لمن تقرع الأجراس في حلب
17/10/2009



بقلم لارا السيد

لمن يجب ان تقرع الأجراس في مدينة حلب عاصمة النسيج السورية (  بالإذن من الروائي العالمي أرنست همنغواي )  و من يتحمل مسؤولية التراجع الخطير في حجم صناعة النسيج والملابس و على الأخص صناعة الملابس ذات القيمة المضافة الأعلى  .

إن ما دفعني إلى كتابة هذ ا المقال هو هذا  التراجع  في صناعة الملابس  الذي يلمسه وبشكل يومي مركز تطوير صناعة النسيج والملابس في مدينة حلب

 وهو مركز خدمي غير ربحي  تأسس بالتعاون بين غرفة صناعة حلب و منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية منذ عام 1997 ، و قام بتدريب و تأهيل ما يزيد عن 700 متدرب في مختلف المجالات المتعلقة بصناعة الألبسة ،و مؤخراً حصل على دعم إضافي من منظمة الأمم المتحدة نظراً للتميز الذي حققه في مستوى الخدمات المقدمة.

  فعلى الرغم من الدعم غير المشروط و غير المحدود - بكافة أشكاله - الذي تقدمه غرفة صناعة حلب لهذا المركز ، من البحث عن إقامة العلاقات العلمية و الاقتصادية مع مختلف الهيئات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ، و منظمة الجايكا اليابانية ، و مختلف السفارات و البعثات الاقتصادية و الثقافية .

إن ما يشهده المركز من عزوف  الصناعيين عن الاستفادة من خدماته إنما يدل على إحجام هؤلاء الصناعيين عن البحث عن سبل تطوير صناعتهم،  و تراجع اهتمامهم بكل ما يدفعهم إلى التوسع و التقدم بهذه الصناعة .

تم الإعلان في شهر تموز الماضي في مركز تطوير صناعة النسيج و الملابس عن دورة في ( تأسيس نظام الجودة في مصانع الألبسة ) بالتعاون مع خبراء منظمة الجايكا اليابانية .

بعد القيام بزيارات ميدانية إلى عدد من الشركات في مدينة حلب ، كان الهدف منها شرح ضرورة الاهتمام بتأسيس نظام للجودة يضمن تلبية متطلبات الأسواق العربية والأوروبية وبالتالي يضمن استمرارية عمل هذه الشركات .

 حيث تضمن برنامج هذه الدورات العديد من المبادئ الأساسية المتبعة في اليابان و الدول المتقدمة ، و كانت المفاجأة عند زيارة هذه الشركات رؤيتنا للعديد من الآلات متوقفة عن العمل .

في أحسن الأحوال كانت هذه الشركات تعمل بأقل من نصف طاقتها الإنتاجية ، بل أحياناً بربع طاقتها الإنتاجية .

من يتحمل مسؤولية هذا الحال ، هل يجب أن نلوم الصناعي الذي بدا السأم واليأس واضحاً على محياه من جدوى الاستمرار بهذه الصناعة ، بعد توجه العديد من زملائه الصناعيين سواء في مدينة حلب نفسها أو في باقي المدن السورية إلى الاستيراد من الصين .

و تحويل صالات الإنتاج إلى مستودعات للبضائع المستوردة ، وتسريح العمال إلى مصير مجهول ينتظرهم و ينتظر أطفالهم .

 هل نلوم الصناعي على تقاعسه عن مواكبة التطورات التكنولوجية ، و تبني الطرق العلمية في الإنتاج ، و حساب التكاليف و التسويق المبني على المتطلبات الفعلية للسوق.

 أم نلوم الجهات الأخرى التي فتحت أبواب الأسواق المحلية على مصراعيها للبضائع المستوردة في غياب تنظيم انتقال تدريجي ،  وفي غياب  قوانين و تشريعات تلزم الصناعي السوري بإتباع الوسائل العلمية التي تحمي هذه الصناعة و تحمي الشريحة الأكبر من العمالة السورية .

( تزيد نسبة العمالة في هذا القطاع عن 18% من إجمالي اليد العاملة في سورية )

أم نلوم الأزمة الاقتصادية العالمية و ما خلفته من آثار على القطاع الصناعي العالمي بشكل عام .

قد يقول قائل ألا تكفي سنوات الحماية الجمركية الطويلة التي تمتع بها الصناعي السوري...

 و ألا يكفينا نحن المواطنين سنوات طويلة من تحكم المنتجين بمستوى الجودة و الأسعار التي يفرضونها علينا ....

 الحق معكم ، و لكن ماذا عن الشريحة العاملة في هذا القطاع و التي يقارب عددها ربع إجمالي اليد العاملة في سورية (  أكثر من 50% من سكان مدينة حلب )   

كيف سينفقون في حال توقفت هذه الصناعة أو تباطأت .

هل ينفع الآن إلقاء اللوم على هذا الطرف أو ذاك أم أنه وقت تضافر الجهود من جميع الأطراف صناعيين و جهات حكومية و مواطنين ، لحماية صناعتنا الوطنية و الأخذ بيدها إلى  طريق  الأمان.:

 الأمان لعمالها و لصناعييها تجنباً لضياع فرص عمل موجودة فعلياً لا يستهان بها ،  لن تعني خسارتها سوى المزيد من اليد العاطلة عن العمل،  و المزيد من الأفواه الجائعة التي تبحث عن لقمة العيش .

 



المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=283

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc