فيما يبدي الفقراء استعدادهم الكبير و الدائم لبذل المزيد من الجهود و الأعمال المضنية , كي يتمكنوا من سدّ رمق الحياة من خلال تأمين دخلٍ – و لو ضعيف – فإنّ هذا الدخل لا يأتيهم و كأنّ الحياة , قد كشّ بدنها من جهودهم , و لا تستطيع إلا أن تلفظ أعمالهم القميئة فهي بغنى عن تلك الجهود و الأعمال و لكنها تبدو و كأنها ليست بغنى عنهم , لأنها لو فقدتهم فإنها لن تجد – بعد ذلك – من تستلذّ بعذابهم .. !! .
و هي إن عطفت عليهم و قبلت جزءاً أو حتى كلاً من جهودهم و أعمالهم – حتى و إن كانت مضنية - فإنَّ الحياة تصرّ بأن تقبل ذلك بأقلّ المداخيل , حتى يبقى الفقير فقيراً , و تبقى الحياة تستمتع بذلك الفقر ..!
إذن .. فيما يبدي الفقراء ذلك كله .. يحار الأغنياء ما الذي سوف يفعلونه حتى يزيدوا من تكديس أموالهم من دخلهم و أرباحهم , غير آبهين بالقول " ما جاع فقير إلا بما متّع به غني " فلا علاقة لهم بذلك فهم يمشون هنا بالسليم و الحلال إنهم يستثمرون , لا بل و يساعدون الاقتصاد الوطني و الخدمات الوطنية إنهم أرفع مستوى من الفقراء كلّهم فهم ينعشون الاقتصاد في الوقت الذي شكل الفقراء مؤشراً لجمود الاقتصاد , و انكساراً له ..
بين الحيرة التي تخيم على الأغنياء كيف سيستثمرون أموالهم و على الفقراء كيف سيكسبون فتاتاً من هذه الحياة .. هناك حكايا و قصص و روايات ..
و لا أدري كيف نبذل جهوداً من أجل تشجيع الأغنياء على الاستثمار و لا نبذل أي جهد – عليه القيمة – نشجع فيه الفقراء بفرصة عملٍ يلملمون فيها مياه وجوههم المبذولة ..
و مع تشجيع الأغنياء و فتح الأبواب أمامهم لا يجد الفقراء سوى الإحباط و سوى أنّ الأبواب توصد في وجوههم .. حتى صارت الدنيا بطولها و عرضها كزنزانةٍ لهم غير قادرين على الحراك .. !
شجعوا الأغنياء .. و لكن خففوا الوطأة عن الفقراء فإنّ الفقر لحملٌ ثقيل .
علي محمود جديد
المصدر:
http://syriasteps.net/index.php?d=160&id=54