضاء على البطالة.
يتأثر المضاعف بمقدار الميل الحدي للاستهلاك فكلما زاد هذا المقدار تعاظم أثر المضاعف وتستطيع الدولة من خلال تعديل الضرائب المباشرة أن تؤثر في حجم المضاعف فعلى سبيل المثال يزيد خفض ضريبة الدخل من مقدار الدخل الإضافي الممكن إنفاقه على شراء سلع وخدمات إضافية وتتحكم عدة عوامل في تأثير هذا المضاعف منها الميل إلى شراء ما يستورد من خارج البلد فإذا ما تم إنفاق جزء من الدخل الإضافي على الواردات فإن هذا النوع من الطلب لن ينعكس على الإنتاج المصنع محلياً إنفاقاً إضافياً كما يتطلب عمل المضاعف وجود طاقة احتياطية في الاقتصاد يمكن من خلالها زيادة حجم الإنتاج وإذا لم يكن العرض مرناً يصبح من غير الممكن الحصول على تأثير تام للمضاعف لأن الزيادة في الطلب الكلي ستقود إلى زيادة في الأسعار بدلاً من الزيادة الكلية في الناتج القومي الحقيقي.
ولتبسيط الأمور أكثر نفترض أنه حصلت زيادة في الاستثمارات الخاصة بمقدار معين فإن هذه الزيادة سوف تحدث مجموعة من ردود الأفعال فشراء السلع الاستثمارية من آلات وتجهيزات ومواد أولية سينتج عنها زيادة في دخول منتجي وموردي هذه المواد وإذا ما قام المنتجون بإنفاق ثلاثة أخماس الزيادة الإضافية مثلاً الحاصلة في دخولهم فإن ذلك سيزيد من حجم الدخل الكلي الناجم عن الاستثمار الأولي وتستمر موجة الزيادات في الدخل مادام المنتجون ومقدمو الخدمات سيستفيدون من تلك الزيادة بفعل الترابط بين سلاسل الأعمال والتوريدات بشرط استمرار وجود ميل حدي كبير للاستهلاك أي طلب استهلاكي فعَّال.
فعلى سبيل المثال وعلى مبدأ (وبالأضداد تُعرف الأشياء) فيمكن التعرف على أثر المضاعف الاستثماري عبر الآلية التالية: حيث أن الإنفاق الاستثماري سواءً الخاص أو العام أو الحكومي أو الأهلي هو عادة موضوع تحولات كبيرة وغير قابلة للتنبؤ فإذا انخفضت ثقة أصحاب الأعمال والمستثمرين فإن الإنفاق الاستثماري سيتدنى أو قد يتوقف وسيؤدي ذلك إلى خفض دخول العاملين وبالتالي إلى خفض إنفاقهم الاستهلاكي مما يؤدي بالضرورة إلى تدني مستويات التشغيل ولانخفاض دخول العاملين في مجال إنتاج السلع والخدمات ويؤدي ذلك كله إلى انخفاض في الدخل الكلي والإنتاج بمقدار أكبر من الانخفاض الذي حصل أصلاً في الإنفاق الاستثماري وهذا الربط بين الإنفاق الاستثماري أو الإنفاق الحكومي أو الصادرات من جهة إلى الدخل أو إلى إنفاق المستهلك ثم على الدخل هو ما اصطلح على تسميته بأثر المضاعف إن معرفة تلك التأثيرات تساعد على فهم عدم قدرة اقتصاد ما على التعافي على نحو سريع في حالة انخفاض الإنفاق الاستثماري إذ أن هذا الانخفاض سيصاحبه انخفاض في الطلب الاستهلاكي وفي حال حصول ذلك ستتزعزع ثقة أصحاب الأعمال بالمستقبل وهو أمر ليس بالسهل استرجاعه.
وعلى نسق مضاعف الاستثمار هناك مضاعف التجارة الخارجية الذي يقيس الزيادة في الناتج المحلي الناجم عن الزيادة في الصادرات.
وكذلك الحال في مضاعف الإنفاق الحكومي الذي يقيس زيادة الدخل الكلي الناجم عن إنفاق حكومي بالمرافق العامة أو البنية التحتية مثلاً.
ما يمكن قوله في النهاية أن أي تحسن في بيئة العمل الاقتصادي مع وجود فرص استثمارية واعدة وذات جدوى ستؤدي في سورية إلى حدوث استثمارات إضافية ستقود إلى سلسلة من الزيادات ستطال جميع أركان العمل الاقتصادي وستؤدي لزيادة الناتج المحلي الإجمالي والفردي وتحسن سريع في مستويات المعيشة وخلق فرص العمل وهذا ما تحتاج إليه اليوم بشكل كبير.
