بدأت علاقتي مع عصام داري خلال الأيام الأولى لصدور مجلة تشرين الأسبوعي، ومع أن العلاقة لم تتجاوز إطارها المعتاد لزملاء مهنة واحدة، إلا أنه لم يتردد في العام 2001 من ترشيحي لإحدى المطبوعات الخاصة التي كانت على موعد مع الصدور في ظل الانفتاح الذي بدأ يشهده القطاع الإعلامي، انطلاقا مما أسماه آنذاك حدسه المهني بقدرتي على القيام بالمهمة... ومنذ ذلك الحين أخذت العلاقة تأخذ حيزا شخصيا طبعته حميمية العمل في صحيفة تشرين، التي هي أقرب لأسرة واحدة يختلف أفرادها إلا أنهم لا ينكرون صلة القرابة التي تجمعهم... ومع تسلم الزميل عصام مهمته كمدير تحرير للشؤون السياسية وتكليفه إدارة الصحيفة بعد تعرض الدكتور خلف الجراد لأزمة صحية عابرة،بدأت ألمس فيه الجانب المهني العميق الذي جعله يقف في صف محرر مدافعا فيما كان المحرر يمر من جانبه في ممر الصحيفة دون أن يكلمه أو حتى يسلم عليه، وهذا ما شكل فيما بعد ضمانة حقيقية لجميع الزملاء في الصفحة الاقتصادية عندما تسلم رئاسة التحرير مع بداية العام 2007.... فالصفحة الاقتصادية التي حاولت منذ انطلاقتها الجدية مع الزميل عبد الفتاح العوض تأسيس هامش خاص من الحرية والحرفية وطريقة العمل والأداء، كان يلزمها في سعيها هذا مساندة جدية من رئيس التحرير وهذا ما وجدته لحسن الحظ مع جميع رؤساء التحرير الذين تعاقبوا على الصحيفة...سواء مع محمد خير الوادي أو د. خلف الجراد وانتهاء بعصام داري... طيلة عامين من رئاسة الزميل عصام داري لرئاسة تحرير تشرين لم ترفض مادة واحدة في الصفحة الاقتصادية، أو يشطب عنوان واحد، أو تفرض مادة على رئيس القسم لنشرها، أو يطلب إبراز فلان على حساب فلان.... طيلة عامين واجه عصام داري العواصف والانتقادات من مختلف المستويات لجهة ما سماه البعض"الحرية التي أعطيت بلا حدود"...و رغم كل ذلك لم يرض يوما أن يحمل محرر ما أو رئيس القسم المسؤولية، بل كل ما في الأمر أنه كان يضعه في صورة ما حدث... طلب منه إيقافي عن الكتابة والعمل التحريري بشكل دائم..فناقش وطلب و أصر على عدم صحة القرار، لتكون العقوبة في النهاية إيقافي عشرة أيام فقط!!. هددني البعض بالسجن، فكان جوابه أن يرفق اسمه معي لنكون نزلاء زنزانة واحدة فيما لو تم رفض الاحتكام لقانون المطبوعات... لا أنكر أنني في بداية تسلمه واجهت حملة لم أعرف من كان يدبر مكائدها و يزيف معلوماتها للحد من نجاح الصفحة الاقتصادية واستقلاليتها، فكان أن أطلق البعض عبارة استوحاها من شعارات ما كان يقال في ذلك الوقت عن وضع حزب الله، من أن الصفحة الاقتصادية تحولت لـ" دولة داخل الدولة" تعبيرا عن استقلاليتها وعدم خضوعها لتقلبات أمزجة البعض!!. يغادر عصام داري "تشرين" التي عمل فيها منذ التأسيس ورافق نشوة العز التي عاشتها تشرين مع انطلاقتها وجعلتها إحدى أهم ثلاث صحف عربية، دون أن يغادر دائرة التميز والإبداع في التحليل والتعليق السياسي... أقول شكرا لعصام داري (دون ألقاب لأنه ظل وهو رئيس تحرير لا يغادر الجريدة ظهرا إلا ويمر على الدائرة ليسلم فرديا على كل شخص فيها معتبرا نفسه صديق وزميل لا أكثر) هو يغادر تشرين على كل ما فعله وما صدر منه من مواقف حيال ما نشرته أو نشره الزملاء في الصفحة....أترانا خسرنا.......
زياد غصن
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=242