خرج جان بول ثل العضو التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط في شركة (KPMG) من لقاء جمعه مع نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري ليقول إنه لمس مؤشرات مهمة مفادها أن انفتاح الاقتصاد السوري على العالم يؤكد أن سوريا تسير بخطوات ثابتة لتطوير اقتصادها وعلاقاته مع الخارج.
ثل الذي زار سوريا مؤخراً ممثلاً لإحدى أهم شركات المحاسبة الدولية برفقة حسام أمين فهمي رئيس إدارة العمليات ورئيس قطاع الاستشارات في المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وجنوب آسيا، وتحدث في حوار خاص مع (أبيض وأسود) أوضح أنه من خلال حواره ومناقشاته مع المسؤولين السوريين وجد أنهم واضحون ويملكون رؤية واضحة ومستقبلية عن الخطوات والأولويات التنموية والتحديات القادمة.
طمأنة الاستثمار:
يؤكد جان أن المرحلة التي يمر فيها الاقتصاد السوري سيكون فيها الكثير من التحديات، والتي من أبرزها أن المستثمر الخارجي أصبح ينظر إلى سوريا على أنها واحدة من عدة دول تتنافس على جذب الاستثمارات الأجنبية، ومن أجل ترسيخ هذه النظرة وجذب المستثمر الخارجي، فالموضوع لم يعد يحتاج لتغيير قوانين فقط، بل المطلوب أيضاً هو تغيير عقلية الإدارة والذهنية، إضافة إلى خلق قاعدة من الثقة والاطمئنان لدى المستثمرين الخارجيين، فالتطور الذي يحدث سواء أكان تطور قانوني أو أي تطور آخر هو تطور مستمر، لأن المستثمر يجب أن يرى أن القوانين في هذا البلد تحميه وتساعده و توحي له بالثقة.
وفيما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية التي يعتقد أنها مشجعة في سوريا قال جون بول إن افتتاح بورصة دمشق قبل عام وصدور قانون تنظيم مهنة المحاسبين القانونيين، إلزام الشركات المدرجة في البورصة والشركات المساهمة بنشر بياناتها المالية والإفصاح المالي وفق المعايير الدولية، السير في إجراءات الحوكمة وغيرها، كلها مؤشرات تؤكد أن سوريا تسير على الطريق الصحيح، والالتزام بمعايير المحاسبة الدولية والإفصاحات المالية عملية ليست بالسهلة، خصوصاً وأن عدة دول ومنها سوريا لم تكن معتادة على مثل هذه العملية، ومن الأمور الأخرى المهمة للحكومة السورية حتى تستطيع جذب استثمارات جديدة العمل على تحسين ترتيبها في مؤشرات سهولة أداء الأعمال، وهي مهمة صعبة أيضاً، إنما تحمل معها نتائج كبيرة، فالمستثمر اليوم وقبل أن يتخذ قراره بالاستثمار في أي دول يطلع على أوضاع بيئة الأعمال في هذه الدولة أو حتى ومؤشرات سهولة أداء الأعمال فيها.
وتحدث عن إحدى اهتمامات الشركة بالسوق السورية، فقال أنه وبحكم مسؤوليته عن إحدى الإدارات المسماة بإدارة السوق الأوروبية، واهتمام الدول الأوروبية بالسوق السورية وتخصيصها لمحفظة مالية قدرها (7) ملايين يورو لمساعدة سوريا، فإن الشركة مهتمة بالمشاركة في هذا البرنامج، وطالما أن السوق الأوروبية مهتمة بالسوق السورية وتنظر بإيجابية لما يحصل فيها وتدعم خطوات التنمية، فذلك يعني أن الإصلاحات الاقتصادية التي تجري تحظى باهتمام الجميع.
