سلامُ عَلَيْكم..
19/10/2009



عندما ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما كلمته في مصر في الرابع من حزيران الماضي وخاطب الحاضرين بكلمة السلام عليكم، صفق له السذج منهم بل وهتف أحد الحضور لأوباما قائلاً: (نحن نحبك)، وكأن في كلمة السلام عليكم سحراً أمريكياً حقق أو كاد يحقق السلام في منطقة الشرق الأوسط، منهياً الصراع الطويل بين المحتل الإسرائيلي والعرب أصحاب الأراضي المحتلة في المنطقة.

يومها أعاد الرئيس الأمريكي ما سبق أن طرحه في (فيلادلفيا) عندما تحدث عن العراق وأظهر ألمه من فقدان الثقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض بلدان العالم المسلمة، حين قال: (إن التحدث بصراحة عن قضايا خلافية مؤلمة من شأنه بناء الثقة، بينما في الوقت نفسه، يؤدي إلى رقينا وتنويرنا جميعًا، وإن كلمة واحدة لن يمكنها القضاء على مشاعر الغضب وعدم الاحترام والشكوك المتبادلة التي تراكمت على مر السنين بين الولايات المتحدة والمجتمعات المسلمة في جميع أنحاء العالم).

وكرجل سلام كما حاول أن يبدو فقد أشار إلى محرقة اليهود ومعاناة الفلسطينيين موحياً بأنه المخلص لهم وللمنطقة فيما لو تعاونت جميع الأطراف المتصارعة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، دون الإشارة إلى حقيقة وجود مُحتل لأراضي الغير، وإلى حق الغير باستعادة تلك الأراضي، فأظهر المشكلة وكأنها صراعٌ على أراضٍ مختلفٍ عليها، وليست محتلة بالقوة والقهر.

ورغم ذلك فقد صفّق له السذج من الناس، في حين وجد فيه بعضهم رجلاً للسلام، إلا أن من تابع خطاب الرئيس باراك أوباما في اجتماعه مع منظمة (إيباك) الصهيونية في حملته الانتخابية يكتشف أن كل ما جاء على لسانه في كلمته التي ألقاها في مصر لم يكن إلا ذر رماد في العيون، فقد أطلق وعوداً لصهاينة الولايات المتحدة و(إسرائيل)، لا تخرج عن الاستراتيجية الأمريكية التي أعلن عنها سلفه جورج بوش.

أطلق الرئيس أوباما لنفسه العنان عندما صفّق له صهاينة الولايات المتحدة طويلاً قبل أن يبدأ بخطابه، فأعلن أن القدس ستبقى عاصمة أبدية لـ(إسرائيل) ولن تقسم، مما شجّع (إسرائيل) بعد ذلك القيام بتهجير عوائل من القدس والاستيلاء على ممتلكاتها، ووعد بالدفاع عن (إسرائيل) بقوله: (سوف أدافع دوماً عن «إسرائيل» في الأمم المتحدة وحول العالم)، مما دفع الخارجية الأمريكية بالتصريح بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستستخدم حق الفيتو ضد أي قرار يصدر بخصوص (تقرير غولد ستون)، وطالب حماس بالاعتراف بحق (إسرائيل) في الوجود مع تشديده على ضرورة استمرار حصار غزة، والطلب من مصر أن تمنع تهريب أي سلاح إليها، في حين ضمن كفاءة القدرة العسكرية الإسرائيلية، واعتبر أن الدفاع المشترك بين (إسرائيل) وأمريكا مثالاً للنجاح يجب أن يعمق، وذلك بإشارة منه لدول المواجهة بأن أي حرب قد يقومون بها لاسترجاع حقوقهم وتحرير أراضيهم ستكون مع الولايات المتحدة و(إسرائيل) معاً، وفي هذا تهديد مبطن لا فرق بينه وبين تهديدات سابقه جورج بوش، إلا بطريقة إطلاقه والالتفاف على الكلمات والجمل، وإشارة منه لموافقته على ترحيل عرب (1948) من بيوتهم إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة حين قال: (أي اتفاقية يجب أن تحترم هوية «إسرائيل» كدولة يهودية) وبذلك خرج عن علمانية الدولة الأمريكية ذاتها من أجل (إسرائيل).

إن قراءة ما سبق يعني بأن السلام الذي يطرحه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، هو السلام الذي لا يحقق أي مصلحة للعرب، بل مكاسب إسرائيلية أقلها التطبيع مع العالمين العربي والإسلامي، وبالتالي هو يعرف سلفاً أن سلاماً كهذا مرفوض عربياً و يعني أيضاً أنه لا ينشد السلام لا هو ولا حليفته (إسرائيل).

إن كلمة السلام عليكم التي سبق أن أطلقها في حزيران الماضي في مصر، لن تحقق سلاماً لكنها ـ على مايبدو ـ ساعدت على منحه جائزة نوبل دون أن يحقق أي سلام في أي منطقة في العالم إلا على المستوى اللفظي، أو لنقل وعوداً بالعمل لتحقيق السلام.

أيمن الدقر –أبيض وأسود

 



المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=285

Copyright © 2006 Syria Steps, All rights reserved - Powered by Platinum Inc