أصبح شيئاً مملاً حقاً ...أن تلجأ بعض شركات الإنتاج ومخرجيها إلى المتاجرة باللهجات المحلية في بعض المناطق عبر بناء عمل درامي عنصر القوة الوحيد فيه هو اللهجة "إن كان عنصر قوة فعلاً".
وهو ما يبدو واضحاً في مسلسل قمر أيلول الذي وقع علي شاهين على إخراجه على الرغم من أن علي شاهين معروف لدينا بأنه ممثل في الأساس رغم قلة ظهوره لدرجة حاجتك إلى عبارة (وشك ولا ضو القمر) عندما يظهر في عمل.
وعلى الرغم من أن أم نديم أقدم كنة من بعبدة جاءت إلى دوير بعبدة بسبب صلة القرابة التي تجمعها مع علي شاهين وهو من بعبدة فإنها مصرة على وصفه بأنه أهم ممثل في سورية إلا أنني سأخالفها هذه المرة وإن عصبت علي فهي "جدتي" (والله يعينو يلي بتزعل منه أم نديم)
المهم طوال الوقت وأنا أشاهد قمر أيلول الذي صورت أغلب مشاهده في ضيعتنا "دوير بعبدة" وبعض القرى المجاورة...ثمة سؤال كان يلح علي...لماذا لم يلجأ شاهين إلى إبراز مواطن جمال الطبيعة في هذه القرى والتي تكاد تكون قطعة من الجنة من الدوير إلى بعبدة إلى وادي القلع والدالية فثمة سحر وتناغم في الطبيعة أشبه بالخيال وفي الحقيقة يمكن تعميم هذا الوصف على أغلب القرى الممتدة على طول الجبال الساحلية وصولاً إلى الحدود التركية.
وسألت نفسي أكثر من مرة لو أن شاهين أعطى المشاهد الطبيعية نصف ما أعطاه "لبرندة" فيلا الدكتور حيان سليمان التي ظهرت في المسلسل على أنها لفيلا الخاصة بزهير رمضان في العمل الحالة الاستثنائية التي غادرت القرية مغموسة بالفقر وعادت مغموسة بالمال..
أو على الأقل حبذا لو قام شاهين بتوسيع عدسة الكاميرا لتأخذ الإطلالة الساحرة للبرندة على السهول الساحلية والبحر..ولكن لم يكن ذلك ما يشغل شاهين الذي رأى أن إدارة النص باللهجة المحلية لسكان تلك القرى هو أهم ما في الأمر موقعاً نفسه في سطحية كان من الواجب عدم الوقوع بها لأنه يدرك أن أهالي تلك القرى أناسٌ مكافحون عاشقون لأراضيهم وحقولهم ولقراهم ...وأدركوا منذ البداية أن التعليم هو السلاح الأمضى لمواجهة الحياة بدليل ارتفاع نسبة المتعلمين والحاصلين على الشهادات الجامعية فيها وتراجع الأمية إلى حدودها الدنيا إن لم تكن قد اختفت تماماً...لذلك كان الأجدر أن يتحدث عن تفاصيل أكثر واقعية وقرباً من حياة سكان تلك القرى بلا استثناء ومحاولة الاقتراب من قضاياهم ومشاكلهم..
وفي كل الأحوال فإن شاهين الذي أراد أن يبني عمله على لهجة سكان تلك القرى لم يكن موفقاً في نسج خيوط حكاياه الكثيرة في المسلسل وجاء مروره على الأفكار المطروحة بما في ذلك قصة الحب الرئيسية مروراً سطحياً وجاءت القصص هلامية وغير مكتملة لينتهي قمر أيلول فجأة ...فلم نعرف لماذا مات الرجل تحت السنديانة ولم نعرف ماذا حدث لأبطال القصة لينهي مخرجنا العظيم الأحداث بلا أي أثر يذكر..
إلا أثر واضح يقول بأن خصوصية أهالي سكان تلك القرى لا تأتي من لهجتهم وهي ليست مثار للسخرية وللبناء الدرامي وخصوصيتهم تنبع من انتمائهم للأرض التي يعيشون عليها وحرصهم على حياة كريمة.
هيام علي
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=250