ثالثاً: أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق معدلات أكبر من النمو الاقتصادي:
إن أهمية الشركات الصغيرة والمتوسطة على مستوى الاقتصاديات الوطنية شكَّل دفعاً لأغلب دول العالم للتركيز عليها ودعمها بمختلف وسائل التشجيع والتحفيز من خلال وضع الاستراتيجيات لتنميتها، خاصة وإن هذه الشركات تمثل أكثر من 90% من المشروعات في العالم المتقدم والنامي على حدٍ سواء.
ونظراً للدور الهام لهذه الشركات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي فسوف نستعرض مجموعة من عناصر الأهمية الاقتصادية لهذه المشروعات:
1. إن هذه الشركات تعمل كمولد للموارد البشرية والمالية ومن خلال هذا التفاعل بين الموارد البشرية والمالية سيتم تطوير الاقتصاد بشكل عام . فهذه الشركات سوف توظف القوة العاملة (رأس مال بشري) إضافة للمدخرات (رأسمال مالي) لأهداف استثمارية وإنتاج البضائع والخدمات المتنوعة والناتج سيكون زيادة في معدلات العمل والإنتاج، وبالتالي زيادة في التطور الاقتصادي والاجتماعي.
2. بما أن نشاطات هذه الشركات تتطلب مساهمة مختلف الأطراف العاملة في الاقتصاد بغرض الحصول على منتجات أكبر وتشغيل يد عاملة أكثر بأقل تكاليف ممكنة؛ فإن هذا يعني استخدام أفضل لرأس المال في هذا الاقتصاد.
3. تلعب هذه الشركات دوراً مهماً في تأمين عمال وموظفين مؤهلين لرفد مختلف الصناعات بما يلعب دوراً حيوياً في نمو فروع الصناعة المختلفة.
4. تلعب هذه الشركات دوراً مهماً في تأمين توازن اقتصادي بين الريف والمدينة حيث أن أغلب هذه الشركات تعمل في الأرياف والضواحي بينما الشركات الكبيرة في المدن.
5. تساهم في تأمين فرص عمل وزيادة قدرة الموظفين على المساهمة في المجتمع بشكل أكبر.
6. تتمتع بمرونة إدارية وقلة في البيروقراطية ولذلك نجدها تستجيب بشكل أفضل وأسرع مع قرارات الحكومة وسياساتها من الشركات الكبيرة.
7. تعطي فرصاً آمنة لرجال الأعمال بأن يطوروا مواهبهم وقدراتهم الفردية. مما يؤدي لزيادة في المنافسة في السوق، وخلق بيئة صحية لفرص العمل، إضافة لتأمين منافذ إنتاجية آمنة لرجال الأعمال الشباب مما يساهم في تطور الاقتصاد والثروة.
إن التركيز العالمي الذي تشهده أغلب دول العالم على الشركات الصغيرة والمتوسطة يعود لأسباب تتعلق بأهمية هذا النوع بالنسبة للاقتصاد الوطني، ورغم أن المراجع الاقتصادية تفصل في معرض شرحها بين الشركات الصغيرة والمتوسطة وبين الصناعات الصغيرة والمتوسطة إلا أن مفهوم الشركة يعد أشمل من الصناعة لأن الشركة تضم عادةً النشاط التجاري، أو الخدمي، أو الصناعي، أو جميعهم بنفس الوقت.
وترجع أهمية مساهمة الصناعات الصغيرة والمتوسطة في عملية التنمية إلى النواحي التالية:
1. تعتمد هذه الصناعات عادةً على العمالة المكثفة وتميل إلى توزيع الدخل بصورة أكثر عدالة مقارنة بالشركات الكبيرة، وبالتالي فهي تساهم في خلق فرص عمل أكبر وتخفف من حدة الفقر.
2. تسهم في رفع كفاءة تخصيص الموارد في الدول النامية التي تتميز بوفرة الأيدي العاملة وقلة المصادر المالية.
3. تدعم هذه الصناعات في بناء القدرات الإنتاجية، فهي تساعد على استيعاب الموارد الإنتاجية، وتسهم في إرساء أنظمة اقتصادية تتسم بالمرونة تترابط فيها هذه الصناعات، وهي تنتشر في حيز جغرافي أوسع من الكبيرة، وتدعم نموذج المبادرة ومهاراتها.
4. استغلال مدخرات الأفراد والحد من الاستهلاك.
5. استغلال الموارد الأولية المحلية.
يمكن القول أن المشروعات الصغيرة أضحت اليوم جوهر النجاح الاقتصادي ولا يمكن للاقتصاد السوري النهوض السريع دون إعادة تنظيم ودعم هذا القطاع وترك الفضاء الكافي ليعمل ويجد في إطار منظومة كاملة من الدعم والتشجيع تتناول الجوانب التشريعية والمالية والإجرائية والتسويقية وبهذه الحالة فقط نضمن دوراً اقتصادياً فاعلاً لهذه المشروعات على المستوى الكلي والجزئي.
وخلافاً لما يُروج له في بعض الأوساط أن خيار سورية الاقتصادي في المشاريع الكبيرة والتكتلات الكبرى وأن المشاريع الصغيرة لا تصنع تنمية قوية، يمكن التأكيد مرة ثانية وثالثة ورابعة أن تلك المشروعات هي من نسيج المجتمع السوري وهناك أنواع معينة من الأعمال والورشات والخدمات لا يمكن لها أن تنجح وتستمر إذا لم تكن صغيرة أو متناهية الصغر بعكس المشاريع الاستراتيجية التي يجب أن تكون متوسطة وكبيرة لتحقيق وفورات الحجم الكبير.
في التفصيلات نقول يحدث النمو الاقتصادي من خلال تراكم الاستثمارات الفردية الخاصة والعامة، وتركز معادلة النمو الجديدة على عناصر الاستغلال الأمثل والريعية والتقانة والريادة كعناصر جديدة رديفة لوجود رأس المال، والمشروع المتعثر أو منخفض القيم لا يؤدي لإحداث النمو المطلوب وبالتالي لا يؤدي لزيادة الناتج المحلي وتوزيع عوائده على السكان عبر زيادة الدخل الفردي ومستويات المعيشة.
قطاع المشروعات متناهية الصغر في سورية يشكل حوالي 60% من قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل بدورها حوالي 97% من إجمالي القطاع الخاص السوري والذي يساهم حالياً بحوالي ثلثي الناتج المحلي السوري، وهذا يعني أن قطاع المشروعات متناهية الصغر في حالة نجاح دعمه وتمويله سيساهم بحوالي 35% من الناتج المحلي السوري وهي نسبة مهمة جداً في حال تم ضمان استمرارية ونجاح هذه المشروعات سواءً الزراعية أو الصناعية أو الحرفية أو التجارية والخدمية.
المشكلة في هذا النوع من المشروعات هي غياب التأثير النوعي للدعم وصعوبات التأسيس وممارسة الأعمال وضعف التمويل وتواضع الخدمات المطلوبة لمثل هذه المشروعات المتوزعة على مساحة الجغرافيا السورية رغم أنها الأجدر بمثل هذه الخدمات من المشروعات الكبيرة.
أدى صدور القانون رقم /8/ الذي سمح بإنشاء مصارف التمويل الأصغر اختراقاً كبيراً على صعيد منظومة دعم وتمويل هذه المشروعات ولكنه غير كافي إذا لم يكن هناك نظرة شمولية لآليات الدعم والتشجيع لتتناول جميع مراحل تأسيس مثل هذه المشروعات وممارستها ابتداءً من (الفكرة- الترخيص- التسجيل – حماية الملكية- الضريبة- تسجيل العمال) .
المشروعات الصغيرة كانت موجودة قبل الثورة عام 2011 وأصبحت بعد التحرير أكثر أهمية وضرورة وبخاصة لتوليد دخل جديد للأسر والأفراد ضعيفي الدخل وهذه المشروعات لا تتعارض مع وجود مشروعات متوسطة وكبيرة تتناول مشاريع إستراتيجية وإنتاجية لإعادة الإعمار والتجديد والتكامل يفترض أن يزداد بينهما عبر العناقيد الصناعية والتجارية والخدمية.
القاعدة تقول أنه ليس هناك حاجة لتوزيع الأدوار بل يجب إعطاء المهمة لمن يستطيع أداءها بأكبر قدر من الفاعلية والإنتاجية، ولكل حجم من المشروعات دوره وأهميته على مستوى القطاع أو المنطقة الجغرافية أو الانتشار السكاني والتخطيط الإقليمي أساس مهم في ذلك.
