لا نستطيع الإنكار أن صباحاتنا مع الفضائية السورية صارت أخف وطأة.
على الأقل لم نعد نستيقظ على طعم الثوم الذي كان منير الجبان يقرمشه أمامنا ليثبت لنا فوائده السحرية، ولم نعد نشعر بذلك الانقباض الممض ونحن نستمع إلى طبيب، نهض من فراشه مبكراً وجاء إلى الاستديو مستعجلاً ليزف لنا هذه البشرى: إذا لم نمت بالسرطان فبالجلطة القلبية وإلا فبالسكتة الدماغية..
صباحات الفضائية صارت الآن أكثر مرحاً وأكثر إقبالاً على الحياة، مقدمة لنا عالماً شفافاً وحلواً للغاية، يتناوب على رسمه ضيوف ناعمون: مهندسة ديكور تشرح لنا الطرق العصرية لتصميم بيوتنا، وخبيرة حدائق تعلمنا تنسيق الزهور في حدائقنا، وصانع شموع يدلنا على أكثر شموعه رومانسية..
لكن هذا العالم تنطبق عليه العبارة الإنكليزية الشهيرة (Too good to be true) ويمكن ترجمتها بمعنى (جيد لدرجة لا يبدو معها حقيقياً).. إنه عالم هش وزائف، سرعان ما ينهار بعد أول متر نقطعه خارج بيوتنا.. مع أول رشقة ماء من سيارة مستعجلة، مع أول حفرة نسقط فيها، مع أول دعسة فرامل تلقينا في حضن سائق السرفيس..
برنامج الفضائية الصباحي لا يبدو موجهاً لنا، بل هو جزء من نشرات الأخبار الأجنبية التي توجهها الفضائية لغير الناطقين بالعربية في أماكن مجهولة من العالم!
........................................
منذ سنوات عصية على التذكر، والتلفزيون السوري لا يجد ما يعيّد به جمهوره سوى هذا: يطلق مذيعيه ومذيعاته في الصباح الباكر ليصطادوا رجالاً عابرين أو أطفالاً على الأراجيح، فيجلدونهم, على الريق, بالسؤال الأبدي: ماذا يعني لك العيد؟.. حتى بات الأطفال يمشون في الشوارع على قلق، ويلعبون في الحدائق بحذر، متوجسين من مذيعة تقفز من هنا أو هناك لتطلق في وجوههم هذا السؤال المرعب!
ولأن الزمن لا متناه, بينما السؤال واحد، فإن الإجابات تتكرر والأحاديث تتشابه، بل تتطابق وبالحرف أحياناً, فتبدو كشعائر قديمة نمارسها سنوياً دون أن نتذكر مناسبتها الأولى, وبالتالي مبررها.
ما هذا المعنى الخفي الذي ينطوي عليه العيد، ويبحث عنه التلفزيون منذ أربعين سنة، دون أن تتمكن ملايين الأجوبة التي حصل عليها من إشباع فضوله؟
في العيد يتضاعف الإحساس بوطأة التلفزيون السوري وبفداحة برامجه, فهنا يتضح تماماً أي خيال يملك، وأي حيلة.. أي أفكار وأي كوادر، أي خطط وأي مفهوم عن الترفيه...
سلمان عزالدين
نقلاً عن صحيفة الخبر
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=320