الوصية الضائعة ..!!
10/04/2008



علي محمود جديد

 يبدو أنّ البطالة ماتزال تصطف في آخر الاهتمامات ، فالنمو الاقتصادي من أفضل مايكون والفقر إلى تقهقر وانحسار ( دردريّاً على الأقل ) والاستثمارات على قدم وساق ، ولم ينسَ السيد عبدالله الدردري ، نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ، أن يوصي مجلس إدارة هيئة الاستثمار السورية خيراً بالمستثمرين ، خوفاً عليهم من أن يجرح شعورهم أحد ، فهم رقيقون أكثر من الرقة ذاتها ، ومتعودون على ريش النعام ، والرفاهية والكلام الجميل ، يحملون سحراً عظيماً ، فالكل يبتسم لهم ، ولاأحد يزعجهم أصلاً ، وهم من النوع الذي ( شو ماحكوا بيضحكوا ) هكذا ياسبحان الله ، كلامهم قريب إلى القلب ، ونحن بالفعل هكذا نراهم ، لأنهم سعداء دائماً ، ولانجدهم إلا بأجمل حالاتهم ، فمالنا .. وما لكيف كانوا ..؟ مالنا .. وما لكيف أتوا بأموالهم ..؟ فالذي قد فات فات .. والذي من بعده قد مات .. مات ، نحن أبناء اليوم ، ونتطلّع لممارسة بنوّة الغد ، والأمس الذي انقضى ، لن يعود يوماً ، لذلك علينا جميعاً ( وفوراً فائراً ) أن نهتم بالمستثمرين إلى أبعد الحدود ، ودون تذمُّرٍ ولاتردد ، ونحن هكذا لانتذمر ولانتردد لجهة الاهتمام بهم ، وتغنيجهم .. وإسداء المحبة لهم .. وبلا حدود .

 هذه الديباجة كلها ، لنقول : إنّ السيد عبدالله الدردري ، معه كل الحق في أن يوصي هيئة الاستثمار السورية بضرورة الاهتمام بالمستثمرين ومتابعة شؤونهم وتقديم التسهيلات اللازمة لهم بغية مساعدتهم على إقامة مشاريعهم ضمن الخطط والبرامج الزمنية المعدة لها مؤكداً أهمية وضع الأسس والمعايير المتعلقة بالاستثمار لتبسيط الإجراءات وتسهيلها بالإضافة إلى أهمية تتبع تنفيذ المشاريع وتذليل العقبات التي تعوق تنفيذها واستمرار عملها والقيام بكل النشاطات الترويجية لجذب الاستثمارات وتشجيعها بما في ذلك إقامة الندوات والمؤتمرات ، التي قد تساهم في لفت انتباه المستثمرين ، إلى العناية الفائقة التي نحن بأتم الجاهزية لأن نوليها لهم .

 ولكن سؤالنا ( الغليظ ) الذي لم نستطع أن نجد له جواباً ، هو : لماذا لم يتوجه الدردري بوصية أخرى للمستثمرين ، يُشير لهم فيها إلى أننا في سورية نعاني من شيء اسمه ( البطالة ) لعلهم لايعرفون ذلك ، هم أوادم وحبّابون ورقيقون ، وينهبون البلاد بالطول وبالعرض .. أو .. عفواً .. أقصد يُنمّون البلاد ، فلماذا يضنّون علينا بفرصة عمل ..؟!.

 في الاجتماع ذاته الذي ترأسه السيد الدردري ، لهيئة الاستثمار السورية مؤخراً ، جرى استعراض لمجمل الاستثمارات في سورية ، المسجلة خلال الربع الأول من العام الجاري ، وتبين أن المشاريع الاستثمارية المشملة ، بمرسوم تشجيع الاستثمار خلال هذا العام قد وصلت إلى / 43/ مشروعاً في مجالات صناعة الأقمشة والنسيج ومواد البناء والنقل والمنتجات الطبية - ماشاء الله - والمعدنية والصناعات الكيماوية والدهانات والصناعات الغذائية وتربية وتسمين المواشي بقيمة إجمالية تقدر بحوالي 52 ملياراً و357 مليون ل.س وتؤمن هذه المشاريع 3938 فرصة عمل جديدة.

 مامن شك بأنّ هذا الكلام جيد استثمارياً ، ولكنه غير ذلك لجهة توفير فرص العمل لمن لايعملون ، أو للعاطلين عن العمل ، وبدتْ مشكلة البطالة كأنها من المشاكل المُحيَّدة جانباً ، ومن المشاكل الهامشية التي يجري علاجها هكذا كتحصيل حاصل ، وكيفما اتفق ، إذ لايلوح بالأفق إطلاقاً ، أية استراتيجية واضحة لمعالجة هذه الآفة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة ، لدرجة أنَّ الإعلان عن استقطاب هذا العدد القليل من فُرص العمل ، لصالح تلك الاستثمارات الضخمة ، التي سُجِّلت خلال الربع الأول من العام الجاري ، لم تلفت انتباه أحد ولاحتى النائب الاقتصادي ، فمرَّ الإعلان عنها مرور الكرام ، ولكن من غير المعقول إطلاقاً أن تعجز أكثر من / 52 / مليار ليرة سورية ، عن إنتاج أكثر من / 3938 / فرصة عمل ، وهذا يعني أنَّ كل مليار ليرة ، سوف تنتج / 75 / فرصة عمل تقريباً فقط ..!! وهذا عدد قليل ، كان من المتوجب الوقوف عنده أكثر ، وما كان للسادة المستثمرين ، أن تَنْفَتِقَ حساسياتهم الرقيقة ، لو أنَّ مجرد انتباههم قد جرى لفته ، إلى أنكم نزلتم أهلاً ووطئتم سهلاً ، ولكن عندنا مشكلة إسمها ( البطالة ) وتحتاج إلى جهودنا جميعاً ، وجهودكم يا شباب ، فنحن لم نُقصِّر معكم .. فلاتُقصِّروا معنا



المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=227

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc