ثورة "شريبة العرق"
10/11/2006
لم أفهم على أي أساس، ولا على أية مرجعية، تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بتصنيف عمال المهن، وتحديد الحد الأدنى لأجورهم.
فمؤخراً.. وقع بين يديّ قرار لتصنيف عمال مهنة المشروبات الروحية للقطاع الخاص في محافظة دمشق وريفها، والحد الأدنى الذي تمّ اعتماده لأجورهم، فوضع هذا القرار تصنيفاً اسمه "طبّاخ رئيسي" ووصفته الوزارة في قرارها انه هو ذلك الذي يقوم بالإشراف على طبخ وتقطير العرق، وهو مسؤول عن نوعية الإنتاج في المواصفات الفنية، ومراقبة أجهزة التقطير. أما الحد الأدنى لأجره، فقد حددته الوزارة بمقدار 6141 ليرة سورية.
وفي القرار ذاته تم تحديد الحد الأدنى لأجر العامل العادي الذي يقوم بالاعمال التي لا تتطلب أية خبرة فنية، بمقدار 5335 ليرة سورية شهرياً!
أي أن الفرق في الراتب الشهري بين الطبّاخ الرئيسي، والعامل العادي هو فقط 806 ليرات سورية، وهذا غير معقول على الإطلاق، ولا يمكن فهمه!
فباعتباري من "شرّيبة العرق" أعرف جيداً وتماماً، ما الذي يعنيه هذا الطباخ الرئيسي من خبرةٍ وكفاءةٍ عالية في طريقة التقطير ودقتها ودقة مراقبتها، وفي مقدرته على إدراك فنيّة العملية وقوة النار التي يجب أن لا تزيد لا تنقص من تحت الحوجلة، فضلاً عن خبرته الشديدة في طعم العرق ونوعيته، فهو ذوّاقة من الطراز الرفيع، ولذلك لم يكن من المنطق إطلاقاً أن يوضع هكذا خبير، في صفٍ قريب جداً من صف العامل العادي الذي لا يفقه شيئاً في هذه الصنعة، مع احترامنا للجميع بطبيعة الحال!
نعرف أن ما تضعه الوزارة هو الحد الادنى، ليبقى الراتب الحقيقي مفتوح السقف عند رب العمل، وتبعاً للاتفاق بينه وبين الطباخ الرئيسي، غير أن مجرد هذا التصور الذي نراه صادراً بقرار عن الوزارة، فإنه يساهم في إضعاف موقف الطباخ، وفي تسهيل عملية الضغط عليه حتى يقبل بأجور غير منصفة.
لن نفرح كثيراً من الوزارة إن استطاعت بمثل هذا القرار أن تدفع بالأمور نحو الضغط على الطباخين الرئيسيين، الذين – إن حصل- لن يهتموا كثيراً، ولسوف تسوء مواصفات العرق!
مثل هذه المهنة الدقيقة، كان من المفترض رفع سقف الحد الأدنى لاجورها أضعاف ما هي عليه، أو حتى تركها دون تحديد من قبل أحد ليبقى الأمر محصوراً باتفاق ثنائي بين الطباخ نفسه ورب العمل، احتراماً للمهنية العالية، وتقديراً للخبرة والكفاءة المميزة
علي محمود جديد
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=50