الدعم بالتدريب:
وفيما يتعلق بوضع شركات المحاسبة الدولية ورؤيتها للقانون الجديد الخاص بتنظيم مهنة المحاسبة في سوريا والشروط التي تفرضها على ممارسة الشركات الدولية لمهنة التدقيق والمحاسبة في سوريا أشار العضو التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط في شركة (KPMG) إلى أن القانون خطوة مهمة وايجابية لتنظيم المهنة وللمساهمة في التطوير الاقتصادي في سوريا، وأهم شيء اليوم هو كيف سيطبق هذا القانون، فبعض مواده ستكون نتائجها مرهونة بكيفية التطبيق، فالجهة التي سوف يناط بها تطبيق القانون إما سوف تستخدم القانون كأداة لمنع دخول شركات التدقيق الخارجية أو لتشجيع دخولها والمساهمة بتنمية المهنة في سوريا.
وتابع حديثه فتطرق إلى طبيعة عمل شركات التدقيق الدولية خارج دولها، وتحديداً الشركة التي يمثلها، إذ أوضح أن دورها يكمن في دعم المكاتب المحلية، فهي لا تسعى نحو الربح ولا الاستعانة بأشخاص من دول للعمل في دول أخرى، بل إن خطتها تقوم على أن مكتب سوريا يجب أن يدار بكادر محلي وخبرات سوريا، والأمر ذاته ينطبق على جميع المكاتب الأخرى، بينما الشركة تدعمها بالمنهجية والتدريب والتأكد من دقة العمل وإتقانه، مردداً شعار (نحن نعمل ما يريدون).
وحول مساهمة الشركات الدولية في تأهيل وتنمية مهنة المحاسبة في سوريا لتتفق مع المعايير الدولية اعتبر أن جزءاً من المسؤولية تجاه الأعمال هو منح تدريب للمهنة والشركات، فالشركة تنظم حلقات بحث وحوار تشرح فيها التطورات الحاصلة في المحاسبة فالمعايير كالقوانين بحاجة لتوضيح وتفسير، وهناك إدارة متخصصة في المنطقة تعمل من أجل ذلك، وقريباً سوف تنظم الشركة حلقة نقاش حول قواعد المحاسبة الدولية.
وبعيداً عن الشأن السوري وفيما يتعلق بالشأن الاقتصادي الدولي، فقد نفى جان بول أن يكون لشركات التدقيق الدولية أية مسؤولية في الأزمة المالية العالمية وما تبعها من تداعيات مالية واقتصادية سلبية، معتبراً أنه لو كانت هذه الشركات مسؤولة في جزء ما فهي ستكون في آخر حلقات المسؤولية، فقبلها ستكون البنوك الرئيسية باعتبارها المسؤول الأول، ثم البنوك المسؤولة عن القروض، فصناديق الاستثمار، ولا ننسى شركات المحاماة.. إلخ.
فالمدققون والمراجعون ليسوا مسؤولين عن إدارة الشركات واتخاذ قرارات إدارية، فهم يعطون رأيهم حول القوائم كما هي، هناك بعض العملاء منفتحون ويسألونهم وهناك آخرون لا يفعلون ذلك، لذلك في نهاية العام يقولون لهم هذا صح وهذا خطأ، لكن بعد وقوع الحدث، مشبهاً وضع المراجعين بحال الناس الذين يحاولون منع وقوع السرقة لكنهم ليسوا مسؤولين عنها تماماً، والشركات تحاول بكل الطرق منع حدوث السرقات والأخطاء لكنها ليست مسؤولة عنها، فهناك حلقات أخرى كثيرة تتحمل المسؤولية قبل حدوث ذلك، والشركة التي يعمل بها لديها تتبع سياسة المنع لا الكشف، بمعنى أنها وقبل قبول أي عميل فهي تجري عنه دراسة واضحة ومفصلة لبيان وضعه وعلى أساس هذه الدراسة إما أن تقبل عرضه أو لا، وهذا حدث مع أكثر من عرض وصل للشركة.
ابيض وأسود
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=314