إن توسع القطاع الخاص غير المنظم خلال الأزمة كان نتيجة لظروف الحرب والنزوح أولاً ولكنه أيضاً كان نتيجة صعوبات الترخيص والتسجيل القانوني لمثل هذه المشروعات والشروط التي يتم وضعها لترخيص كل مهنة أو حرفة أو نشاط.
تعاني المشروعات متناهية الصغر والصغيرة من تحديات كبيرة تحد من انطلاقتها وهذا ما نلمسه بمشاركتها التنموية غير الكبيرة حتى الآن.
هناك مجموعة من مفاتيح النجاح لهذه المشروعات على المستوى المحلي لابد من التركيز عليها قبل البدء برسم اللوحة الشمولية لهذا القطاع وتحليل ارتباطاته مع بقية القطاعات والجهات:
1. الإسراع بوضع إستراتيجية لهذا القطاع لتحديد الرؤية المستقبلية ووضع الأهداف متوسطة وطويلة المدى وبدائل السياسات ومن ثم البرامج والمشاريع الداعمة.
2. تفعيل دور الإدارات المحلية في المدن والبلدات والمحافظات السورية لتكون مركزاً لإجراءات التراخيص والسجلات لجميع المشروعات تسهيلاً للوقت والجهد والتكلفة.
3. الاستفادة من الانتشار الجغرافي لغرف التجارة والصناعة والزراعة والسياحة في /14/ محافظة سورية لتكون مرجعاً استشارياً وتدريبياً ومعلوماتياً لهذه المشروعات في أماكن توضعها (يوجد دراسة مستقلة عن هذا الموضوع).
4. التركيز في عمليات التمويل على ضمانة الفكرة والجدوى الاقتصادية الحقيقية وتحليل التدفقات النقدية الداخلة للمشروع.
5. اعتماد معاملة ضريبية داعمة لهذه المشروعات.
6. التركيز في عمل الجهة الرسمية المسؤولة عن المشروعات على التخطيط وإعداد الإستراتيجيات وتفويض الجهات الأهلية بتقديم الخدمات المباشرة بإشرافها.
7. تنويع صيغ التمويل لتشمل التمويل الأصغر الإسلامي عبر إصدار قانون خاص به وتشجيع الغرف والاتحادات والجمعيات على المشاركة في تأسيس هذه المصارف.
8. لا يمكن إلغاء اقتصاد الظل والمشروعات القائمة فيه دون توسعة المناطق المنظمة ضمن مخططات المدن والبلدات بالإضافة لتسهيل تأسيس وممارسة الأعمال كلفةً ووقتاً وجهداً.
9. تخفيض تكاليف وأعباء القروض الصغيرة بالنسبة لأصحاب المشروعات عبر إعادة خصم الفوائد من قبل البنك المركزي وتحمله للفروقات ما بين تكلفة الفوائد المصرفية ومعدلات الإقراض الفعلية.
10. الاستفادة من الانتشار الجغرافي للمصارف الحكومية المختصة بالتمويل الصغير (التسليف الشعبي- توفير البريد) لتكون حواضن لمؤسسات تمويل وفق القانون /8/ وفق صيغ تعاقدية وإعادة دراسة أساليب التمويل المعتمدة والضمانات المطلوبة ودراسة الأثر الاقتصادي والاجتماعي لهذه القروض.
11. إعادة هندسة العمليات لجميع الإجراءات التنظيمية الحكومية المتعلقة بإنشاء وممارسة الأعمال الصغيرة وإلغاء ما يمكن إلغاؤه وتبسيط الإجراءات ومن ثم العمل على أتمتتها وإتاحتها لأصحاب المشروعات بصورة إلكترونية.
12. دراسة الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشاريع المنفذة على المستوى القطاعي والجغرافي .
13. وضع قائمة تأشيرية للمشروعات حسب المناطق والقطاعات وفق قواعد التنافسية وتوفر المقومات الأساسية لنجاح المشروع.
لم تعد المشروعات الصغيرة لغزاً محيراً بل أصبحت وفي أغلب دول العالم رهان النجاح الاقتصادي.
رابعاً: نتائج ومقترحات (الحالة السورية):
1-لا يوجد منظومة دعم كافية لإنشاء المشاريع الريادية الناشئة الجديدة من ناحية (التمويل-المعلومات-الاستشارات-التدريب-الضرائب-...) 2-الاستثمار بجميع أشكاله وقطاعاته (زراعي-صناعي-خدمي-..) هو محدد إعادة انطلاق الاقتصاد السوري وتخطي مرحلة التعافي المبكر وصولاً لمرحلة الانتعاش. 3-قوانين الاستثمار رغم المزايا الكبيرة التي تتضمنها إلا أن مناخ الاستثمار يحتاج لبيئة تشريعية ومالية وضريبية وتجارية وجمركية (مرحبة –غير معقدة –غير مكلفة –مرنة-).
4-الاقتصاد السوري بحاجة لخارطة استثمارية مؤثرة ليس على المستوى الجغرافي أو القطاعي وإنما على مستوى أولويات هذه المشاريع ما بعد التعافي المبكر. 5-يوجد علاقة متينة ذات دلالة ما بين جودة ودقة دراسات الجدوى وما بين كفاءة استخدام رأس المال للمشروعات الاستثمارية (التخصيص الأمثل للموارد). 6-معدلات الخصم المرتفعة المستخدمة في قياس القيم الحالية للتدفقات الاستثمارية الداخلة والخارجة تعمل دور الكبح على مستوى تنفيذ الفرص الاستثمارية وعلى مستوى إقراض أو مرابحة المصارف التقليدية والإسلامية.
7-لم تصل دراسات الجدوى الاقتصادية لأن تكون الوثيقة الأساسية لضمان التمويل بجميع أشكاله بعد إعادة تحليل الدراسة من قبل جهات التمويل المختصة. 8-الطاقات الإنتاجية غير الكاملة لأغلب المشاريع الاستثمارية الحالية في سورية بفعل نقص (الطاقة والمواد والعمالة) لا تمنح المشروعات اقتصاديات أو وفورات الحجم الكبير ويجعل من مؤشرا التعادل الحرج مرتفعاً مما يزيد من تكاليف الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار وصعوبة المنافسة محلياً وخارجياً.
9-نتيجة تأثر الانفاق الاستثماري بالتحولات والتنبؤات غير المضمونة فإن انخفاض ثقة المستثمرين سيؤدي إلى تدني هذا الانفاق وبالتالي إلى انخفاض دخول العاملين وخفض إنفاقهم الاستهلاكي مما يؤدي إلى تدني مستويات التشغيل وإلى انخفاض الدخل الكلي والإنتاج بمقدار أكبر من الانخفاض الذي حصل أصلاً في الانفاق الاستثماري (وهنا أثر المضاعف السلبي في الاقتصاد السوري). 10- حالة وجود المتناقضين (الركود التضخمي) يشكل حائط صدد سلبي لإقامة المزيد من المشروعات الاستثمارية في الاقتصاد السوري. 11-أهمية التحكم بمستويات التضخم غير المسبوقة في سورية من خلال سياسات وإجراءات مباشرة لضبط (الكتلة النقدية-أسعار الفائدة-التمويل بالعجز-الإنفاق العام...).
12-لا معنى لأية سياسات اقتصادية أو مالية أو نقدية أو تجارية إذا لم تؤد في النهاية إلى تحقيق معدلات أعلى من الدخل الفردي الحقيقي، فالسياسات ليست مطلوبة لذاتها بل لهدف أكبر وهو تحسين مستويات المعيشة. 13-تمتين الروابط والتناغم ما بين السياسة النقدية والمالية والسياسة الاقتصادية من خلال تفعيل أضلاع المربع السحري (ضلع تحقيق معدلات نمو مرتفعة-ضلع استقرار سعر الصرف-ضلع توازن ميزان المدفوعات). 14-من مقترحات تخفيض معدلات الخصم للقيم الحالية تخفيضات ضريبية للمشاريع القائمة والجديدة لرفع القيم الحالية للتدفقات الداخلة وكبح جماح التضخم بعد التحكم بالكتلة النقدية المطروحة في التداول.
15-السياسة المالية مطلوبة لتشجيع قيام استثمارات جديدة وضمان عدم إغلاق وهجرة المشروعات ورؤوس الأموال. 16-إعادة هيكلة القطاع العام الصناعي والخدمي ليصبح على أسس أكثر اقتصادية وهو بذلك يشكل محركاً ذاتياً جديداً للنمو الاقتصادي. 17-المشروعات الصغيرة خزان الاستثمار السوري وهي تفتقد لرؤية استراتيجية لمنظومات الدعم والرعاية والتمويل. 18-تشجيع إنشاء الصناديق الاستثمارية التي تتماشى مع مدخرات أصحاب الدخول الفردية لإنهاء حالة المضاربة غير الإنتاجية.
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=131&id=202698